أكاديميا|

من المشاهد التي إستوقفتني قليلا عندما كنت في زيارة إلى أحد الأقرباء ورأيتهم كيف يجبرون ابنهم على الكتابة باليد اليمنى ! بدلا من كتابته باليد اليسرى وهي طبيعته !! وأكاد أجزم بأن ذلك ليس في هذه الأسرة فقط، وإنما هناك الكثير من الأسر تقوم بنفس السلوك، ظنا منها أنه يجب تغيير الكتابة من اليسرى إلى اليمنى،  بل تصل الأمور إلى استخدام أساليب غريبة في تنفيذ المهمة، فمنهم من يمسك بيد الطفل اليمنى ويساعده في الكتابة إلى أن يتعلم ذلك ويترك اليسرى،  والبعض يستخدم أساليب الترهيب والعقاب , والبعض الآخر يربط يد الطفل اليسرى ليجبره على الكتابة باليمنى , كما كان يفعل العرب قديما , وكل هذا ليس له أساس علمي بل جهل تاريخي !  فقد كانت الكنيسة قديما تنظر لمن يكتب باليسرى بأنه عمل شيطاني , لابد من محاربته والقضاء عليه , كما أن العرب كانت تربط يد من يكتب باليسرى , وفي اليابان للرجل الحق في تطليق زوجته إن كانت تكتب باليسرى !! بل إن المجتمعات القديمة كانت لا تفصح أن لديها من يكتب باليسرى , وتقوم بإخفائه عن المجتمع , لأن النظرة المجتمعية لمن يكتب باليسرى إنه شؤم !! وبعد التقدم والتطور البحثي والعلمي خاصة في مجال المخ والأعصاب والعمليات العقلية والمعرفية , توصلت الدراسات الى أن هناك مميزات يتمتع بها من يكتبون باليسرى , مثل الحس الفكاهي , والعاطفة , والنظرة الشاملة للأمور , والإحتمالية بأن يكون مبدعا في المستقبل ,, وبعض الدراسات تشير إلى أن نسبتهم في المجتمعات هي 4% , ويبقى أن نذكر أن الكثير من المؤثرين في المجتمعات هم من الذين يكتبون باليسرى مثل : نابليون , دافنشي , الملكة فيكتوريا , بوش الأب , بيل غيتس وغيرهم الكثير , وفي نهاية المطاف أوضحت الدراسات بأن إجبار الطفل على تغيير الكتابة من اليسرى إلى اليمنى قد يؤدي إلى خلل عصبي , لأن مركز التحكم موجود في المخ الأيمن وهو عكس من يكتبون باليمنى , وتذكروا أن الكتابة ليست كالأكل , فأفعلوا ذلك في الأكل لا بالكتابة .

د. يوسف المرتجي

قسم علم النفس – كلية التربية الأساسية