كتاب أكاديميا

التعليم جواز سفرنا للمستقبل

drmalshoraka

كثيرة جدا هي الدراسات التي تناولت الوضع المالي للكويت. ومن أشهرها دراسة توني بلير التي خلص بها الى ضرورة اصلاح النظام التعليمي. وقد أكد توني بلير في تقرير حول رؤية الكويت 2030 على ضرورة اتخاذ اجراءات قوية وفاعلة بالشأن التعليمي، والا فان الاستمرار في التقاعس عن العمل سيعرض حتما مستقبل الكويت للخطر.

ولعل المراقب للشأن العام بالكويت، يلاحظ ضعفا بالأداء الحكومي على صعيد التخطيط الاستراتيجي. وما خطة التنمية 2009/2010-2014/2015 ومؤشرات الاداء بها الا دليل واضح على العجز بالأداء الحكومي. وهنا يجب أن نشرح ما تم بهذه الخطة تحديدا، باختصار طلب من كل الجهات الحكومية تقديم خطتها ومشاريعها على مدى خمس سنوات (الجزء الاول لخطة التنمية) وتم اخراجها كخطة متكاملة باسم «خطة التنمية»، وهو ما يخالف المنطق والفكر الاستراتيجي الصحيح. حيث ان من أبجديات التخطيط أن تكون هناك جهة مركزية ترسم خطة استراتيجية ذات رؤية ورسالة وأهداف ومؤشرات لقياس الأداء ويطلب من الأجهزة التنفيذية مباشرة مهامها لإنجاز ما هو مطلوب.

وتساهم هذه الآلية في وحدة الأهداف وجعلها بنسق عام تتسم بالانضباط والانسجام الفكري. وهو ما يساهم في خلق رؤية وأهداف عامة للدولة في ضوء متطلبات المرحلة المستقبلية. مع غياب الاستراتيجية الوطنية المحكمة، تخبطت الجهات الحكومية وأهدرت المال والوقت بسبب عدم وضوح الإجراءات وطول الدورة المستندية، وهو ما أدى بالتبعية الى فشل الجزء الأول من خطة التنمية.

وبالعودة لتقرير بلير، يجب أن نذكر بأهم محددات أي نظام تعليمي بالعالم، وهي أربع أسس:

1- محددات سياسية.

2- محددات جغرافية.

3- محددات ثقافية.

4- محددات اقتصادية.

ولعل من اهم تلك المحددات للنظم التعليمية هي المحددات الاقتصادية، حيث ان العلاقة بين الاقتصاد والتعليم هي علاقة تبادلية وتكاملية بحتة، فالمحددات الاقتصادية تفرض على النظام التعليمي فلسفته التي يتم اشتقاقها من الملامح الاقتصادية لتلك المحددات.

وهنا نعيد التذكير بما وصل آلية تقرير بلير حول رؤية الكويت 2030، حيث انها رؤية شاملة قدمت حلولا علاجية للواقع الاقتصادي للكويت، ومن المهم قبل الشروع في التخطيط للتعليم، أن يتم التوافق على رؤية وطنية اقتصادية، تحدد نوعية التعليم المطلوب، وبناء على تلك الخطة الاقتصادية تتم صياغة النظام التعليمي للكويت.

ولعل الخبرة المكتسبة لي شخصيا من خلال ادارة مشروع «تحسين التوظيف لخريجي الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب»، سمحت لي أن اطلع على حقائق مخيفة حول الاوضاع التوظيفية بعد 15 سنة، حيث نحتاج الى خلق وظائف تعادل ثلاثة اضعاف الوظائف الحكومية الآن، وهو ما يستوجب التفكير الجدي في تحسين فرص التوظيف بالقطاع الخاص تفعيلا للمادة 20 من الدستور التي اكدت على دور القطاع الخاص للمساهمة في نهوض الدولة، وهو ما شدد عليه بلير في تقريره،

فنحن بالكويت تنقصنا استراتيجية وطنية متمحورة حول الاقتصاد الوطني، تكون الادوار بها محددة لكل الجهات، يتم بها ربط البقاء بالمناصب القيادية بالإنجاز، وليس كما هو معمول به الآن، حيث من ينجز ومن لا ينجز سيان، نحتاج الى أن تكون هناك معالجات تشريعية تعالج الواقع الوظيفي المسموم بمؤسساتنا الحكومية، حيث إن تحقيق مبدأ الثواب والعقاب يكاد يكون لا اصل له بمنظماتنا الوطنية. وبسبب تلك القوانين الادارية فان شاغلي الوظائف القيادية حين يتم تثبيتهم لا تتم ازاحتهم الا ان يشاء الله او يبلغوا من العمر عتيا، ففي كثير من الدول من لا ينجز يزاح من القيادة وهو مبدأ معمول به بالمؤسسات والشركات الخاصة، فتكلفة بقاء قيادي عاجز تقلد منصبه «بالواسطة» هي تخلف المؤسسة التي يقودها وتعطل مشاريعنا التنموية وتأخر اقتصادنا الوطني، نحتاج الى ان تكون الاستراتيجية ذات بعد تنموي حقيقي تخلق مشاريع تنموية تساهم في مواجهة الاخطار الاجتماعية والامنية والاقتصادية لمشكلة التوظيف المتوقعة.

ومن المؤشرات المهم استيعابها ما ذكره تقرير لجنة الموارد البشرية بمجلس الامة، أنه من المتوقع ان يكون هناك 100 ألف خريج سنة 2020. بمعنى اننا نحتاج الى ان نخلق مائة الف وظيفة مناسبة لتلك الموارد البشرية. وفي ضوء الاداء الحكومي الحالي فان المستقبل سيكون قاسيا علينا نحن الكويتين ان لم تطور الحكومة من ادائها بصورة فاعلة خلال السنتين المقبلتين. ونذكر صانعي القرار التنفيذي بان مصدر الاستثمار الحقيقي يكون بالعنصر البشري وان المدخل الاوحد للارتقاء بالموارد البشرية يكون بمنظومة تعليمية متكاملة ومواكبة لمتطلبات العصر مشتقة أهدافها من استراتيجية اقتصادية وطنية.

واختم هذا المقال بمقولة مالكوم اكس «إن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل، لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدون له اليوم».. والله خير حافظ.

.

د. محمد الشريكة

dralsharija@


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock