كتاب أكاديميا

إضحوكة توني بلير التعليمية .. فقط في الكويت!

abdullahazmi

 

كان توني بلير من أنجح رؤساء وزراء بريطانيا على جميع الأصعدة السياسية، بل وقاد حزب العمال حين ترأسه في عام 1994 لنجاحات كبيرة في البرلمان البريطاني. وحين أصبح رئيساً للوزراء حاز على رضى الشعب بنسبة 93% في الإستبيان الذي أجرته إحدى المنظمات المتخصصة. على الرغم من هذه النجاحات إلا أنه تلقى العديد من الضربات السياسية ولكن ليس هنا المجال لسردها في هذا المقال.

بالإضافة إلى النجاحات السياسية، ما لا يعلمه الكثير أنه من أذكى الشخصيات التجارية والإقتصادية، ويثبت ذلك ما حققه من أرباح ضخمة بعد إنتهاء ولايته لرئاسة الوزراء. فبعد إنتهاء فترته قام بإنشاء شركته الخاصة ويقوم من خلالها بإعطاء النصائح الإقتصادية والسياسية والقضائية للكثير من الدول. وفي نفس الوقت عين كسفير للأمم المتحدة للشرق الأوسط، وحينها توالت عليه الإنتقادات بسبب تحركاته النفعية، حيث أنه اتهم في كزاخستان بتغطية بعض الطوام التي تنافي حقوق الإنسان من قبل الحكومة الكزاخستانية وذلك لأخذ مبالغ طائلة من الحكومة لبعض النصائح السياسية والقضائية، وغيرها من الإنتقادات الأخرى.

أعتذر عن هذه المقدمة الطويلة نوعاً ما قبل الخوض في الموضوع الأساسي، ولكنها مهمة لفهم ما سيأتي. من تلك الدول التي طلبت إستشاراته الشخصية من خلال جلب شركته الخاصة، هي الكويت. فطُلب من بلير تجهيز تقرير كامل عن جميع قطاعات الدولة بما في ذلك النصائح الهامة لتعديل إعوجاج النظام التعليمي في الكويت.

قبل أن أذكر حقيقة ما تم في هذا التقرير، أود أن أدخل في النظرة التربوية العلمية وأراء التربويون المتخصصون في حقيقة مدى “نجاح” الإتيان بالغريب على البلد لإصلاح أخطاءه، خصوصا وأننا العرب مولعون بتقليد وجلب الغربيون لإصلاح طوامنا. يقول البروفيسور الإنجليزي المعروف روبرت فيلبسون “إن أكثر الناس درايةً وعلماً بنواقص نظامهم التعليمي، بل وتدريس جميع مقراراته، هم أهل البلد”. ويقول البروفيسور الإنجليزي أدرين هوليدي: “متى سنكف نحن الغربيون من إقحام أنفسنا بقضايا الغير التربوية، وأن نعيش دور البطل في حل قضاياهم”. وكأن كلا البروفيسورين يقولون لنا “أهل مكة أدرى بشعابها”.

نعود لحقيقة تقرير توني بلير عن قضايا التعليم في الكويت، ذكر لي أحد الأساتذة الجامعيون الذين إلتقى بهم بلير لدراسة الوضع التعليمي، بأنه طلب منهم ذكر ما هي المشاكل التعليمية وما هي إقتراحاتهم لتصحيحها. فقام بلير بأخذ الكلام كما هو وأعاد صياغته ووضعه في تقريره، ثم إستلم نصيبه لتلك الإستشارات بما يزيد عن مليون ونصف دينار كويتي!!

ما فعله بلير طبيعي جداً، كونه ليس من أهل البلد، فلذلك يحتاج لسماع عن المشاكل والحلول المقترحة من المتخصصون في ذلك البلد. فإذا كان الأمر كذلك، وفي نهاية المطاف سنرجع لإقتراحات التربويون الكويتيون، فلماذا نأخذ هذه اللفة الطويلة ونضيع جزءً مهماً من المال العام بلا فائدة؟! ألهذه الدرجة نحن لا نحترم كوادرنا! أم ينطبق على وزارة التربية والتعليم العالي المثل القائل: “وين إذنك يا جحا؟”. فعلاً وللأسف، إستطاع توني بلير تقديم إضحوكة تعليمية قيمتها مليون ونصف دينار.

ويحق لنا أن نسأل، حتى ولو إفترضنا جدلاً بأن بلير فعلاً قدم الحلول الهامة والأساسية لإصلاح التعليم، فأين التطبيق لتلك الإقتراحات؟ فقد مرت السنون ومشكلنا التربوية في إزدياد، أم أن مسألة جلبه لتقديم النصائح ما هي إلا للبهرجة الإعلامية وإيهام الشعب الكويتي بأن الحكومة متمثله بوزارة التربية يتخذون الإجراءات اللازمة لإنتشال التربية من أوحال الجهل والتخلف التي تقبع بها؟.

عبدالله العازمي

عضو هيئة تدريس – التطبيقي

رئيس تحرير جريدة أكاديميا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock