د. حمود العبدلي يكتب: ماذا يعني التحول الرقمي في التعليم العالي .. قراءة في إطار التحول الرقمي في التعليم العالي في المملكة المتحدة
المفهوم الشائع لدى كثير من العاملين بما فيهم المعلمين ومسئولي المؤسسات التعليمية (وزراء تعليم، رؤساء جامعات، عمداء كليات مدراء مدارس او مناطق تعليمية.. الخ)، مدراء أنظمة تعليمية (تقليدية او إلكترونية) في التعليم حينما تستوضح عن فهمه للتحول الرقمي في التعليم تجده ينحصر في استخدام أدوات وتطبيقات وانظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصال والذكاء الإصطناعي في التعليم، ويوسع اخصائي وخبراء تكنولوجيا التعليم هذا الفهم بربط البنية التكنولوجية هذه بـ البنية التحتية سواءً مادية او قدرات بشرية تمكن المتعلم من تطوير وبناء قدراته، وتوفر له بيئة تعليمية تساعده على سرعة التعلم في العصر الرقمي، و هذا فهم قاصر لمفهوم بدء ينتشر بسرعة في البيئات التعليمية.
وأنا اراجع إطار التحول الرقمي للتعليم العالي في المملكة المتحدة الصادر هذا العام، وجدته يعرف التحول الرقمي أنه “عبارة عن سلسلة من التحولات العميقة والمنسقة للثقافة والقوى العاملة والتقنية التي تتيح نماذج تعليمية وتشغيلية جديدة، وتحَول نموذج أعمال المؤسسة والتوجهات الاستراتيجية وعرض القيمة”.
وقفت عند عبارة “سلسلة من التحولات العميقة” وعبارة ” للثقافة والقوى العاملة والتقنية” فوجدت ان الإطار ركز في البداية على الممارسات المعرفية قبل التكنولوجيا أياً كان نوع االتكنولوجيا (تكنولوجيا معلومات او ذكاء اصطناعي او البيانات الضخمة…الخ) او مستواها المتقدم، باعتبار ان الممارسات المعرفية هي عمل بشري يمر بمراحل متعددة في كيان ومكونات الإنسان تناولته نظريات التعلم من وجهات نظر مختلفة، وشمل الإطار الممارسات المعرفية اولاً: 1- خلق المعرفة والابتكار، 2-تطوير المعرفة، 3-إدارة المعرفة واستخدامها، 4-التبادل المعرفي والشراكات، ثم جاءت بعد ذلك 5-البنية التحتية الرقمية والمادية الأساسية؛ 6-والثقافة الرقمية التنظيمية الشاملة؛ وتركزت ممارسات المعرفة الأساسية الأربعة على مجموعة واسعة من الأنشطة والخبرات والممارسات الخاصة بمؤسسات التعليم العالي (الجامعات).
ثم ذكر ثلاث مصطلحات هامة تتفاعل في هذه السلسلة من التحولات العميقة هي: “الثقافة والقوى العاملة والتقنية”، مما يعني ان التحول الرقمي ليس مجرد تكنولوجيا ضخمة متقدمة تستخدم او حتى يتفاعل معها الإنسان بقدر ما هي أداة للتحول في مكونات الإنسان وقدراته، تمكنه من فهم واقعه والتعامل بأعلى قدر من القيمة المضافة على حياته ومجتمعه.
وبالتعمق في قراءة الإطار نجد انه يأخذنا بعيداً نوعاً ما عن التركيز على أساليب العمليات التكنولوجية أو التجارية (تكنولوجيا المعلومات او الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة والبلوكتشين… الخ)، الذي عادة ما تُبهر الناس؛ ويضعها -أي التكنولوجيا- في سياق الممارسات المعرفية أكثر مما يجعلها بؤرة اهتمام تنصب عليه الجهود بغرض الإبهار الإعلامي والتسويقي؛ ويضع محور التركيز على ما يفعله الناس أو يحتاجون إلى القيام به لتعزيز هذه الممارسات داخل مؤسسة التعليم العالي، وهو يهدف بذلك إلى مساعدة المؤسسات على رؤية الأنماط والروابط وأوجه التآزر عبر الحدود التقليدية، وتشجيع ملكية ومشاركة جميع أصحاب المصلحة.
ولمزيد من تكوين رؤية أوضح حول الإطار فقد اشتمل كل عنصر من عناصر الإطار الست على أربع مكونات فرعية:
– خلق المعرفة والابتكار اشتمل على: (الرؤية الرقمية ومسح الأفق، والبحث، والإبتكار، والتأثير الواسع).
– تطوير المعرفة اشتمل على: (تطوير المناهج، التعلم الرقمي، التعليم الرقمي، تجربة المتعلم).
– إدارة المعارف واستخدامها اشتملت: (إدارة المعلومات واستخدامها، إدارة البيانات واستخدامها، ذكاء الأعمال (BI)، اتخاذ القرار).
– تبادل المعرفة والشراكات اشتملت: (الاتصال، التعاون، المشاركة المجتمعية، إدارة العلاقات)
– البنية التحتية الرقمية والمادية اشتملت على: (بنية تحتية رقمية قوية، الاتصال الرقمي، الدعم الرقمي، إدارة العقارات).
– الثقافة الرقمية المؤسسية اشتملت على: (الثقافة والعقلية الرقمية، الهوية التنظيمية، الرفاهية التنظيمية ،التغيير التنظيمي، إدارة العلاقات).
وقدم الإطار شرحاً مبسطاً لمعنى كل عنصر ومكوناته الأربعة وأعطى أمثلة لكيف يمكن ان يستخدم في البيئة التعليمية في إطار من التكامل بين العناصر الأربعة ومكوناتها كنظام متآزر.
وهنا يمكن ان تفهم عبارة “سلسلة من التحولات العميقة” التي وردت في التعريف في مقابل تسطيح او تبسيط المفهوم في بعض مؤسسات التعليم العربية لمفهوم التحول الرقمي في التعليم العالي لدى العاملين والإخصائيين بل وحتى لدى خبراء تكنولوجيا التعليم على قلتهم في بلادنا العربية.
ولذا ارجو من مؤسسات التعليم العالي (الجامعات على وجه الخصوص) التريث قليلاً عند الحديث عن التحول الرقمي في التعليم، حتى يكتمل نضج المفهوم لدى هذه المؤسسات قبل ان تجازف بطرحه في أدبياتها وانشطتها مثل المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش، فالقصية ليست استخدام او حتى دمج تكنولوجيا المعلومات والإتصال والذكاء الإصطناعي في التعليم بقدر ما هي ممارسات معرفية للإنسان في زمن التحول الرقمي.
– تم تطوير هذا الإطار بمدخلات من مجموعة من الهيئات المهنية مهتمة بالتعليم في المملكة المتحدة، وهذا يضمن أن يعكس الإطار أولويات القطاع والروابط مع نماذج وأطر التعليم العالي الرئيسية في المملكة المتحدة المستخدمة بالفعل.
– كما انه تطور من إطار القدرات الرقمية المؤسسية ونموذج النضج الخاص بـ Jisc ، والذي تم نشره في الأصل في عام 2015 وتم تحديثه في عام 2018 ، ليعكس تركيزا أوسع على التحول الرقمي، وهذه الهيئات هي:
1- Advance HE
2- Association for Learning Technology (ALT).
3- Association of University Administrators (AUA)
4- Association of University Directors of Estates (AUDE)
5- Quality Assurance Agency for Higher Education (QAA)
6- Society of College, National and University
7- University, Libraries (SCONUL), Universities and Colleges Information Systems Association (UCISA).
8- Universities UK (UUK)