كتاب أكاديميا

” فصل الدين عن الدولة “بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح


يقول المفكر والأديب عبدالرحمن الكواكبي أن ( الدين هو ما يدين به الفرد لا ما يدين به الجمع ) ولقد تحدث العلامة الكواكبى كثيرا عن الإستبداد الدينى فى كتابه الشهير (طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد ) ولا شك أن هذا النوع من الإستبداد والتسلط بإسم الدين أثر كثيرا على شعوب الأرض وتطور الحياة فيها ونهضتها وعمرانها والذى إتضح جليا فى أوروبا العصور الوسطى حيث الصراع الكاثوليكي / البروتيستانتى من ناحية وأيضا إضطهاد رجال الكنيسة عموما للعلم والعلماء وقتلهم لكل من يهدد سلطانهم وهيمنتهم على عقول الناس بحجة هرطقة العلماء وتجديفهم وأن علومهم تخالف النصوص الدينية وهى علوم شيطانية لإضلال الناس !! .

.وللأسف يزخر تاريخنا الإسلامى فى المنطقة العربية أيضا بالصراع الطائفى السنى /الشيعى والذى لا يزال يتأجج إلى اليوم بسبب دعاة الفتنة الذين تختمر عقولهم بالفكر المذهبى والتحريض على المخالف لا لدين الحق ونهضة أمة ولكن لإشباع الرغبات الشيطانية فى القتل والتسلط والإنتصار للفكر الضيق المدمر من الطرفين السنى والشيعى والذى رأيناه واضحا جليا فيما يسمى بثورات الربيع العربى وكيف يتم برمجة العقول وتجييش الجيوش للقتل والحرق والتدمير الذى لن نتجاوز آثاره إلا بعد أمد بعيد .
نستخلص من الأمثلة سابقة الذكر فى مقالنا هذا وهى غيض من فيض ما يزخر به ماضينا وحاضرنا ولعله مستقبلنا لا قدر الله من أن هذه الصراعات الدموية على أساس دينى أو مذهبى أو أيديولوجى لن تنهض بأمة أو جماعة من الناس ، لأن التاريخ والتجربة والحكمة أخبرونا أن التعايش السلمى والحريات والحوار الثقافى المعرفى وحفظ الأنفس المعصومة من العدوان عليها هى الأساس الذى تبنى عليه الشعوب العظيمة منهجها وحياتها ونهضتها ، لذلك عندما نطالب بفصل الدين عن الدولة فى عصرنا الحديث فنحن نحمى الدين والدولة وحقوق الناس وحرياتهم ، لأن الأديان عقائد وثوابت وفروع ، أما السياسة وإدارة شئون الناس فهى متغيرات ومصالح و تحالفات تتغير وتتبدل وليس فيها ثوابت ، الدولة ترسخ مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان وكذلك الدين ولكن للأسف أغلب رجال الدين يمارسون الإقصاء مع المخالف وحرمانه من حقوقه فى وطنه وأرضه لا لشئ إلا لأنه يتبع الأقلية وليس الأغلبية مما يجعل هذا المنطق المتعسف نواة للصراع بين الأغلبية والأقلية فى مناطق كثيرة .

عندما نطالب بفصل الدين عن الدولة فنحن نحمى الدين ورسالته من الإختطاف على أيدى مجموعة من البشر لا تدين إلا بقتل وتفجير الأبرياء .

عندما نفهم ونتدبر معنى الدين لله ومعنى الدولة للمواطنين ومسئولية كلا منهما سنعلم يقينا أن الفصل بينهما نتيجة حتمية للحفاظ على حق كل إنسان فى الحياة الكريمة بدون قهر وظلم أيا كان دينه أو لونه أو جنسه .

يجب علينا جميعا نحن البشر أن نبحث عن المشتركات السلمية ونحترم حقوق بعضنا البعض حتى نضع حدا للدائرة الإنتقامية التى لا تفرق بين الناس جميعا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock