د. عدنان الهذال يكتب: أفضلية الماء: للحمضي أم للقلوي؟
قال الله تعالى ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾.
لقد تحدثنا في مقالات سابقة عن أهمية الماء وأثره في حياة الفرد والمجتمع, وممالاشك فيه أنّ الماء يعتبر أحد أهم العناصر لديمومة الحياة على سطح الكرة الأرضية، وله دور كبير في حفظ توازن الكرة الأرضية، كونه يشكل ثلاثة أرباع مساحتها، لذلك نجد لزاماً التعليق على بعض المقاطع المنتشره حديثاً بخصوص صلاحية مياه الشرب من عدمها!
بدايةً أود التأكيد على أنّ المياه في دولة الكويت سليمة وصحية ومطابقة للاشتراطات العالمية بفضل الله ثم بفضل الجهود المبذولة في وزارة الكهرباء والماء، لكنني وكنصيحة عامة من مختص في هذا المجال أُفضل عدم استخدام المياه المعبأه أو المسماه مجازاً بـ “المياه المعدنية” على المدى الطويل لأسباب كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر عدم معرفتنا الدقيقة بمصدر الماء ولا بطريقة التصنيع ولا بنوع الإضافات التي يتم إضافتها للماء المنتج للتعبأه، كما أننا لا نعرف أماكن تخزين هذه المياه وهل هي مطابقة لأسس التخزين السليمة أم لا؟ كما أنّ للحرارة العالية في بلداننا تأثير مباشر على التراكيب الكيميائية الخاصة بالعناصر المعدنية الموجودة في الماء ومن المعروف علمياً أنّ الماء الجاري أو المستمر في التدفق أفضل من الماء المُخزن في قاروره بلاستيكية لانعلم ما هي المواد المستخدمة في تصنيعها وما مدى تأثيرها وتفاعلها مع المياه المعبأه بعد فترة من الزمن، لذلك من الأفضل عدم الاعتماد على الشهادة الصادرة من هيئة الغذاء والتغذية والتي أشهد بدقتها من ناحية التحليل الكيميائي والبيولوجي، لكنها شهادة تختص بعينات عشوائية وعلى فترات متباعده، فعينات الماء تحتاج إلى فحص دوري ومستمر.
إنّ استخدام المواد الكيميائية لتغيير لون المياه يتم الاستعانة بها كمؤشر لمعرفة قلوية وحمضية الماء فقط لاغير، لكن المهم في هذه التجارب البسيطة ليس التأكيد على أفضلية لون دون الآخر أو نوعية مياه دون غيرها، وإنّما الهدف هو قياس عنصر واحد من عناصر صلاحية الماء، وهو قيمة الأس الهيدروجينيPH ، كما أنه من غير الصحيح علمياً القول بأنّ الماء القلوي أفضل من الماء الحمضي على المدى الطويل، لكن الصحيح علمياً أنّ منظمة الصحة العالمية حددت تركيز كل مادة موجودة في الماء ومدى تأثيرها على صحة الأنسان ويُقاس تركيز هذه المواد بوحدة الــ PPM أي جزء من المليون جزء، لذلك تتحدد صلاحية الماء من عدمة بصلاحية جميع العناصر الموجودة في الماء وليس على أساس اللون كعنصر وحيد للصلاحية، وقد حددت منظمة الصحة العالمية قيمة الأس الهيدروجيني لقلوية أو حمضية الماء بين 6.8 إلى 7.2 فالماء الصالح للشرب يكون بين هذه القيمتين مع عدم إهمال قيم باقي العناصر المعدنية، وعلى ما سبق لا يوجد دليل علمي يؤكد أفضلية المياه القلوية على الحمضية على المدى الطويل، لكن توجد بعض الدراسات التي تشير إلى ضرورة معرفة حمضية وقلوية دم الإنسان لعلاج بعض الأمراض.
وللأسف يذهب البعض إلى تصديق عدم نقاوة المياه في دولة الكويت بسبب بعض مقاطع الفيديو والتي تبين تغير اللون أو الطعم ويلقون باللائمة في ذلك على الوزارة وهذا الكلام عار عن الصحة، فالسبب في نقاوة أو صلاحية هذه المياه وقابليتها للشرب بعد وصولها من الوزارة يعود إلى المستهلك نفسه، فالبعض لايعلم متى تمّ تنظيف خزّان الماء؟ ولاصلاحية الأنابيب والفلاتر الموجودة في البيت؟ ومتى تم عمل آخر صيانة للأدوات الصحية؟ وكنصيحة عامة يُفضل استخدام الفلاتر الموجودة في الجمعيات التعاونية وما شابهها والتي تعمل على تنظيف الشوائب الموجوده في الماء عند الشرب أو عند الطبخ مع عدم تغيير الخواص الكيميائية الموجودة فيه، كماأنصح بعدم وضع منظومة كاملة كوحدة تحلية مياه صغيرة، لأنها قد تُفقد الماء العناصر الضرورية التي يحتاجها الجسم والتي قامت الوزارة مشكورة بالتأكد دورياً من مطابقتها للمواصفات العالمية، وختاماً أود أن أشيد بنقاوة المياه في دولة الكويت ومطابقتها لمواصفات منظمة الصحة العالمية بل وأفضليتها على المياه المعدنية للأسباب العامة سالفة الذكر ..
كلية الدراسات التكنولوجية
قسم تكنولوجيا الهندسة الكيميائية