كتاب أكاديميا

أ. انوار العازمي تكتب: أهمية التدريب

إن للتدريب أهمية كبيرة في هذا العصر المتطور الذي نعيش فيه، إذ إن التطور التكنولوجي والعلمي بات سريعاً بحيث أننا باستمرار بحاجة لتعلم مهارات وعلوم جديدة، فليس هناك مثال أشهر أو أوضح من الحاسوب وتطوراته السريعة بحيث أننا نحتاج لتعلم الجديد في هذا المجال وربما كل أسبوع، لذلك فلننظر إلى التطور السريع في مجال العلوم الإدارية وتأثير العولمة على مفاهيم الإدارة، إلى جانب المجال الصناعي حيث نجد أن التطور التكنولوجي يجعلنا مضطرين لاستخدام معدات متطورة وبالتالي نحتاج إلى التدريب المهني المستمر الذي يعزز المهارات ويصقلها بإتقان.

ولكن التدريب ليس مرتبطا فقط بالعلوم والمعارف والتقنيات الحديثة ولكن التدريب له أسباب أخرى، فمن أهم هذه الأسباب تقوية نقاط الضعف لدينا أو لدى العاملين في المؤسسة والتي تقل من كفاءتهم لأداء أعمالهم، لذلك قد يكون مَنشأ نقاط الضعف هذه ضعف التعليم أو الاختلاف بين التعليم وبين متطلبات العمل أو تغيير المسار الوظيفي. فالكثير منا عندما يبدأ حياته العملية يكتشف أنه لا علم له بكتابة تقارير العمل ولا بتنظيم الاجتماعات ولا بقوانين العمل ولا بأساليب تحليل المشاكل. لذلك فإن هناك الكثير من نقاط الضعف التي نحتاج لتقويتها بالتدريب، فكثيرا ما ترى المديرين يستهزؤون بمهارات الخريجين الجدد ويكتفون بالتحدث عن ضعف مستواهم وهذا أسلوب غير بناء وغير محترم، ومن هذ المنطلق  فلو حاولنا تدريب هؤلاء فإننا قد نكتشف أن لديهم قدرات عظيمة وسيفيدون العمل كثيرا وسيكون لديهم قدر من الولاء للمؤسسة التي منحتهم فرص التدريب وكذلك يكون لديهم قدر من التقدير لمدراءهم الذين اهتموا بتنمية  وصقل مهاراتهم التدريبية.

ومن هذا المحور يعد التدريب والتنمية عملية مستمرة خلال حياة الفرد وفقا لاحتياجاته كفرد و كعضو في المجتمع ، و هو يسعى إلى إحداث تغييرات في أنماط السلوك من خلال تعريضه لأساليب ووسائل تدريبية متطورة ، كما  أن التدريب والتنمية وسيلة هامة للفرد فهو يهدف إلى إعطاء الفرصة الكاملة للأفراد لتأدية العمل المطلوب منهم بكفاءة عالية ، ومن ثم فهو وسيلة لتنمية قدرات الفرد التي تفيده في الحصول على اكبر نفع لشخصه و لمنظمته ولمجتمعه المحيط به ، لذلك فإن  الكفاءة في العملية التدريبية ترتبط بمجموعة من العناصر التدريبية المهمة و التي منها:- المدرب ، المتدرب ، مكان التدريب والتنمية ، ووقته ، محتوى التدريب والتنمية ، ووسائل التدريب والتنمية و التعليم و التطوير المختلفة .

إن الهـدف الأساسي الذي تـسعى لتـحقيقه المنظمة من خلال تقسيم برامج تدريبية ، هو إزالة جوانب الضعف في اداء الفرد العامل سواء كان هذا الأداء حاليــا أو متوقع مستقبلا . إن تحقيق الهدف العام للتدريب يتطلب وجود أهداف فرعية و بتحقيق الهدف العام للمنظمة. ويمكن حصر أهمية الأهداف فيما يلي :
1-تأتي أهمية التدريب من كونه مدخلا علميا يزيد من فاعلية الأفراد ويساعد على رفـع
كفاءتهم النوعية في مجال الاهـتمام التربوي و التخصصي.
2-اكتسـابهم المعلومـات و المهـارات الوظيـفية اللازمـة حـيث تسـاهم فــي زيـادة قدراتهـم في أدائهم للوظائف التي سوف يؤهلون لها .
3-إحداث تغيرات إيجابية في سلوكهم و اتجاههم و في علاقاتهم بالعمل و العاملين نحـو الأفضل .
4- اكسابهم المعرفة الجديدة و تنمية قدراتهم و مهاراتهم و التأثيـر في اتجاههم وتعديل افكارهم والسلوكيات.
5-تطوير العادات والاساليب التي يستخدمونها للنجاح ولتفوق في العمل.
6-زيادة و تطوير المعارف أي ما يحيط الفرد علما بالأصول والمبادئ التي تحكم عمله .
7- ارتفاع مستوى الاداء سواءً للفرد او المنظمة التي ينتمي اليها .

وعن أهمية التدريب يقول (مالكولم بيل) لا يمكن اعتبار منافع التدريب أشياء مسلماً بها، فبعض الأشخاص يعتبرون التدريب تضييعاً للوقت، وإبعاداً لهم عن نشاطات أكثر أهمية. والكثير من الأشخاص لم يتلقوا تدريباً أو تلقوا قليلاً منه خلال حياتهم العملية، وهم لا يشعرون بالنقص نتيجة لذلك ولا يشعرون بأي نقص في التدريب عندهم. وبعض أرباب العمل ومديري الأعمال ينظرون إلى التدريب على أنّه عبارة عن نفقات لا يمكنهم تحملها، وأن التدريب هو الذي يتلقى أول التخفيضات في النفقات عند الرغبة في الاقتصاد. لكن التدريب الجيد كان دائماً شيئاً مهما، وهو اليوم أكثر أهمية، ولا يمكن لأحد اليوم أن يتعلم كل ما سوف يحتاج إليه في مجاله المهني في بداية ممارسته لهذه المهنة. فبغض النظر عما نمارسه من عمل فإن هذا العمل يتغير مع الزمن، وتأتي هذه التغيرات من مسببات كثيرة.

إن ما يحزن هو أن ترى الكثير من الشركات والمؤسسات تهتم بشكل كبير فقط على الجانب العملي (المهني) حيث تقوم بإرسال الموظفين في دورات فنية حسب مجال عملهم، فتقوي فيهم هذا الجانب وتنسى جوانب أخرى لا تقل أهمية وهي الجانب النفسي والذهني والجسدي. فالمنتج يعتمد على ثلاثة عوامل هي: الوقت والمال والجودة، فالوقت هو فترة دوام الموظف والمال تدفعه جهة العمل والجودة تتوقف على أداء الموظف. وأداء الموظف يتوقف على عوامل كثيرة أولها خبرته وعلمه في مجال عمله ثم الجانب النفسي والجانب الذهني والجانب الصحي والجانب العائلي. فلو كان الموظف بالغ الذكاء ذا مهارة عالية في مجال تخصصه، ولديه مشاكل عائلية أو أصيب بحالة نفسية سيئة كما هو حال البشر، أو كان هناك ما يشغل تفكيره ويؤرق منامه فلن يؤدي عمله بالشكل المعتاد، هذا إن لم يتوقف عن العمل. ولذا يحتاج الموظفون إلى الاهتمام بحالاتهم النفسية والذهنية والجسدية وتطويرهم في هذا المجال، فهذا يشعرهم بأهميتهم وقيمتهم الأمر الذي يجعل الموظف يعمل وهو مستمتع.

وفي الواقع، إن أهمية التدريب ترجع إلى أن جميع الدلائل تشير الى ضرورة الاهتمام بنشاط التدريب خاصة بعد كبر حجم المشروعات و تعدد أنشطتها و زيادة سرعة تطورها و تغيرها. يضاف إلى ذلك ، أن تقدم أي فرد في أي مشروع يعتبر رهن بقاءه في المشروع يعتبر بحد ذاته مرهون بكفاءته الانتاجية وكفاءته الانتاجية مرهونة بدرجة خبرته و مهاراته، وأخيرا خبرته ومهاراته مرهونة بمقدار التدريب الذي حصل عليه.

 

إعداد أ/ أنوار العازمي

المعهد العالي للخدمات الإدارية

قسم اللغة الإنجليزية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock