سوسن إبراهيم: العالم الآخر
نجلس جنباً إلى جنب، قد تتقابل أعيُننا صدفة وقد تتكرر النظرات ولكن مشاعرنا مجردة، بلا أحاسيس أو عواطف، جامدة بلا حياة .
أصبحت الأجساد بلا حيوية وكلاً يمشي مع عالمه. نعم عالمه الإفتراضي !! عالمه الذي اخترعه أو التي أُخترعت له.
أصبح القريب بعيد والعكس صحيح كذلك. أصبحنا نتحاور ونتقابل ونتبادل أطراف الحديث وكذلك نتغنى بالحب عبر تلك الوسائل الإتصالية. أصبح الهاتف يمثل للفرد عالمه الخاص الذي إذا دخله أصبح شخصاً أخر أو شخصاً يتمنى أن يكونه.
تختلط المشاعر وتتنوع التفاصيل ووسيلة اللقاء واحدة، عبر الهاتف. لم يعد الهاتف وسيلة إتصال وحسب بل أصبح وسيلة للعيش، وكأنه شرٌ لابد منه .
اجتمعت قلوب وافترقت، والوسيلة كانت واحدة. والغريب بالأمر، أني كلما أردت أن أدير ظهري، كنت أرى نفس الوجوه، تلك الوجوه الشاحبة الشاردة الغارقة في إحدى زوايا ذلك العالم الإفتراضي.
وأصبح أكبر همهم؛ كم تعليقاً حصلوا عليه ؟ كم شخصاً تابعه ؟ وكم إعجاباً نالته التغريدة أو التعليق؟
من المؤسف أصبحنا هنا وهناك، لم نفق بعد من غيبوبة العالم الآخر؛ و قد لا نفق أبداً !!!
سوسن إبراهيم محمد