أ. اماني الناصر تكتب: التعلم بالمرح.. التعلم بالترفيه
من أهم مسؤوليات المهتم بالشأن التربوي والتدريبي محاولة فهم أفراده واستكشاف مكنوناتهم وطاقاتهم ، وتلمس جوانب الضعف والقوة في شخصياتهم ، والتعرف على جوانب الخلل في ذواتهم التي بحاجة إلى إصلاح ، والألعاب التربوية تتيح له فرصًا كثيرة لمراقبة سلوك أفراده في مواقف تحاكي الواقع وتقترب منه ، والشواهد في الحياة كثيرة تؤيد ما وصل إليه «بلاتو» من أن « ساعة لعب تعرفك بالشخص أكثر من سنة محادثة .
فالألعاب التربوية ممارسة في وسائلنا التربوية ، لكنها اجتهادات فردية تفتقر إلى التأصيل ، فالألعاب طريقة تربوية لها تأصيلاتها النظرية في جامعات عالمية عريقة ، وتطبيقاتها العملية المشاهدة في الدورات التدريبية ، والفصول التعليمية في المدارس الغربية ، تستند إلى ثروة من الأبحاث والدراسات الأكاديمية ، تقدم تحت مسمى «التعلم من خلال الممارسة » تارة ، أو «التعليم الترفيهي Edutainment»، أو « التعليم بالمرح » ، وما العمل التربوي في محصلته النهائية إلا عملية تعلم هدفها إكساب الفرد معلومة جديدة ، وغرس سلوك حميد وتنقيته من آخر مشين، وتغيير اتجاهات وقناعات.
فالدراسات تؤكد أن الأفراد يتعلمون بصورة أفضل عندما تكون عملية التعلم ممتعة ، فالألعاب طريقة جذابة وطبيعية ، فنحن مفطورون على حب المرح الذي أحد مصادره اللعب ، « في داخل كل منا طفل يتوق للعب» كما يقول «نيتشه».
الألعاب التربوية تتبنى مبدأ التعلم من خلال الممارسة ، فهي ألعاب تحكم بقوانين ، وتحدد سلوك المشاركين المطلوب منهم القيام به ، كما تحدد النتائج (الأهداف) المراد تحقيقها ، والجزاءات التي تحدد نتيجة للأداء . كما تشير إلى مجموعة من الأنشطة المطلوب القيام بها لإنجاز مهمة ما ، ويتم ذلك في جو مصطنع يحاكي الواقع . وأغلب الألعاب تحمل طابعًا تنافسيًا في إطار تفاعل اجتماعي بين المشاركين ، تنتهي «بفائز» و«خاسر». وهي بطبيعتها تتطلب من الأفراد المشاركة الجسدية (نشاط عضلي كالحركة) ، أو العقلية (نشاط عقلي كحل مشكلة) ، أو كليهما ، كما تستثير الجانب الانفعالي لدى المشارك (كالحماس والمتعة والإثارة والترقب).
تختلف الألعاب عن طرق التعلم الأخرى في كون المقدم ليس هو مصدر المعلومة أو التوجيه ، بل هو إحداها ، ويتوقع من المشاركين أن يساهموا في إثراء الخبرة التعليمية بتجربتهم ورؤيتهم الخاصة ، أي أن الكل يتعلم من الكل ، وليس من المقدم فقط . كما أن أهم ما يميزها عن طرق التعلم الأخرى هو عنصر المتعة والتشويق.
الألعاب التربوية هي إحدى أهم وسائل نقل واستيعاب المعلومة ، وغرس السلوك المطلوب ، وتغيير الاتجاهات ، والسبب في ذلك هو تميزها بعدة خصائص مقارنة بالوسائل الأخرى ، والتي منها :
مخاطبتها لأكثر من حاسة لدى الإنسان ، ففي حين تعتمد المحاضرات التقليدية على حاسة السمع لنقل المعلومة ، فإن الألعاب التربوية تستخدم ، بالإضافة للسمع : البصر ، واللمس ، وفي أحيان أخرى ، الشم والتذوق ، وكلما تم مخاطبة أكثر من حاسة خلال عملية التعلم ، كلما كانت المعلومة ، أو السلوك ، أكثر ثباتًا وفهمًا لدى المشارك.
في حين أن المحاضرات التقليدية تصلح لنقل الجانب النظري من المعلومات ، فإن الألعاب تصلح أيضًا لغرس السلوكيات الإيجابية ، وتغيير اتجاهات الأفراد.
الألعاب عملية ممتعة للأفراد ، تثير مرحهم ، وتكسر الملل الذي يصاحب المحاضرات التقليدية عادة.
الألعاب مناسبة في تأكيد المعاني التربوية التي تم تلقيها سماعًا.
الألعاب هي أقرب أسلوب تعلم يحاكي الواقع ، فالسلوك الصادر من الفرد خلال اللعب يعكس السلوك الأكثر احتمالًا بأن يقوم به الفرد في الواقع الميداني.
الألعاب من أكثر الوسائل جذبًا لانتباه الأفراد.
الألعاب أكثر وسائل التعلم التي يتفاعل من خلالها الأفراد فيما بينهم.
معظم الألعاب تعتمد على مواد رخيصة ممكن الحصول عليها ، أو تصنيعها محليًا.
الألعاب تقوي العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجموعة.
الألعاب تزيد وتعزز ثقة الفرد بنفسه.
الألعاب تعكس جدية وتحضير المقدم واجتهاده في توصيل المعلومة وغرس السلوك المطلوب بشتى الوسائل.
الألعاب تكسب المقدم حب المشاركين.
الألعاب تستثير انتباه ودافعية الفرد.
أ ـ سمات أسلوب التعلم باللعب :
1 ـ نشاط منتظم له قواعده وقوانينه .
2 ـ اللعب مستقل ويجري في حدود زمان ومكان محددين .
3 ـ يحث علي التنافس والمثابرة .
4 ـ يحقق السرور والمتعة .
5 ـ ينمي روح التعاون .
6 ـ يشبع حاجات الطفل الجسمية والعقلية ، ويوظف طاقات الجسم الحركية والذهنية
بلا تعب .
ب ـ وظائف أسلوب التعلم باللعب :
1 ـ اللعب أداة التعلم واكتشاف وتطور .
2 ـ أداة لتنميه الجوانب المعرفية ، والإدراكية ، والاجتماعية ، والوجدانية.
3 ـ أداة للتخلص من الكبت والضغوط الاجتماعية .
4 ـ أداة لحل مشكله الطفل الشخصية .
5 ـ أداة للتعلم الاستكشافي والتمثيل .
تعريف اللعبة :
اللعبة كما يعرفها ” ويزجا ” : بأنها نشاط أو عمل إرادي , يؤدى في حدود زمان ومكان معينين حسب قواعد وقوانين مقبولة وموافق عليها من قبل الممارسين , وتكون ملزمة ونهائية بحد ذاتها , ويرافق ممارسة اللعبة شيء من التوتر , والترقب , والبهجة واليقين.
ويعرفها ” أحمد بلقيس” : بأنها نشاط أو مجموعة من ألوان النشاط المنظم , التي يمارسها المرء منفرداً أو في جماعة , لتحقيق غاية معينة . وهو يشترط في اللعبة ما يلي :
– أن تسير وفق قواعد مفهومه.
– أن توفر لمن يمارسها شعوراً معيناً من المتعة والفائدة دون أذى .
– أن تقوم على روح المنافسة الودية مع الذات ومع الآخرين.
الشروط الواجب توافرها في اللعبة التربوية :
1 ـ تعبر عن أهداف المنهاج .
2ـ تعبر عن جزء من المحتوي التعليمي
3ـ تتوافق مع حاجات المتعلمين واهتماماتهم وقدراتهم .
4ـ تتوافق مع المرحلة العمرية التي تستخدم لها .
5 ـ أن تكون آمنة وغير خطرة .
6 ـ أن تتوافر فيها معايير الشعور بالمتعة والمرح .
الخطوات اللازمة لتوظيف الألعاب :
1 ـ اختيار الموضوع والمحتوى والأفكار التي تشملها اللعبة .
2 ـ تحديد الأهداف السلوكية وصياغتها بصورة واضحة , لتحديد النتاجات التعليمية المتوقعة.
3 ـ تحديد صفات المشاركين وأدوارهم , وتحديد الزمن اللازم للتنفيذ .
4 ـ وصف المواد والأدوات اللازمة لإجراء اللعبة.
5 ـ تنظيم البيئة الصفية لتناسب تنفيذ اللعبة .
6 ـ تطبيق وتنفيذ اللعبة , وملاحظة مدى ملائمة اللعبة والزمن .
7 ـ المناقشة الودية للتنفيذ , واستنتاج المضامين المستفادة من اللعبة .
أ. أماني الناصر
المعهد العالي للخدمات الادارية