كتاب أكاديميا

“المتاجرة بإسم الدين …. “بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح


ونكمل حديثنا فى هذا المقال عن ما ذكرناه فى المقال السابق عن مفهوم العلمانية وضرورة فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية ، حيث نادى المفكر السورى الراحل جورج طرابيشى بهذا الفصل بين السلطتين ووضح ان العلمانية لا تعنى إلغاء السلطة الدينية ولكن هى فصل بين السلطات لكى لا تبغى احداهما على الأخرى وأيضا هى ضرورة لمنع الإحتكار الكهنوتى للدين أو الإستبداد السياسى على المفكرين .

مفهوم العلمانية الصحيح الذى نطلبه هو تطبيق للقيم والمبادئ الإنسانية وليس مجرد تنظير وكلام أجوف يتم تفسيره من بعض المغرضين على أنه عداء للدين من باب التشويش على الحقائق والوقائع وذلك يزيدنا إصرارا على الدفاع عن هذا النظام الناجح المطبق بالفعل فى كل الدول المتقدمة حضاريا فى عصرنا الحالى ، فالغرب عندما طبق العلمانية بمفهومها الصحيح لم يعادى الأديان ولم يمنع بناء الكنائس والمساجد والمعابد وكافة دور العبادة والمراكز الثقافية والتبشيرية التابعة لكافة الأديان بعكس الدول التى تحكمها سلطة دينية تضطهد الأقليات وتحرمهم حقوقهم الإنسانية ، فالنظام العلمانى هو النظام الأكثر سلمية وإنسانية وهو الذى يطبق جوهر ديننا الحنيف من حفظ الحقوق والأموال والأعراض والأنفس مستندا الى الصرامة فى تطبيق القانون والعدالة الإجتماعية بلا تفرقة على أساس الدين أو العرق أو اللون أو الجنس .

نحن نتحدث عن وقائع وأخبار وتجارب ومعايشة وليس فقط تنظيرات و آراء ، فى مجتمعاتنا العربية والشرق أوسطية نسمع كثيرا فى الخطب والمواعظ عن التسامح والسلام والمحبة ولكن لا نرى أو نعايش ذلك فى تفاصيل حياتنا التى لا نستطيع حصر سلبياتها.عندما تم الفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية المدنية فى الدول التى طبقت النظام العلمانى تم الإنتصار للإنسان فيها بحق المواطنة والإنتماء للوطن وحق كل فرد فى الحرية والإختيار والتمييز والبحث عن الطريقة المثلى لحياته ومن المحزن أننا نجد الكثير من شبابنا العربى المسلم يهرب إلى الإلحاد فى حين ينتشر الإسلام بقوة ويزيد فى الدول العلمانية وذلك لأن مناخ الحرية فى الفكر والمعرفة يجعل الإنسان يتدبر جيدا القيم الإنسانية الحقيقية فى حين أن المناخ الخانق فكريا ومعرفيا هو الذى يصد عن سبيل الله ويعاكس الضرورات والحقائق ويسبح ضد تيار سنن الحياة وحكمة الله فى خلقه ، فالعلمانية هى التى تحول بين تسلط فئة من الناس على الآخرين وتعطى الجميع الحق فى تكوين الشخصية والإرادة المنفردة لكى نتكامل ويتحقق الثراء الحضارى و هى من سمات المجتمعات القوية.

فإذا أردنا أن نصلح مجتمعاتنا فعلينا أن نصلح أنفسنا و أوطاننا بالمواطنة وذلك مرهون بإرادة قوية من أجل البناء والتعمير فالعلمانية تجذب الناس من أجواء الفرقة والتعصب الفكرى وتفتح المجال لإظهار الإبداع فى المراكز البحثية العلمية ولكل صاحب فكرة أو مشروع أو خطة وجميع ما سبق يؤدى الى نهضة شاملة ترقي بدولتنا الحبيبه بإختصار نريد تهيئ المناخ لبناء الإنسان الحقيقى وذلك لن يأتى طبعا فى مناخ طائفى محتقن يزيد الهوة بيننا وبين الأمم التى سبقتنا علميا ومعرفيا وقوة ، العلمانية أو المدنية أو المواطنة هى مفهوم واحد و إتجاه واحد وهى حتمية تاريخية فرضتها سنن الله فى التطور والتحديث الدائم الذى نعيشه منذ مئات السنين فهى لا شك مفاهيم ونظم تواكب تطور الحياة وإلتزاماتها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock