كتاب أكاديميا

د.منال الديحاني: يوم المعلم العالمي ،، صائغ أم حداد !؟

    يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للمعلم ، والذي حددته منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) ، وذلك للإشادة بدور المعلم ومكانته في المجتمع . ويمر هذا اليوم بأفضل حالاته بفعاليات شكلية ، تتضمن أناشيد ، وتوزيع الورود ،وبعض الخطب العصماء ، لينتهي هذا اليوم دون أثر جوهري يبقى في نفوس المعلمين وغيرهم من أفراد المجتمع ، تعزيزا لدور المعلم ومكانته الحقيقية.

في يوم المعلم العالمي ندّعي بأن المعلم في الكويت مكرمٌ و مقدرٌ من قبل المجتمع ، ولكنه في الحقيقة يهاجم على مدار العام الدراسي ، و يُحمّل وزر تردي الأوضاع التعليمية دائما. عزيزي المسؤول .. المعلم لا يحتاج أنشودة أو وردة تهدى له في يوم محدد ، وفي احتفاليات شكلية لا مضمون لها , من المؤسف أنه هو من يتحمل أعباء التكاليف والتنظيم والإعداد ليحتفي بنفسه ! وذلك لتخدر ضميرك ولترفع عنك ثقل تقصيرك تجاهه على مدار العام الدراسي . 

   عزيزي المسؤول ما يحتاجه المعلم هو التكريم الفعلي المتمثل بتوفير سبل تعزيزية لرفع قدراته وإمكانياته ، لا تحميله أعباء لا علاقة له بها ، و إدخاله في دوامة العمل الروتيني ، و تحميله وزر التخبط في النظام التربوي ، الذي يقتل التميز والإبداع وسبل التطوير لديه. 

     رسالة للمعلم / المعلمة ..إنك لا تحتاج ليوم لتكريمك وتقدير مكانتك، فأنت مكرمٌ من الله عز وجل بتولي أشرف مهنة ورسالة تولاها قبلك أشرف البشر ، الرسل والأنبياء معلمي البشرية عليهم أفضل الصلاة والسلام، ولنا في المصطفى سيدنا محمد علية الصلاة والسلام قدوةٌ حسنة فهو المربي الأول والمعلم الملهم الذي غير تاريخ البشرية.

    عزيزي المعلم / المعلمة، لنجعل لهذا اليوم العالمي أثرا فعليا في الميدان، ليكن يوم للتقييم الذاتي ، لا أعني بذلك جلد الذات ، إنما المحاسبة البناءة، والتي تنبع من أهمية مكانتك ودورك، فأنت عصب المنظومة التعليمية وعمودها الفقري ، فشلك في القيام بدورك وإتمام رسالتك يعني ببساطة انهيار للنظام والمجتمع . إن كنت تبحث عن تكريمٍ أو تقدير فلا أروع أن ترى ثمار جهدك طوال العام في أبنائك التلاميذ .

   معلمي الفاضل عليك طرح هذا السؤال البسيط، هل أنت معلم صائغ أم معلم حداد ؟

   معلم صائغ يرى تلاميذه في القاعات الدراسية كالجواهر والألماس التي تبحث عن صائغ يصقلها ويلمعها بكل صبر و مهارة ، ليُظهر أجمل ما فيها ، فتزداد بريقاً ولمعاناً يخطف الأبصار، لتزهر طاقاتهم الكامنة ومواهبهم الإبداعية في أروقة المدارس، تمهد لهم سُبل المعرفة واكتساب المهارات ، وتخلق لهم بيئة مدرسية جاذبة، تتشكل فيها أجمل الذكريات ليحتفي بهم الوطن ويزدهر .

  أم تقمصت دور الحداد وامتهنت الحدادة، فشحذت همتك لتضرب بمطرقة التثبيط والإهمال والتهميش ، ورأيت في تلاميذك معادن رخيصة تحتاج إلى التطويع بمطرقة التلقين وصهر شخصياتهم واغتيال التميز لديهم ، ليخرج جيل مستهلك للعلم ، غير منتج ، حُبس بصندوق أسود ، فانزوت إمكانياتهم ومواهبهم ومعالم هويتهم في دهاليز التدريس التقليدي .

     أخيرا عزيزي المعلم / المعلمة ، أحسن صوغ تلك الجواهر الثمينة والعناية بها , فهي أعظم تكريمٍ لك، وكل عام وأنت أكثر ابداعا وتميزا وتطورا ،

فأنت كما قال مصطفى صادق الرافعي :

المُعَلِّمُ ثَالِثُ الأَبَوَيْنِ، فَلْيَنْظُرْ كيفَ يأبُوْ , حِينَ يَنظُرُ كَيفَ يُعَلِّمُ

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock