نوال البحيري تكتب: صمت الجدران
برغم ضجيج الكلمات فيها وزخرفة الأحداث ودقتها فقد صمتت، لأن كبريائها يحتم عليها أن لا تخفض من قيمتها، فيكفي أنها قيمة ومن يعمل في أرواقها سعيد، يعشق أن يجول بطرقاتها ويستمع لعقل مات جسده وبقي فكره، هنا تجد من عاشوا قبلنا بمئات السنين، قد كانوا أصفى فكرا وأمتع تفصيلا، لم يتخلفوا عنا بل نحن تخلفنا عنهم بنظرتنا الغير كاملة لمكان قيم انتفت الحاجة له –عند الكثير من الناس- وتم استبداله بقنوات التواصل الاجتماعي التي هي وضعت أصلا للتواصل اجتماعيا فقط وليس فكريا أو ثقافيا فاختلط الحابل بالنابل حتى بتنا نرى أفرادا غير مؤهلين تعليميا وفكريا يتخذون من أنفسهم مواقع للإفتاء الديني والقانوني والثقافي والتعليمي وغيره، هذه القنوات أبدا لن تسوق لمركز ثقافي جاد أو مكتبة لعدة أسباب:
السبب الأول أنها للأسف جاهلة بالمعرفة، والسبب الثاني الذي يجب أن نراه بعين الاعتبار أننا لم نقم بتطوير المكتبة وتزويدها بالميكنة المناسبة ولا اهتممنا بتزويدها بالكتب والمصادر القيمة القائمة على البحث في كافة العلوم، ولم نقم بتوظيف المؤهلين وتدريبهم لمواكبة العصر وربط هذه المكتبات بالقنوات الاجتماعية ووضع خط واضح لاستقاء المعلومات منه بسهولة، ربما فعلنا ذلك بشكل رسمي حتى نغلق الأفواه لكن عندما لا نرى موقع المكتبة والمراكز الثقافية في الواجهة الإعلامية أو لم نجد لها حضور على مدار السنة بحجة أن المجتمع غير مستعد لتلقي أي نشاط صادر من أروقة مؤسسة غير جاذبة وذلك لقوانين القراءة الصارمة فيها وعدم مرونتها تجاه التعامل مع القراء فهذا بحد ذاته اهمال.
يجب علينا تفعيل قنوات الربط المجتمعي وجعلها متنوعة واستحداث وظائف مرنة تستطيع أن تخرج المكتبة من نطاق الجمود إلى آفاق التمدن الثقافي الذي سيعود على البلاد بالخير، ويصنع أجيال ذكية .
نوال البحيري
[email protected]