كتاب أكاديمياحصري أكاديميا

د.سلوى الجسار تكتب : قراءة في نتائج الثانوية العامة

نبارك لأبنائنا الطلبة النجاح في الثانوية العامة ورسالة شكر توجه إلى كل من عمل على إنهاء هذا العمل، ونقول لشباب الوطن: “إن التعليم ليس الحصول على الشهادة، وإنما التعليم هو ماننفع به أنفسنا والوطن لبناء مستقبل واعد”؛

كما أن إعلان وزارة التربية نتائج الثانوية العامة بقسميها العلمي والأدبي والمعهد الديني للعام الدراسي ٢٠١٥/٢٠١٦م، حيث بلغت نسبة النجاح في القسم العلمي 87.26 في المئة وفي القسم الأدبي 86.3 في المئة وفي المعهد الديني 78.9 في المئة. هذة النتائج التي حققها أبنائنا الطلبة قد ارتفعت مقارنة بنتائج اختبارات الثانوية العامة للعام 2014 والتي بلغت 90% في القسم العلمي و 80% للقسم الأدبي، هذه النتائج تتطلب أن نقف وقفة تحليلية ذات بُعد مهني وأكاديمي لهذه المخرجات والتي لأول مرة تعلنها الوزارة منذ إلغاء نظام الفصلين “المقررات” وتطبيق النظام الموحد على مدى أكثر من أربع سنوات، والذي سبق وحذرنا منه وقدمنا العديد من المقترحات والتعديلات، ولازلنا نطالب في إعادة التقييم لهذا النظام والذي ساهم في تخريج متعلمين دون المستوى العلمي والتحصيلي، حيث ضعف المخرجات العامة خاصة في المواد الأساسية.
إن هذه النتائج تمثل جزء من روتين العملية التعليمية التي من خلالها يتأهل الطلاب إلى النجاح أو الرسوب ومن ثم الاستمرار في الالتحاق في مؤسسات التعليم الجامعي أو التطبيقي أو غيره، ولكن هذه النتائج التي وصل إليها اليوم أبنائنا في الثانوية العامة تستدعي التفكير بطريقة مختلفة لتقييم النتائج والتي نضعها أمام كل مسؤول وأمام الرأي العام والتربويين، وهناك العديد من التساؤلات لتكون في انتظار المختصين والمسؤولين للإجابة عليها:

١- لماذا يتم الإعلان عن النتائج سنوياً بهذا الأسلوب من خلال الإفصاح عن نسبة النجاح فقط وذلك في القسم العلمي والأدبي؟ وكأنما يهمنا هو النجاح بأعلى نسبة فقط دون توضيح واقع نسب النجاح لكل مادة دراسية بالقسم الأدبي والعلمي ومستوى المناطق التعليمية!

٢- هل النتائج المعلنة في الأدبي والعلمي تعكس المستوى الأكاديمي والتحصيلي للطلبة في المقررات الدراسية مقارنة مع أقرانهم في نفس المستوى إقليمياً وعالمياً؟ خاصة إذا نظرنا إلى مقارنة نتائج النجاح في الثانوية العامة لهذة السنة والتي بلغت 87% في نتائج نجاح الطلبة في اختبارات القدرات في الجامعة.
٣- هل النتائج المعلنة تعكس نتائج اختبارات الطلبة في كل مادة دراسية وعلى مستوى المناطق التعليمية؟
٤- هل هذا النجاح الذي قارب 90% إقرار من وزارة التربية بأننا لا نحتاج إلى تأهيل المعلمين وتغيير المناهج الدراسية والأنظمة التعليمية ما دام الطلبة قادرين على النجاح بالمذاكرة والحفظ والتلقين؟
٥- هل يعي المجتمع الكويتي أن احتفال وزارة التربية بهذه النسب التي تعكس أن مخرجات التعليم في الكويت تؤهل الغالبية من الطلبة للتعليم الجامعي أو متطلبات سوق العمل؟

٦- هل سنحقق نفس نسب النجاح إذا كانت الاختبارات توازي نوعية وصعوبة أسئلة الاختبارات في دول أخرى مثل سنغافورة؟

٧- هل هذه النتائج تعكس مستوى آداء الطالب وقدراته فقط؟ أم أنها تعكس قدرات وإمكانيات وزارة التربية والعاملين في القطاع التعليمي بكافة مستوياتهم؟

٨- هل هذه النتائج تعكس مستوى تحصيل الطالب من الجوانب المعرفية والمهارية والقٓيٓمية؟

٩- هل تشير النتائج إلى العلاقة بين معدل النجاح في الثانوية العامة وبعض المقررات التي تساهم في تنمية القدرات الأكاديمية للطلاب؟
١٠- إن نتائج الثانوية العامة التي تقارب 90% نسب النجاح يقابلها تدني خطير في نتائج الطلبة في اختبارات القدرات الأكاديمية في جامعة الكويت، والتي وصلت إلى أدنى مستوياتها للعام الحالي ٢٠١٥/٢٠١٦م، حيث نسب النجاح في اللغة الانجليزية 50% وفي الرياضيات 26% وفي الكيمياء 25%.

١١- إذا كانت نسبة النجاح في القسم العلمي 87% فكيف تحصل دولة الكويت على نتائج متدنية في الاختبارات الدولية في الرياضيات والعلوم؟
إن الحديث عن تقييم مستوى آداء وجودة النظام التعليمي في الكويت هو حديث يتناوله كل المختصين والمهتمين لأن التعليم الجيد الذي نتطلع إليه في نتائج ذات بعد موضوعي وواقعي ملموس لا يتم في حجرات الدراسة والمدارس والمناطق التعليمية، وإنما التعليم اليوم هو من يقود اقتصاد المستقبل، هو من يعد الطالب المواطن المسؤول، هو التعليم الذي يربط المدرسة في واقع المتعلم، هو التعليم الذي يصنع المتعلم وليس فقط يعلم ويلقن المتعلم، وهذا ما يجعل تقييم مخرجات التعليم تهدف إلى الإصلاح والتطوير والذي يجب أن يكون أولوية كويتية على كافة مستويات المسؤولية في أجهزة الدولة والمجتمع، وأنه من غير المعقول تصل ميزانية التعليم إلى أكثر من مليار دينار وهذه هي نتائج مستوى التعليم، الأمر الذي يتطلب التدخل لوقف الهدر على الإنفاق التعليمي وإعادة دراسة النتائج بعيداً عن المحاصصة والمجاملات وأن نعمل على استخدام نتائج اختبارات الثانوية العامة لتقييم المناهج والمعلمين والموجهين والإداريين ليكون المدخل لإعادة تقييم أهداف التعليم في الكويت، وذلك لإعداد متعلمين قادرين على التعامل مع متطلبات الحياة وسوق العمل من خلال الاستخدام الأفضل لجميع الإمكانات المتاحة.
ولعل تقرير المجلس الأعلى للتخطيط جاء ليؤكد ما أعلنّا عنه أكثر من مرة، فلنا العديد من الدراسات والتقارير ولكن للأسف أنا لست متفائلة لأن لازال إصلاح وتطوير التعليم لا يمثل أولوية في مجلس الأمة لأنه لازال التعليم ينظر له من المنظور المادي وليس الفني والمهني ، كما أن المحاصصة الاجتماعية والسياسية في التعيينات لأغراض انتخابية لبعض أعضاء المجلس الحالي والتدخلات بهدف حجز الكراسي للمجلس القادم للأسف جاء على حساب التعليم وجودة مخرجات.
اليوم مانواجهه من ممارسات وفكر متطرف لن نستطيع أن نتصدى له إلا في التعليم، ومن يقود التعليم من مؤسسات ومعلمين ومدراء مدارس وموجهين وتربويين وهيئات إدارية الذين يحتاجون إلى التأهيل والتدريب وفق خطط طويلة المدى، لأن إصلاح التعليم لمواجهة السلوك المتطرف لا يكون في التدخل المؤقت وعلاج المسكنات والتنفيع المادي، وإنما في برنامج عمل ضمن السياسة العامة للدولة.

 

د. سلوى عبدالله الجسار

النائب السابق في مجلس الأمة

 والأستاذ المشارك في كلية التربية – جامعة الكويت 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock