كتاب أكاديميا

الدين . . الوطن . .تكامل لاتقاطع | بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

 
 

يخطئ من يظن أن الإنتماء للوطن يتقاطع مع الإنتماء للدين كما يروج ويقاتل من أجل ذلك هؤلاء المؤدلجين بالأفكار المتطرفة من تيارات ما يعرف بالإسلام السياسى ، فالإنتماء للوطن هو شأن دنيوى بحت وغريزة ومفهوم إنسانى واسع يشمل كل الأديان والمذاهب والطوائف والاتجاهات السياسية والاجتماعية والإقتصادية والثقافية فى بوتقة واحدة ، فالمجتمعات القوية المتقدمة إنسانيا ومعرفيا وعلميا هى التى ينصهر فيها الناس على إختلافاتهم بشكل يسمح بالإزدهار والزخم المعرفى والخبرات التراكمية حيث تتكامل فيهم وبهم الأفكار المتنوعة المفيدة وبشكل إيجابى حتما بما يخدم المجتمع بأكمله وينتج لنا الإبداع والثراء والقوة فى كل شئ ، فطبيعة المجتمعات البشرية هى التعددية و الإختلاف ، وإذا انشغلت الأكثرية بإقصاء الأقليات حينها يبدأ الإنهيار والخوف من الأفعال وردود الأفعال الغير أخلاقية بالمرة وهو ما يضر الجميع عكس ما تتوهمه الأكثرية المتسلطة.

 

أما الدين فهو المنهج الأخلاقى الذى جاء ليتمم مكارم الأخلاق وهو مسئولية فردية عند البلوغ ، ولم يكن الدين وما ينبغى له ذلك أن يكون قامعا للحريات و المسئوليات الفردية وهذا ما أقره رب العالمين للناس أجمعين فالحرية والأمن لجميع الناس منصوص عليها من رب الناس وخالقهم وليست منحة أو هبة لأى مدعى ، فالناس سيحاسبون فرادى يوم القيامة وليس جماعات ، ومن يزعم أن الإنتماء للوطن يتعارض ويتقاطع مع الدين فهو لا يعلم شيئا ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، لأن رسول الله ضرب لنا المثل الأعلى فى حب الوطن حينما خاطب أم القرى قائلا (والله انك لأحب بلاد الله إلى وأحب أرض الله إلى ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت ) يقول ذلك عن وطنه وهى محكومة بقبضة رموز الشرك وعبادة الاوثان ، فحب الوطن غريزة تبدأ من الإنتماء للأسرة والمنزل ثم للمنطقة والجيران ثم للمدينة ثم للوطن بأكمله ، ودائما نشعر بالحنين وبشكل لا إرادى و دائم حينما نكون خارج الوطن ونشعر بفرحة كالأطفال حينما نعود إلى الوطن كالطفل الذى يرى أمه بعد غياب .

 

لذلك أقول وأكرر دائما أنه إذا أردنا الحفاظ على السلم الأهلى والأمن فى مجتمعاتنا الخليحية والعربية وهوية كل منا والتى تعبر عن خصوصيته علينا أن نجنب هؤلاء الذين يصدعون رؤوسنا بخرافاتهم وأكاذيبهم وواقعهم المنفصل بإصرارهم على خلق فتنة ووهم وبدعة بترتيب مسألة الانتماءات وهى ليست بفكر أقرب إلى الخيال ولكنه الخيال بذاته وأكبر مغالطة منطقية ممكن أن يقع فيها شبابنا المسكين والذين يتم دائما الزج بهم فى منطقة العاطفة الدينية مع تعمد تغييب وعيه عن الحقيقة بأكملها ، فليس من حق أحد أن يحاسب الناس على إنتماءاتهم وميولهم وغرائزهم طالما لا يضر الآخرين.

 

علينا جميعا شبابنا الرائع أن ننتبه لهذا الأسلوب الخادع والذى يقضى على مفهوم الوطن والدين فى وعينا وأن نقرأ ونبحث ولا نتعجل نتائج أبحاثنا ولا نتسرع أو نتورط فى الحكم على الآخرين أفرادا وجماعات وشعوب ، فالوطن و الدين يتكاملان ولا يتخاصمان … نسأل الله تعالى الأمن والأمان وأن يرزقنا الوعى السليم والبصيرة وأن يجنبنا كل الفتن ما ظهر منها وما بطن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock