برامج التواصل الاجتماعي وتأثيراتها السلبية..بقلم: أ. د. فيصل الشريفي
بالعودة إلى أيام دراستي الجامعية بولاية ميشيغان الأميركية، حيث لم يكن استخدام الحواسيب متاحاً للجميع، والهواتف النقالة حلم نسمع به ولا نراه، والحال تنسحب على الستالايت حيث كان من الترف، والمتاح الكيبل الأرضي وبقنوات محدودة، ومن يرد متابعة أخبار الوطن فليس أمامه إلا اقتناء جهاز الراديو ذي المواصفات الخاصة أو قراءة بعض الصحف التي تصلنا من الزملاء. اليوم العالم تغير بشكل كبير بعد أن أصبحت الهواتف الذكية وبرامج التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة الشعوب، فمن جانب يمكن الاستفادة منها بشكل إيجابي مسؤول بتحويلها إلى أداة للتعلم والمعرفة والتوثيق وتطوير الذات وتعزيز العلاقات الاجتماعية، ومن جانب آخر إذا ما أسيء استخدامها بشكل منحرف، فقد تؤدي إلى تأثيرات سلبية تنسحب على المجتمع، وقد تتسبب بمشاكل صحية ونفسيه لمن يصل معها إلى مرحلة الإدمان الإلكتروني. اليوم ومع التطور التكنولوجي المستمر والمتجدد لبرامج التواصل الاجتماعي ومع ما تقدمة تلك المواقع والمنصات الإعلامية من إغراءات مالية وشهرة نراها جذبت إليها شرائح واسعة من أفراد المجتمع خاصةً فئات الشباب والمراهقين ومن يسهل استقطابهم والتحكم فيهم تحت هوس الشهرة والمال. الأضرار والتأثيرات السلبية التي يقع فيها المهووسون قد تعرضهم لمشاكل قانونية وأخلاقية تعود عليهم بالضرر وتسيء لأسرهم لعرضهم محتويات غير أخلاقية أو أخباراً مغلوطة وكاذبة، لذلك لا بدّ من تسليط الضوء على أخطار سوء استخدامها وتبعاتها القانونية والاجتماعية والصحية ومنها: أولاً. التأثيرات الاجتماعية: تداول الأخبار غير الصحيحة التي تثير الفوضى وتضر بالثقة العامة من خلال نشر معلومات مضللة حول القضايا الصحية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية كالعمل على تفاقم التفاوت بين الطبقات الاجتماعية بعرض المقارنات غير الواقعية، مما يعزز الشعور بالاغتراب أو القلق الاجتماعي كنتيجة حتمية للتفاعل الافتراضي. ثانياً. التأثيرات السلبية على الصحة والصحة النفسية والعقلية: إهمال الحياة الاجتماعية والمهنية يؤدي إلى تراجع إنتاجية الأفراد بسبب الإدمان على استخدام التطبيقات والمنصات الإعلامية لساعات طويلة، كما قد تصل تلك التأثيرات إلى اللجوء للعنف والتنمر من خلال عرض محتويات تحريضية. ثالثاً. التأثيرات على الوحدة الوطنية: استغلال بعض الأطراف لوسائل التواصل في نشر خطاب الكراهية بين فئات المجتمع بالترويج للطائفية والعرقية أو لبعض الانتماءات والتيارات السياسية المتشددة يودي إلى تراجع الانتماء الوطني والقيمي للمجتمع. رابعاً. تدمير الثقة بالمؤسسات الوطنية: انتشار الإشاعات التي تستهدف مؤسسات الدولة والترويج السلبي لها قد يؤدي إلى فقدان الثقة بها على المستوى المحلي الدولي. خامسًا. التأثير على القرارات السياسية: عادة ما يتم استغلال منصات التواصل الاجتماعي للتأثير على الرأي العام بطرق مضللة عبر استخدام الحملات الممنهجة لتوجيه القرارات العامة نحو مصالح معينة على المستوى المحلي والدولي. الخلاصة: يُعد الالتزام بالقوانين والتشريعات المتعلقة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية في الكويت أمرًا ضروريًا لتجنب التبعات القانونية المترتبة على سوء الاستخدام حيث يُنصح دائمًا بالتعامل بحذر ومسؤولية عند استخدام هذه الوسائل، خصوصا بعد صدور قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 63 لسنة 2015 الذي يهدف إلى تنظيم استخدام التكنولوجيا وحماية الأفراد والمجتمع من الجرائم الإلكترونية، علمًا أن تلك العقوبات قد تؤدي إلى الحبس لمدد متفاوتة من 6 أشهر إلى 10سنوات، وغرامات مالية تتراوح بين 500 و40 ألف دينار كويتي، وذلك بحسب نوع الجريمة المرتكبة. سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي راح ضحيته الكثير من الأفراد بعد تبنيهم قضايا مختلقة، لو أعادوا التفكير فيها ببعض العقلانية لما وصلت بهم الحال إلى ما وصلوا إليه، فبعض الناس تخلى عن قيمه الأخلاقية وبعضهم انصاع لأفكار متطرفة غير مدركين تبعات تلك الشهرة الزائفة والإغراءات المؤقتة، بل إن فيهم من دخل في حلقة مفرغة لم يعد بإمكانه الخروج منها. نقطة أخيرة: هناك بعض مشاهير السوشيال ميديا والباحثين عن الشهرة والمال بأي ثمن مدعين ذكاء مستغلين مرونة النصوص القانونية من خلال طرح أسئلة قد لا تشكل جريمة يحاسب عليها القانون، لكن نتائج الرد عليها له تبعات اجتماعية وقانونية خطيرة، لذلك لا بد من محاسبة هؤلاء باعتبارهم من مثيري الفتنة. ودمتم سالمين.