يوسف عوض العازمي يكتب: هواجس و اضطراب .. !
” إن حضارة الإنسان و تاريخه و مستقبله ..رهن كلمة صدق و صحيفة صدق و شعار صدق.. فبالحق نعيش، و ليس بالخبز وحده أبدا “
( مصطفى محمود )
في زمن كورونا تزور الإنسان كثير من الأفكار ، و تغرقه التأملات ، و يبحر في يم التناقضات ، و قد يكون من السهولة أن يصل إلى حال الإضطراب ، و الإغتراب عن حاضره ، و السفر إلى متناولات التفكر و التفكير و تبعات ذلك من افكار ممكن جدا” يكون منها ماهو جنوني !
في خلوة النفس تتداعى الهواجس ، تتراص الأفكار ، تحتشد المحاولات لإيجاد شكل لفكر سماؤه قاتمة ، يتأرجح يومه بين نهار جاف و مساء لين ، بين ممكن و لا ممكن ، تنتابه ريح عصوف تركل الواقف و تهدد السلم الهادئ ، متماسكات الصلابة تنظر بعين شزر إلى متفرقات اليأس و متباينات البؤس، مرغم يتكئ على يائس !
تتظافر رغبات الخاطر في البحث عن رحلة ، تأخذها للبعيد و لأوقات مضت ، و أحداث إنقضت ، إلى التاريخ و قراءاته ، و حسناته و سيئاته ، في قراءة التاريخ سفر و جولات ، مبادئ و تحولات ، مشوار و توقف ، صحيح و نجاح ، و خطأ و خطيئة ، تسير بأوراق التاربخ إلى دول و تتداعى أمامك أمم ، و تبدأ و تنتهي في الورق المصقول حروب و مبارزات ، و نقاش و محاورات ، إن أفضل مافي كتب التاريخ إنها تذكر الحدث و نتائجة ، لكن عليك أيها القارئ الحذق أن تستمد اليوم من حوادث الأمس من كتب التاريخ ، و تتذكر أبا البقاء الرندي :
تلك الأيام كما شاهدتها دول
من سره زمن .. ساءته أزمان ..
في ترانيم الأحداث دروس قاسية ، و مواعظ راسية ، و عبر تبقى في الذاكرة ، و أرتباكات و تداركات ، و ثوان معدودة تمر و كأنها سنة الأثنتي عشر شهرا” ، من لايتدارك الإرباك لايحصل على فائد ، و لايفصل في كائد ، التغني بالماضي من صفات الضعفاء البسطاء ، فهم لايملكون حاضرا” و لاينتظرون مستقبل ، عالة على أنفسهم ، عبء على الإنسانية ، يعيشون معيشة البهائم ، أكل و شرب و فراش ، لا إنتاج و إنضاج لتجربة و مبادرة ، يدعون المثالية و هم الابعد عنها ، يترنمون بالتدين و هم بؤرة العنصرية ، يتباهون بالرقي و هم لايستطيعون تسلق هضبة قصيرة الطول ، يأتون من الطين و يعودون إلى التراب ، و هم مغمورون لا ذكر و لافكر ، و لا ذكرى طيبة !
إن لم تعط لن تأخذ ، و إن لم تتنازل لن يتنازل لك ، الحياة جلها هات و خذ ، حتى السلام قل السلام عليكم سيكون الرد و عليكم السلام و رحمة الله ، و أحيانا” و بركاته ، كن أنت و لاتكن ذاك ، أنت لك وضعك – ظروفك ، و ذاك له وضعة – ظروفه ،أنا و أنت و هو خلقنا الله سبحانه و تعالى و لن نعمل أمرا” دون إرادته و توفيقه ، لا تتذاكى على بديع السموات و الأرض ، أنت خلقت من نطفة ، أريت كم أنت صغير ؟
قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وتحسب أنك جـِرمٌ صغير *** وفيك انطوى العالم الأكبر ..
داؤك منك ومـــــا تبصر *** دواؤك فيك . .ومــــا تشعر ..
بالنهاية أنت خلقت من طين ، و سترجع إليه ، فإن لم تفهم حقيقتك كإنسان ضعيف لن تفهم أبدا” ، و ستتاقاطع أمامك الطرقات ، و لن تعرف المسار الايمن من الأيسر !
يوسف عوض العازمي
alzmi1969@