كتاب أكاديميا

يا وزير التربية.. إضافة الوزن النسبي يعتبر خطوة جيدة ولكن الطريقة خطأ

20112014315نظام التعليم الذي تقدمه ويخضع لإدارة وزارة التربية مركزيا، بشكل عام، يعاني من المنهجية التقليدية التي تنتهي بإعادة تكرار نفس الفكر الإجرائي المتبع بعيدا عن الجانب العلمي والتعليمي الحديث في آلية عمل نظام التعليم مما أدت إلى تدني مستوى وجودة نظام التعليم ومخرجاته في الكويت.

إن عدم إستيعاب أهمية التعليم والهدف منه يؤثر بشكل مباشر على تعليم الطلبة على المدى القريب وكذلك على مخرجات التعليم التي يجب أن تلبي احتياجات سوق العمل في الدولة على المدى البعيد. إن المشكلة التي يواجهها الطلبة والمعلمين والمدارس ووزارة التربية أيضا ومن ثم الدولة ليس بسبب عدم وجود الأفكار الجيدة بل بسبب عدم القدرة على تنفيذ هذه الأفكار الجيدة التي تنظم العمل في نظام التعليم المدرسي بدولة الكويت.

عموما، ظهرت في الأيام القليلة الماضية مشكلة قد صنعتها وزارة التربية بغير قصد. هذه المشكلة تتعلق بالوزن النسبي الذي تم إضافته في بطاقة كشف الدرجات النهائية الفصلية لطلبة المرحلة الثانوية. ولكن، وبكل أمانة، المشكلة ليست بالوزن النسبي بل إنها في أحد العناصر الذي يتكون منها النتيجة النهائية للوزن النسبي. هذا العنصر نتج عنه خطأ والذي بدوره أدى لنتيجة خاطئة في الوزن النسبي مما أدى لتذمر وإستياء الكثير من الطلبة وأولياء أمورهم. وبالتالي وجود هذا الخطأ يؤكد بل ويعكس لنا عدم قدرة وزارة التربية على تنفيذ الأفكار الجيدة في نظام التعليم.

بإختصار شديد، الوزن النسبي يعتبر طريقة حسابية علمية صحيحة ولا يوجد عليها أي خلاف علمي لو تم استخدامها بالشكل المناسب. ولكن المشكلة تكمن في أحد العناصر التي يتكون منها الوزن النسبي وبالتالي ترتب عليها نتائج خاطئة بسبب الخطأ في إضافة عنصر محدد في عملية حساب الوزن النسبي.

ولهذا السبب، ومن منظور تربوي علمي، سأحدد للجميع أين يقع الخطأ الذي سبب ردود أفعال مضادة وواسعة في الوسط الطلابي والتربوي. المشكلة الحقيقية في تدني درجات طلبة الثانوية مؤخرا ليس بسبب الوزن النسبي وإنما بسبب تخصيص درجة محددة لحضور الطالب في الحصة الدراسية خلال اليوم الدراسي في المدرسة. درجة حضور الطلبة كعنصر تم إستخدامه لخصم جزء من الوزن النسبي بالنسبة للطلبة المتغيبين وبالتالي أثرت سلبيا في الدرجة النهائية لطالب المرحلة الثانوية المتغيب عن الدراسة.

وللتأكيد، هنا أقتبس لكم ما تم نشر في إحدى الصحف (المستقبل، بتاريخ ٢٠١٤/١١/٢١) نقلا عن مصادر تربوية مطلعة [أن لجنة تعديلات وثيقة المرحلة الثانوية أوصت بضرورة تطبيق خصم الدرجات على الطلبة المتغيبين من دون عذر مقبول، من خلال خصم هذه الدرجات من الوزن النسبي للطالب، وليس كما كان معمولا به العام الماضي من خصم درجات على الطالب المتغيب من المادة الدراسية، وبالتالي التسبب في رسوب بعض الطلبة، لافتة إلى أن هذا الإجراء جاء لمصلحة الطلبة بأن يكون الخصم من النسبة، وليس من المادة حتى لا يتسبب لهم في الرسوب بمادة معينة تكون درجاتهم فيها منخفضة].

وهذا يأخذنا إلى توجيه عدة إستفسارات التي يجب على وزارة التربية الإجابة والرد عليها وذلك لأهميتها. من هذه الإستفسارات ما يلي:

أولا، هل تم حذف الأسئلة من الاختبارات المرتبطة بالمحتوى العلمي للمادة أو المنهج؟ إذا كانت الإجابة “لا”، فهذا يعني أن الطالب الغائب عن الحصة الدراسية يخسر: (١) أنه لا يستطيع الإجابة على الأسئلة في الاختبار والتي لها علاقة بالدرس الذي لم يحضره مما يؤدي إلى خسارته لبعض الدرجات في الاختبار، (٢) خصم درجة من الوزن النسبي للمادة الموجودة في كشف الدرجات النهائية للطالب وذلك بسبب غياب الطالب بدون عذر. هذا الأمر فعلا خطير خصوصا وأنه يتعارض مع المعايير التابعة للمؤسسات العالمية المعنية بالإعتماد الأكاديمي للمدارس والتي تشترط عدم وضع درجات لحضور الطلبة في المحاضرات أو ما يسمى بالحصص الدراسية في المدارس. ومن هنا نرى أن الكثير من المدارس في الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بهذه المعايير وبالتالي لا تضع درجة محددة لحضور الطلبة في المدرسة ومن ثم تخصمها من الدرجة النهائية للطالب الغائب عن الدراسة. بل أن هذه المدارس في أمريكا تقوم بخصم الدرجة في حال أن الطالب لم يقدم الواجبات التي طلبت منه في الحصص الدراسية التي لم يحضرها في المدرسة خلال ثلاثة أيام من عودته للدراسة. فهذا يوضح لنا أنه لا توجد درجة للحضور ومن ثم لا يخسرها الطالب في حال أنه لم يحضر للدراسة في المدرسة.

ثانيا، هل قامت المدارس الثانوية التابعة لوزارة الربية في الكويت بتوفير البدائل لضمان حصول الطلبة المتغيبين عن الدراسة على نفس المادة العلمية التي حصل عليها الطلبة الاخرين ممن حضر الدراسة في المدرسة؟ إذا كانت الإجابة “لا”، فهذا أيضا خطأ آخر يوضح لنا: (١) قصور الإدارات المدرسية في متابعة وحل هذه المشكلة التي تؤثر على نتائج العملية التعليمية، (٢) عدم إلتزام إدارات المدارس في تنفيذ القوانين واللوائح المعنية في المساواة بين الطلبة تعليميا، (٣) ضعف المستوى الإداري لقيادات الإدارات المدرسية في المرحلة الثانوية وذلك بسبب عجزها عن حل مشكلة غياب الطلبة عن الدراسة في المدارس الثانوية. علما بأن معايير مؤسسات الإعتماد الأكاديمي العالمية المعنية بسياسات ولوائح إدارة وقيادة المدارس قد حددت بشكل صريح ضرورة وضع إستراتيجيات لمعالجة غياب الطلبة دون المساس والتأثير على الدرجات النهائية للطالب، بالإضافة إلى تأكيدها عدم وضع درجة للحضور في التقييم النهائي لمستوى الطلبة.

وهنا، يجدر بنا التوضيح لوزارة التربية والمطالبة بأن عدلوا العناصر الأساسية التي تم وضعها واستخدامها لحساب الوزن النسبي للدرجات النهائية لمستوى طلبة مدارس الثانوية بدولة الكويت، بحيث يجب إلغاء الدرجة الموضوعة لحضور الطلبة والتي يتم خصمها من الوزن النسبي مباشرةً في حال غياب الطالب عن الحصة الدراسية لمادة محددة في المدرسة.

أخيرا، أرى بأن الحل ليس بمعاقبة الطلبة من خلال التهديد بخصم الدرجات لكي يتم تعديل سلوك حضور الطلبة للمدرسة، بل يجب أن يتم حل مشكلة غياب الطلبة من خلال إستخدام إستراتيجيات الإدارة الصفية والمدرسية التي تتعامل مع تغيير سلوك حضور الطلبة دون المساس بدرجات الطالب النهائية. لذلك إن عملية خصم درجات مباشرة من الوزن النسبي بسبب الغياب هو إجراء خاطئ لأنه غير علمي من الناحية التعليمية، ومخالف للمعايير العالمية في التعليم، عدم القانونية لمخالفتها شرط المساواة في التعليم مما سيؤثر تلقائيا على المعدل النهائي للطالب في المرحلة الثانوية.

مع خالص تمنياتي لكم جميعا بالتوفيق.

والله من وراء القصد.

د/ زيد الشمري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock