د. محسن العارضي يكتب: التطبيقي والصناعة

عندما يقرر المرء شراء سيارة يكون هناك عدد من العوامل المؤثرة في قرار الشراء منها على سبيل المثال السعر و الجودة و بلد التصنيع ..
و هل المنتج وطني أو مستورد …!!!

في زيارة لي إلى معارض السيارات على الدائري الرابع وفي زحمة السير استوقفني إعلان شركة الساير للتسويق لمنتجات تويوتا “صيفنا حار …بس تويوتا أكيد راحة بال” بكل تأكيد مستوى الثقة في منتجات تويوتا عالي جدا وذلك لإنها اعتمدت في نظامها المؤسسي مفهوم الكايزن وهو مفهوم إداري ياباني استحدث في شركة تويوتا يعتمد على ” التحسين المستمر والدائم ” وإيقاف الهدر في المؤسسة حيث يعتمد هذا الأسلوب الياباني على التطوير المستمر، بإدخال تحسينات تدريجية صغيرة وبسيطة تقلل التكاليف والهدر وتزيد الإنتاجية. “كايزن” لا يعني التطوير التكنولوجي واستخدام الأساليب المعقدة، بل على العكس، فإن “كايزن” هو ألد أعداء التعقيد، فهو يهدف إلى تخفيف الإجراءات غير اللازمة وتسهيل حركة العمل بإزالة ما يعوق الأداء..
لذلك أصبح العاملين في المؤسسة في تحدي يومي للتطوير والتحديث المستمر لجميع الإجراءات الإدارية والصناعية في المؤسسة وبأقل تكلفة ، فأصبحت منتجات تويوتا مقرونة بالثقة وتصدرت أعلى المبيعات في العالم .

نعم صيفنا حار …لكن أين راحة البال وأنت تتجول في قسائم الكويت الصناعية ونسبة كبيرة أصبحت عبارة عن وكالات بيع أو محلات تجزئة!
أين مفهوم الصناعة والتطوير ؟! أين المشروعات الحقيقية التي يمكن أن تخلق فرص عمل حقيقية للشباب ؟!
أين الربط بين التعليم التطبيقي المتميز واحتياجات الصناعة؟
حيث لا يمكن أن تقوم صناعة وتتطور من غير الإستثمار في رأس المال البشري الذي هو عبارة عن مخزون المعرفة والعادات و
السمات الإجتماعية والشخصية، بما في ذلك الإبداع، المتمثل في القدرة على أداء العمل لإنتاج قيمة إقتصادية.
لذلك يجب أن يكون هناك توافق وتجانس وتحديث مستمر ودائم بين التعليم التطبيقي أو التقني والمهني وبين خط البلد الصناعي ورؤيتها .
نعم صيفنا حار لكن راحة البال تكون عند الشعور بالثقة أو عند الشعور في قوة الوضع الأمني والإقتصادي والإجتماعي للبلد.

تعتبر الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ركيزة أساسية لتزويد البلد بالطاقات الشبابية ولكن حتى يمكن أن يكون أثر التطبيقي مؤثر ومعين لقطاع الصناعة في الكويت يجب إعادة النظر في كيفية إدارة هذه المؤسسة الأكبر في الكويت من ناحية عدد الطلبة المقيدين فيها والذين هم مستقبلنا ورأس مالنا البشري وذلك بالتحسين المستمر والدائم في جميع إداراتها وبرامجها ولايكون ذلك إلا من خلال معرفة وضعنا الحالي المبني على حقائق ومعلومات تمكن الادارة من إتخاذ القرارات المناسبة والتي تخدم عملية التطوير .
إن مفهوم التحسين المستمر والدائم ليس أوامر تصدر من مكاتب الإدارة بل هي مشاركة بناءة من جميع العاملين في المؤسسة ومن موقع الحدث المراد تحسينه ( بمفهوم الإدارة اليابانية لإدارة من موقع الأحداث … جمبا كايزن – إدارة المكان والزمان).

لذلك يجب أن يكون للتطبيقي رؤية في كيفية تطوير وتحسين إدارة كيانه وأن يكون مصدر يعتمد عليه ويثق في مخرجاته ولا يكون خط لتزويد ديوان الخدمة المدنية بطوابير الإنتظار للوظيفة الحكومية .

إن القيادة الحقيقية ليست إجبار الناس على اتباع التعليمات ولكن القيادة الحقيقية تكمن في دعوتهم للمشاركة في رحلة النجاح …

نسأل الله التوفيق والسداد للدكتور علي المضف مدير عام الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب على توليه إدارة التطبيقي وإن شاءالله يكون لخبرته الصناعية السابقة في إدارة الهيئة العامة للصناعه وخبرته في التعليم التطبيقي الأثر الواضح في تطوير وضع المؤسسة الحالي وأن يكون مفهوم التحسين المستمر والدائم “كايزن” شعار ومنهج للتطبيقي .

رسالة لي وللجميع إخواني في مؤسستنا
تذكير بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَى أُنَاسٍ جُلُوسٍ ، فَقَالَ : ” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ ؟ ” قَالَ : فَسَكَتُوا ، فَقَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا ، قَالَ : ” خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ ، وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ ”

وإن شاءالله نكون جميعا مما يرجى خيرنا وأن نكون على قدر المسؤولية وعونا لتحسين وضع مؤسستنا وأن نكون فريق واحد يتطلع للصدارة والنجاح .
رحمه الله الإمام الشافعي حين قال
” الحر من راعى وداد لحظة، وأنتمى لمن أفاده لفظة”

بقلم:
د. محسن صاطي العارضي