أ. نوير الدوسري تكتب: منهج الكفايات .. Stop
يواجه المجتمع التربوي العديد من التحديات هذا العام ، التى أدت إلى زيادة الحاجة إلى تطوير التعليم ، الذى يُمَكِن كل فرد من امتلاك المعارف والمهارات التى تساعده على تنمية ذاته ، والقيام بدوره فى المجتمع .
ومع ظهور بعض المتغيرات مثل :
– ظهور مفاهيم جديدة كالتربية المستمرة والتعليم مدى الحياة ، والتنمية البشرية المستدامة والتربية المستقبلية.
– حدوث طفرة فى طرق التدريس وأساليبه ، وتنوع مصادر التعليم والتعلم.
– انتقال بؤرة الارتكاز فى العملية التعليمية من التعليم إلى التعلم ومن المعلم إلى المتعلم .
– التحول من قياس المدخلات إلى التركيز على النتائج.
ظهرت نداءات تنادي بضرورة وضع مستويات معيارية يتم في ضوئها تقويم وتطوير النظام التربوي ومكوناته المتعددة ومن بينها المنهج الدراسي.
ومن ثم أصبح الإصلاح القائم على المعايير بمثابة القوة الدافعة لكثير من السياسات التربوية، التي تؤكد على ضرورة تطوير المناهج والارتفاع بمستوى أداء الطلاب ، وتوفير الفرصة لكل طالب لتعلم المحتوى المناسب وصولاً إلى مستوى الأداء المطلوب. وانطلاقا من هذه الرؤية ظهر مشروع الكفايات في التعليم، وانتشرت بقوة فى الآونة الأخيرة ،
فكانت الكويت من الدول التي بدأت بتطبيق هذا المشروع في المرحلة الابتدائية والمتوسطة هذا العام وفي المرحلة الثانوية (الصف العاشر) العام الدراسي القادم .
ويرتكز المنهج الكويتي الوطني على الكفايات المتوقع إكتسابها من قبل الطلاب التي تتراوح أعمارهم بين 6 و 18 سنة عند الإنتهاء من دراستهم في جميع المراحل التعليمية . ففي المنهج القائم على الكفايات يتم تحقيق أهداف التعليم عن طريق التطوير التدريجي لنظام متماسك من الكفايات الرئيسية ، العامة، والخاصة. ويطلق على المنهج الذي يشرح ويخطط عملية التعلم من حيث تطوير كفايات الطالب اسم “المنهج القائم على الكفايات”.
ولكن السؤال المهم والذي بدأ الميدان التربوي يطرحه وبشكل عام هو: هل مشروع المنهج الوطني القائم على الكفايات سيكون العصى السحرية لتطوير التعليم في الكويت كونه يرتكز على احد اهم المحاور التعليمية وهو المنهج؟ أم ان هناك تخوف وردة فعل سلبية وخاصة من المعلمين والمعلمات والذين ينبغي ان يكونوا هم من سيقوم بتطبيق هذا المشروع وتنفيذه على طلابهم؟
في رأيي المتواضع: مشروع الكفايات يرتكز بشكل اساسي على المعلم واسلوبه وأدائه وفهمه لهذا المشروع وبالتالي لايمكن ان ينجح هذا المشروع أو غيره من المشاريع اذا لم يتم تدريب وشرح الطريقة والاسلوب الجديد الذي ينبغي ان يفهمها المعلم حتى يستطيع ان يوصلها للمتعلم لا كما تفعل وزارة التربية حاليا من تدريب سطحي ومن مدربين غير مؤهلين لم يوصلوا الفكرة بالشكل الصحيح والمطلوب.
كما ان احد اهم الاسباب لفشل اي مشروع تربوي قامت به وزارة التربية سابقاً هو سوء التخطيط والتجارب لدينا كثيرة ومتعددة كالفلاش ممري ومدرس المجموعة والملف الانجازي، فقد تكون المشاريع المقترحة جيدة وممتازة الا ان اسلوب التطبيق والتفيذ لتلك المشاريع وأدها وأفشلها وكان ضحيتها للأسف أبناؤنا وبناتنا وأجيال تخرجت لسنوات كثيرة سابقة وكانت حقلاً للتجارب فتدنى مستوى التعليم وأصبحنا في آخر مصاف الدول في مجال التعليم عالمياً.
اننا نعيش في منعطف هام وحساس جداً ونحن على اعتاب تطبيق منهج الكفايات في المرحلة الثانوية العام القادم، وهذه المرحلة لها طبيعتها واهميتها الخاصة كونها تمثل عنق الزجاجة الذي ينطلق بعدها الطالب لاستكمال مراحله التعليمية العليا وبالتالي ان نقوم بتجربة نظام تعليمي بمناهج جديدة وباسلوب جديد دون تمكين المعلمين وتهيئتهم واعدادهم بالشكل المطلوب ستكون نتائجه كارثية ولايمكن للطالب حينها التعويض او فرصة معالجة اي اختلال قد يحدث بسبب هذا القصور الواضح للعيان.
ولا يخفى على أحد ما وصل إليه حالنا من تطبيق وزارتنا لمشاريع متتابعة ومتوالية وبصورة متعجلة ومتسرعة فقبل عامين اطلقت الوزارة مشروع السبورة الذكية وبعدها مباشرة وقبل ان يأخذ المعلم كفايته وتدريبه طبقت مشروع التابلت في العام الماضي وعممته على المتعلمين وهذا العام اطلقت مشروع الكفايات وبهذا الاسلوب جعلت الميدان التربوي يعيش في دوامة لها بداية وليس لها نهاية وكأنها بهذا الاسلوب اطلقت رصاصة الرحمة على نجاح كل هذه المشاريع
فالامر يحتاج لفترة من التجريب فما المانع من دراسة التجربة القائمة في منهج الكفايات في المرحلة الابتدائية والمتوسطة ودراستها ومعرفة جوانب الضعف والقوة فيها وبعد ذلك يمكن تعميم التجربة بعد التقويم حتى لا نقع في الأخطاء اذا تم تطبيقها في المرحلة الثانوية العام المقبل .
انني ومن منطلق حرصي على المتعلم كمعلمة ومربية وولية أمر كذلك أناشد كل مسئول لديه القرار أن يوقف تطبيق منهج الكفايات في المرحلة الثانوية العام القادم وتأجيله لمزيد من الدراسة وإعادة النظر فيه فالكل ينشد التطوير ولكننا سنكون اكثر الناس صدمة اذا رأينا أبناءنا وهم يعيشون حاله من التوهان والضياع عندما تغيب عنهم الرؤية والهدف الذي من اجله يبحثون عن العلم والتعلم.
لهذا أقولها وبكل صراحة ووضوح لا تضحوا بمستقبل أبنائنا الطلبة ولا تجعلوهم حقول تجارب لمشاريعكم دون الرجوع لأهل الميدان وهم المعلمون الذين يجب ان ينطلق على عاتقهم اي مشروع مستقبلي اذا ارادت له الوزارة النجاح والتوفيق ..
والله من وراء القصد ،،
كتب / أ. نوير الدوسري
المديرة المساعدة في مدرسة أنيسة بنت خبيب ( المرحلة الثانوية )