أ. د. فيصل الشريفي يكتب: مستقبل التعليم الجامعي في دولة الكويت (3)
تجربة الجامعات الربحية لم تؤدِّ الغرض المطلوب منها، وعليه لا بد للأمانة العامة للجامعات الخاصة من مراجعة وسحب أي ترخيص إذا لم تحسن تلك الجامعات أداءها لتدخل ضمن أفضل 2000 جامعة على مستوى العالم، أو أي ترتيب تحدده خلال عشر سنوات.
كتب المقال أ. د. فيصل الشريفي
في المقالين السابقين تناولت موضوع تعريف الجامعات الحكومية والفرق بينها وبين الخاصة الأهلية غير الربحية والربحية، كما أشرت إلى أنه لا يوجد في دولة الكويت جامعة خاصة أهلية غير ربحية، ولا أظن المشرع انتبه إلى إدراج هذا الفراغ التشريعي ضمن مسودة القانون المزمع مناقشته في اللجنة التعليمية داخل مجلس الأمة.
وجود جامعة غير ربحية سيبعد شبح سيطرة الجامعات التجارية عن تولي زمام التعليم في دولة الكويت وسيسمح في سرعة سد الفراغ الجامعي وخلق جو من المنافسة نحو جودة التعليم بسبب مساحة الحرية ومرونة اتخاذ القرارات الأكاديمية والإدارية التي تدار بها، وخير دليل على ذلك وجود الكثير من تلك الجامعات على قائمة التصنيف العالمي.
الكويت تستطيع إنشاء جامعة خاصة غير ربحية يتم تمويلها من ميزانية مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وبدعم المتبرعين من أهل الخير ومساهمة حكومة الكويت والرسوم الدراسية، حيث من الممكن تشغيل هذه الجامعة فور صدور القانون من خلال استغلال بعض مواقع جامعة الكويت التي سيتم الاستغناء عنها في حالة انتقالها إلى مقرها الجديد أو بعض الكليات في الحرم الجامعي الجديد.
إنشاء جامعة خاصة سوف يسهم في خلق جو من المنافسة بين الجامعات، وخلال فترة زمنية قصيرة ستحقق الكثير من المكاسب النوعية للتعليم الجامعي، وستدخل على خط التنمية كشريك استراتيجي حيث صناعة التعليم تعني النهوض بمقدرات الدولة والاستثمار المادي الطويل الأمد من خلال الاستثمار بالعنصر البشري وتأهيله علمياً وفنياً كمنظومة بناء متكاملة مرتبطة بمفاصل الحياة.
ففكرة التوسع في إنشاء الجامعات الخاصة الربحية من منظور الشراكات مع الجامعات الأم لم تنجح، وحتى في الدول المتقدمة ذاتها، فكم من شهادة دكتوراه منحتها تلك الجامعات لأشخاص إذا ما رجعت إلى قيمتها الأكاديمية والعلمية تجدها لن تساوي الحبر الذي طبعت فيه، وعلى فكرة هناك من هؤلاء من تبوأ مراكز قيادية متقدمة، ومنها في الجسد التعليمي، ومن غرائب وعجائب الزمن أن بعضهم يسوّق شهادته لعلمه أن من يسمع له لا يميز الثرى من الثريا.
من ضمن الشروط التي تفرضها الأمانة العامة للجامعات الخاصة للحصول على ترخيص جامعة خاصة أن يكون عندها عقد توءمة أو شراكة مع إحدى الجامعات التي تدخل ضمن تصنيف أفضل 200 جامعة على مستوى العالم، حيث من المفترض أن يسري عليها تطبيق المعايير نفسها التي تقوم عليها الجامعة الأم، إلا أن أغلب الجامعات الخاصة لا تعير هذا الشرط أي اعتبار بعد حصولها على رخصة العمل.
الخلاصة تجربة الجامعات الربحية لم تؤدِّ الغرض المطلوب منها، وعليه لا بد للأمانة العامة للجامعات الخاصة من مراجعة وسحب أي ترخيص إذا لم تحسن تلك الجامعات أداءها لتدخل ضمن أفضل 2000 جامعة على مستوى العالم، أو أي ترتيب تحدده خلال عشر سنوات عند بدء استقبالها للطلبة، وعليها أن تقدم ما يثبت جديتها في تقريرها السنوي، وإلا سحب الترخيص أو تتوقف الأمانة عن توجيه طلبة البعثات الداخلية إليها.
ودمتم سالمين.