المعلمون الفلسطينيون يعودون إلى الكويت للارتقاء بالتعليم وتطويره بعد سنوات من الانقطاع
للمرة الأولى منذ ربع قرن يعود المعلمون الفلسطينيون من جديد إلى سلك التدريس في الكويت ليساهموا إلى جانب زملائهم الكويتيين والعرب في الارتقاء بالعملية التعليمية وتطويرها وليعيدوا إلى الأذهان تجربتهم السابقة في الستينيات والسبعينيات.
فمع موافقة مجلس الوزراء الكويتي على قرار يقضي بإعادة توظيف المدرسين الفلسطينيين بعد توقف دام أكثر من 25 عاما على خلفية الموقف الرسمي الفلسطيني حينها بشأن الغزو العراقي للبلاد عام 1990 بدأت وزارة التربية الكويتية مراسلاتها مع السفارة الفلسطينية بالكويت لاستقدام هؤلاء المعلمين.
وفعلا أرسلت الوزارة مذكرة رسمية للسفير الفلسطيني لدى البلاد رامي طهبوب تعلن فيها رغبتها في استقدام مدرسين فلسطينيين للعمل لديها وذلك في الثالث من أبريل عام 2016 رغبة منها في تحسين مسار التعليم في مدارسها الحكومية وفق ما صرح به وزير التربية السابق الدكتور بدر العيسى.
وفي تعقيب له على ذلك قال السفير طهبوب لصحف فلسطينية إن»وزارة التربية الكويتية تنوي الاستعانة بمدرسين فلسطينيين لتحسين جودة التعليم لديها مع الموسم الدراسي الجديد 2017-2018 لما رأته في المدرس الفلسطيني من مهارات ساهمت في بناء الكويت في بداية نهضتها».
وأضاف طهبوب أن السفارة ستقدم لكل المدرسين الفلسطينيين المعارين إلى الكويت في حال حضورهم جميع الامتيازات التي يتمتع بها المواطن الفلسطيني من رعاية لحقوقهم كافة.
وكانت الخطوة التالية لوزارة التربية الكويتية تنفيذ قرار مجلس الوزراء فعليا على أرض الواقع في أبريل الماضي بإجراءات التعاقد مع 180 من المعلمين والمعلمات الفلسطينيين في تخصصي الرياضيات والعلوم لكنها لم تتعاقد إلا مع 105 معلمين وصل منهم 19 معلما حتى الآن.
وفي تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الاثنين أكد وكيل وزارة التربية الدكتور هيثم الأثري حرص الوزارة على الاهتمام بالعملية التعليمية بكل مكوناتها سواء من الهيئتين الإدارية والتعليمية أو من حيث المناهج والمرافق بما يخدم الطالب.
وأضاف الوكيل الأثري أنه نظرا لوجود نقص في بعض المواد العلمية كان التفكير في الاستعانة بالمعلمين الفلسطينيين وذلك لما يتمتعون به من قدرة ودراية وخبرة ليشاركوا في العملية التعليمية إلى جانب المعلمين الكويتيين والجنسيات العربية الأخرى التي لا تقل كفاءة وقدرة عن المعلم الفلسطيني.
وأوضح أن المعلم الفلسطيني مارس العملية التعليمية منذ ستينيات القرن الماضي في البلاد بكل طاقة وأمانة على مدار عقود من الزمان جنبا إلى جنب مع المعلمين من الجنسيات العربية الأخرى والتي لا تقل أمانة واقتدار هي الأخرى ولها باع طويل ومساهمات طيبة في عملية التطوير.
ولفت إلى أن الطالب هو محور العملية التعليمية في البلاد والمستقبل الواعد لدفع عجلة التقدم لمسيرة العمل والبناء والتنمية ومتى ما كان هناك نقص في بعض التخصصات فسيتم سد النقص من مختلف الجنسيات العربية لكن الأولوية تبقى للعنصر الكويتي بما يخدم الطالب والعملية التعليمية.
وأشار إلى ضرورة الاستعانة بالمدرس الممتاز أيا كانت جنسيته إلا أن المدرس الكويتي هو الأصل والأساس مما يؤكد ضرورة الاهتمام بكليتي التربية والتربية الأساسية معتبرا إياهما المصنع للمعلم وأنه متى ما كان المعلم الكويتي بالمستوى المطلوب فسيرفع جميع المستويات التعليمية.
وعلى صعيد مجلس الأمة فقد أعرب رئيس اللجنة التعليمية الدكتور محمد الحويلة عن الترحيب بأي معلم جيد من الدول العربية قائلا «لدينا خبرة سابقة عن جودة المعلم الفلسطيني وهو سيدعم فتح آفاق جديدة من التعاون بشتى المجالات».
وذكر أن اللجنة التعليمية البرلمانية تؤكد أهمية استقطاب الكفاءات من الدول الخارجية بالإضافة إلى وضع شأن خاص للمعلم الكويتي وكذلك من يعيش على ارض الكويت.
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حث في تصريحات سابقة له المعلمين المبتعثين إلى دولة الكويت خلال لقائه بهم على العمل بكل اقتدار وأمانة كما فعل المعلمون الفلسطينيون السابقون في الكويت لافتا إلى أنهم أمام امتحان صعب يترتب على نجاحه فتح المجال أمام المعلم الفلسطيني للعودة بقوة.
وقال عباس إن الكويت تتذكر المعلم الفلسطيني بأنه المعلم الأول الذي أخلص وبذل كل ما يستطيع من أجل إعلاء وتعليم أبناء الشعب الكويتي بكل أمانة واقتدار مشددا على ضرورة أن يعزز الوفد هذه الذاكرة من خلال الذهاب بتبني النهج الأول للمعلم الفلسطيني إلى دولة الكويت.
من جهته رحب وكيل وزارة التربية والتعليم العالي في قطاع غزة أيمن اليازوري بدعوة الكويت للمعلمين الفلسطينيين «التي تؤكد الخبرة والمهارة العالمية التي يتمتع بها المعلم الفلسطيني رغم الإمكانات القليلة التي تتوفر له بحكم أنهم في فلسطين بلد نام ومحتل».
وأشار اليازوري في تصريحات صحافية إلى أن الدعوة الكريمة من الكويت تمنح الأمل إلى آلاف العاطلين عن العمل من حملة الشهادات الجامعية في تخصص التربية.
بدورهم اعتبر مواطنون فلسطينيون مقيمون في الكويت في تصريحات صحافية موافقة مجلس الوزراء الكويتي على طلب وزارة التربية والتعليم العالي السماح بإعادة التعاقد مع المعلمين الفلسطينيين المقيمين في البلاد بأنها خطوة إيجابية ومهمة لتطوير التعليم الذي بات يعاني سلبيات أثرت على مخرجاته.
يذكر أنه في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين تزايدت أعداد الفلسطينيين بشكل عام والمعلمين بشكل خاص حيث بلغت نسبتهم في المدارس الحكومية نحو 49 في المئة عام 1965 وحتى سنة 1975 كانوا ما زالوا يمثلون ربع عدد المدرسين.
وكان للقطاع التعليمي في الكويت تجربة ناجحة ومتميزة في الاستعانة بهم حيث أثبتوا كفاءة وقدرة على إثراء العملية التربوية في الدولة الأمر الذي ساهم في إقرار إعادتهم.
وساهم المعلم الفلسطيني في النهضة التعليمية في الكويت منذ عام 1936 وفي اعتماد مناهج أكثر موضوعية بواسطة أساتذة جلبوا من فلسطين فكانت أول بعثة تعليمية في الكويت من المدرسين الفلسطينيين تضم أربعة معلمين وهم (أحمد شهاب الدين وخميس نجم ومحمد المغربي وجابر حسن حديد) أعقبتها بعثة أخرى في العام التالي.
ومع افتتاح مدارس جديدة للبنين في العام الدراسي 1939/1940 جاءت البعثة الثالثة وضمت خمسة مدرسين من فلسطين أيضا بينما شهد العام الدراسي 1942/1943م وصول بعثات المدرسين من مصر وسوريا للمرة الأولى بعد أن انتهت أعمال المدرسين الفلسطينيين وكانوا أربعة من مصر وأربعة من سوريا.
أما المعلمات الفلسطينيات فتمت الاستعانة بهن في العام الدراسي 1937/1938 عندما تم التعاقد مع أول معلمتين مؤهلتين للعمل في سلك التدريس هما وصيفة عودة وشقيقتها رفقة عودة من فلسطين وعملت معهما مريم عبد الملك الصالح أول معلمة كويتية في مدارس الحكومة.