استراتيجية الفصل المقلوب
لقد أفرزت التكنولوجيا الحديثة جيلاً جديداً من الأبناء مختلفاً عن الأجيال السابقة يمتلك العديد من الأدوات التكنولوجية الفائقة، فقد نشأت أجيال الألفية الثالثة ببيئة محاطة بالأجهزة الخلوية والحواسيب المُدججة بثورة التواصل والاتصال مما جعل هذا الجيل مولوداً رقمياً أصيلاً مرتبطاً مع بيئته الرقمية بشكلٍ يومي.
وقد كشفت جائحة كورونا عن ظهور فجوة بين الجيلين وأقصد هنا الجيل الرقمي الأصيل والجيل الرقمي المهاجر بصرف النظر عن السن، فالجيل الرقمي الأصيل يستخدم التكنولوجيا الرقمية بحرفية وسلاسة، بينما لا يعتقد الجيل الرقمي المهاجر (سيد الموقف) بجدوى استخدامها في العملية التعليمية، مما يؤكد عدم انتماؤه لتلك الأدوات الرقمية.
وفي الوضع الراهن ومع ضرورة الالتزام بتطبيق التباعد الجسدي، يقف المعلم حائراً تُجاه إمكانية تطبيق التدريبات العملية إلكترونياً، والحق يُقال بأن التخصصات التي يغلب عليها الجانب العملي التطبيقي البحت يكاد أن يكون مستحيلاً، بيد أن هناك استراتيجية تعليمية حديثة نوعاً ما تسمى بالفصل المقلوب أو المعكوس، وهي استراتيجية يقوم بها المعلم بقلب وعكس مكان وزمان الدرس النظري الإلكتروني ليكون بالمنزل، وجعل مكان وزمان الأنشطة التدريبية (التطبيقية) بالفصل، وهذا الأخير قد يكون غير قابل للتطبيق.
ولكسب الوقت وتحقيق أهداف التعلم والتدريب في الوضع الحالي، يمكن تطبيق استراتيجية الفصل المقلوب من خلال عرض الدروس النظرية للتطبيقات العملية (وإرجاء التطبيقات العملية والممارسة والمران لما بعد زوال الجائحة بإذن الله) وذلك من خلال عدة أدوات إلكترونية كالمقابلات الإلكترونية والفصول الافتراضية أو إرسال ملفات مرئية إلكترونية مُسبق الإعداد، أو التدريب على برامج المحاكاة (إن توافرت)، أو تطبيق برمجيات التدريس الخصوصي التي تُشرح من خلالها المفاهيم النظرية والحقائق والتعريفات والمكونات والأجزاء والعلاقات… إلخ حول مجال التدريب ذات الصلة، وبذلك يحصل الطالب – وبالأخص ذوي القدرات المتوسطة أو المحدودة – إلى مزيد من الوقت والتكرار والتنوع في وسائل وأساليب التعلم التكنولوجية والاطلاع على المحتويات التفاعلية مرات ومرات حتى يتسنى له التمكن من المفاهيم النظرية لحين زوال الغمة والعودة للحياة الطبيعية وتعويض التطبيق العملي بإذن الله.
أ. عبدالله السميري/ معهد التدريب المهني