«دور الكويت تجاه اليمن»… رسالة دكتوراه لعبدالعزيز العازمي
ترصد وتحلل تطور علاقات البلدين بين عامي 1961 و1990
بعد أن كان اليمن منغلقا على نفسه في العهد الإمامي، سعى النظام الجمهوري عام 1962 في الشمال، ثم الاشتراكي في الجنوب، إلى تكوين علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع الدول العربية، ومنها الكويت، والتي كانت هي الأخرى تجهد لإقامة علاقات جيدة مع محيطها العربي بعد استقلالها.
لذلك جاء اختيار الطالب عبدالعزيز عبدالله العازمي لنيل رسالة دكتوراه بعنوان “دور الكويت تجاه اليمن 1965 – 1990” نظراً لأهمية الفترة من تاريخ العلاقات بين الكويت واليمن ومعرفة الدور الذي قامت به الكويت في الوساطة وإسهامها في حل مشكلات اليمن السياسية مع جيرانها ومنها المصالحة بين اليمن وسلطنة عمان، وكذلك المساعدة في توحيد شطري اليمن.
أهمية الدراسة
الدراسة ترصد وتحلل تطور العلاقات السياسية بين اليمن والكويت، وكيف كان موقف الأخيرة من الأحداث التي وقعت بعد ثورة 26 سبتمبر 1962 والتقارب بين البلدين في مجالات التنمية الاقتصادية، والدور الذي لعبته في هذا المضمار وما قدمته من مشاريع ومساعدات.
وتعود أهمية الدراسة إلى ارتباط الكويت بعلاقات وثيقة مع اليمن منذ ثورتي 26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر 1963، وكانت أولى الدول الخليجية التي اعترفت بالنظام الجمهوري في الشمال وتوحيد القوى الوطنية في الجنوب. وقد غطت الدراسة الفترة الزمنية الممتدة نحو 29 عاماً، وصولاً إلى عام 1990 حينما توقف المساعدات الكويتية لليمن بسبب موقفه من الغزو العراقي.
تتضمن الدراسة خمسة فصول، ومع كل فصل هناك ثلاثة مباحث، انتهت إلى خاتمة وملاحق عبارة عن مساهمات ومشاريع ومساعدات قدمتها الكويت من خلال الصندوق الكويتي للتنمية والهيئة العامة للجنوب الخليج العربي.
عن الرسالة
رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه للباحث عبدالعزيز عبدالله مبارك العازمي في جامعة عين شمس – كلية البنات للآداب والعلوم – قسم التاريخ – عام 2021، بإشراف د. خلف عبدالعظيم الميري، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر.
خلاصات ونتائج
الخلاصة خرجت بجملة تحليلات ونتائج، منها:
أولاً: سعي الكويت إلى توثيق علاقاتها مع الشمال جاء تدريجياً خشية أن يؤدي ذلك إلى توتر العلاقات مع بعض الدول الخليجية التي بقيت فترة طويلة غير معترفة بالنظام الجمهوري وبالأخص المملكة العربية السعودية التي كانت تساند القوى الملكية ضد النظام الجديد.
ثانياً: الظروف السياسية التي أحاطت بالكويت في بداية الستينيات دفعتها للتقرب من شطري اليمن ومحاولة إنهاء الصراع بين الجمهوريين لإضعاف النفوذ البريطاني من خلال توحيد القوى الوطنية في الجنوب.
ثالثاً: تقوية علاقات الكويت بالشمال خلال الفترة (من 1962 إلى 1970) أكثر مما هي مع الجنوب بسبب بقاء الاحتلال البريطاني هناك حتى عام 1967 وانتهاج النظام الماركسي.
رابعاً: مصلحة الكويت اقتضت القيام بالتوسط بين شطري اليمن والتقرب منهما للحفاظ على النظام والاستقلال الذي نالته البلاد، كذلك سعيها إلى لعب دور الوساطة بين الجنوب وسلطنة عمان مستخدمة دبلوماسيتها الجديدة المتمثلة في الدعم الاقتصادي لكلا الطرفين.
خامساً: استياء اليمن من مجلس التعاون الخليجي في الثمانينيات نتيجة استبعاد الشطرين من عضويته، دفعه إلى التمسك بعلاقة طيبة وجيدة مع الكويت وإبداء تعاون سياسي بينهما.
سادساً: قدمت الكويت مشاريع تنموية واقتصادية وصحية وعمرانية لليمن من عام 1961 إلى 1990، بحيث أضحت مثالاً للآخرين، تزيد على 40 مشروعاً منها 130 مشروعاً تربوياً وتعليمياً وكلها مجانية إضافة إلى قروض ميسرة وصلت إلى 33 قرضاَ بقيمة 67 مليون دينار كويتي تقريباً، فضلاً عن 17 معونة فنية بحوالي مليوني دينار كويتي ساهمت في تطور ملموس للاقتصاد اليمني.
مرحلة الستينيات
لقد مثلت مرحلة الستينيات من القرن الماضي البدايات الأولى والمباشرة لقيام العلاقات اليمنية – الكويتية، وكانت نتاج مجموعة من العوامل من أهمها حصول دول الكويت على الاستقلال من الاستعمار البريطاني في 19 يونيو 1961م، والتي قابلها أيضا قيام ثورتي 26 سبتمبر 1962م و 14 أكتوبر 1963 في شطري اليمن، مما كان له الأثر المباشر في قيام علاقات ودية ومتميزة بين البلدين، على الرغم من معارضة بعض الدول الخليجية لقيام مثل هذه العلاقات، التي اتسمت بنوع من التقارب والتعاون، خصوصاً في مجالات التنمية الاقتصادية.
وقد انتهجت حكومة الكويت سياسة أكثر انفتاحا تجاه الدول العربية عموما في أعقاب استقلالها، وأخذت تمد يد العون إلى معظم الأقطار العربية سعياً لكسب علاقات الود مع هذه الدول، وهي السياسة التي أسهمت، بفضل الموارد النفطية الهائلة التي تزخر بها الكويت في دعم البنى التحتية لعدد من الدول، وبالتالي أكسبتها المزيد من الأصدقاء ليتعزز بذلك موقعها الإقليمي والدولي على حد سواء.
وانطلاقاً من هذه السياسة كان اليمن بشطريه من أوائل الدول التي حظيت بتلك الرعاية في مرحلة ما بعد قيم ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر حيث كان يعيش أوضاعا صعبة سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهو ما أسهم في تعزيز روابط الإخاء بين دولة الكويت واليمن الذي كانت ترى فيه توازناً سياسياً للمنطقة.
سارعت الكويت إلى الاعتراف بشرعية الثورة اليمنية ونظامها السياسي فيما كان يعرف سابقاً بالجمهورية العربية اليمنية عام 1962م، وساهمت في مساندتها من خلال تقديم القروض وبناء المنشآت التعليمية والصحية، ثم بدأت المساعدات الكويتية للجمهورية العربية اليمنية تتوالى منذ السنوات الأولى التي أعقبت ثورة 26 سبتمبر 1962م، وتمثلت البداية بوصول وفد كويتي إلى صنعاء في عام 1963م، في زيارة هدفت إلى بحث سبل التعاون الاقتصادي بين البلدين، وكان من ثمارها افتتاح مكتب المشاريع الكويتية في صنعاء تابع للهيئة العامة للجنوب والخليج العربي.
كما تعززت علاقات البلدين في بداية الثمانينيات من خلال زيارة الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت، للجمهورية العربية اليمنية التي تعد أول زيارة لأمير كويتي إلى اليمن جاءت لتعزيز أواصر التعاون القائمة.