يوسف عوض العازمي يكتب : رقصة الحرف و الكلمة !
” حسبك من الذكاء أن تعرف مقدار نفسك ”
( مصطفى لطفي المنفلوطي )
أحيانا” يجري القلم بين اصابعك ليكتب فكرة تلو الأخرى ، و يسبقك بحماس بالكتابة ، ما أن تدخل جو الورق و الحبر ، إلا والكلمات تنهمر ، تحاول اللحاق بها وتستطيع ولاتستطيع ، على طريقة ” رويت و مارويت ” !
اكتب وأستعجل الكتابة ، تضيع المعاني الكامنة وراء الكلمات بين السطور ، تارة يعتقدها القارئ بيتا” من الشعر ، او نثرا” باذخا” ، او حتى جملة مفيدة لها محل من الإعراب ..
كل كاتب وله طريقتة ، والكتابة حسب ظني هي مزاج ، هي رقصة الحرف والكلمة ، وعرف منفرد للناي ، وأنشودة تغينها أصوات عشاق ، وأيام تأتي ، وليالي تضيع وسط دامس ظلامها ، أستشعر المفردة وكأنها تحكي لي قصة ” الليل واحلامه ” ، والنهار وأثقاله !
للكتابة مآلات و دوافع ، هناك من ينشد بها الشهره ، و هناك من يقتطع بها خلجات رأية ، و هناك أيضا” من يعتقد بأنها رسالة ذات أهداف نبيلة ، أما من ينشد الشهره فهو كالصناعة المقلدة يبدو لامعا” من الداخل ، و فارغا” من الجوهر ، ويتعامل مع الكتابة على طريقة خالف تعرف ، او إفتعال دوافع معينة ليحاول إظهار نفسه خلالها ، مثل هذا الكاتب لايستمر ، فقاعة و تنتهي ، لإنه أساسا” ليس صاحب كار !
وأما من يقتطع بها خلجات رأية فقد ينتهي به الزمن كاتبا” روائيا” ( على إعتبار موضة الروائيين هذا الزمن ) ، وستكون الكتابة بالنسبة له هواية أكثر من أي شئ آخر ، و قد تكون كتاباته متنوعة بمواضيع عده ، و سيكون للمزاج آراء و مآلات و دوافع في تنظيم كتاباته ، بالنهاية انت امام هاوي كتابة و إن ادعى غير ذلك ، حتى و إن كان محترفا” لها .
أما من يعتقد بأنه في كتابته يحمل رسالة نبيلة ، فهذا الكاتب بالذات سيتعب كثيرا” ، وسيخوض بحارا” و بحارا” على رأي نزار قباني ، فهو أشبه بمزمار الحي الذي لايطرب ، وقد يتوقف عن الكتابه نتيجة اليأس ، أكثر النبلاء من الكتاب يعتقدون أن كتاباتهم مقروءه ، وهي كذلك ، لكنها لاتلبث أن يخفت صداها ، فلن تكون كلمات الكتابة سوى طلقات طائشه تائهه وسط بحر متلاطم من الأمواج ، لايمكن لها التأثير إن لم تجد من يتبناها ، لإن طبيعة المجتمع لاتؤثر به كتابة مقال أو كتاب او حتى تغريدة ، فهناك امور تعتبر مسلمات ببصم عليها المجتمع ، قد تطعن بثوابته ويمرر الطعنة ، لكن أياك والتعرض للمسلمات ( وبعض الأعراف كذلك ) فسيتكالب عليك الكثير ممن يسعون للشهره ، وستكون انت الطريق السريع السهل لتحقيق ذلك ، وما اكثر مانرى تسليط الضوء على القشرة ونسيان وجود اللب ، و التحقق من المظهر و تجاهل الجوهر ، خاصة في الأمور المختلف حولها عقديا” وسياسيا” وثقافيا” وإجتماعيا” ..
تبقى الكتابة هي الروح في جسد الكاتب ، و هي الهواء المستنشق ، وهي هواية متعبة على أية حال ، ليس من السهل ان تكون كاتبا” ، على الأقل ذهنيا” ، الكتابة قد تكون اسرع الطرق لوجع الرأس ، وأحيانا” قد تكون اهم نصيحه للكاتب الملتزم هي الإنشغال بأي أمر آخر ، والتوقف عن الكتابة !
يوسف عوض العازمي ..