أ. د. موسى خداده يكتب : جامعة الشدادية
كَتَبَ أ. د. موسى خداده
لا أعلم حقيقة المعارضة الشرسة من بعض أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت على فكرة أن تكون مباني الشدادية مقرا لجامعة جديدة لا تابعة لجامعة الكويت! ولأفهم ذلك دعني أفكر من وجهة نظرهم، فقد تكون أن مباني الجامعة الحاليّة قديمة وضاقت عليهم وعلى الدارسين، فالمباني الجديدة حلٌّ لتلك القضية، أو قد تكون نابعة من خوفهم أن توكل إلى أناس غير أكفاء فيعيثون فيها فسادا وتدهورا، وقد تكون هناك أمور أخرى يمكن الاحتجاج بها وتطول القائمة.
ولكن دعنا نرَ الفكرة بموضوعية وتجرد وخلالها نرد على ما ورد:
إن افتتاح جامعة جديدة سيخفف من أعداد الدارسين والهيئة التدريسية والإدارية بنسبة كبيرة لانتقال هؤلاء إلى الجامعة الجديدة، مما سيوفر أماكن كثيرة قد تفيض عن الحاجة، وأما أن توكل الجامعة إلى غير الأكفاء من الإداريين والمعلمين فهذا قلق مبرر، وله ما يدعمه، وذلك مما نراه في طريقة التعيينات في كثير من مرافق الدولة وبالذات في جامعة الكويت.
فالتعيينات “الرئيسة” هي سياسية تجارية وما شابه ذلك، ولكم في تعيين مديري الجامعة مثلٌ، فغالبا لا يؤخذ بقرارات لجنة البحث عن مدير، ويكون الاسم من خارج “اللستة”، حتى صار هذا المنصب طاردا للكفاءات الحقة، ولكن مع ذلك نأمل ألا يكون هذا سببا في الخلاف، لأن تلك السياسة على الكل بما فيها جامعة الكويت، وما لم يحل الجهاز السياسي في الدولة تلك المشكلة فأي مبنى لن يحلها، فلذلك نرى أن الحرص يجب أن يكون على أن نركز على الكفاءة من الهيئة التدريسية والطلبة كذلك.
أقول ذلك وأؤكد إلى زملائي في جامعة الكويت أن يكونوا أكثر شفافية في مطالبهم، فالمفروض أن يكونوا أعلم الناس بفائدة تعدد المناهل التعليمية للحث على المنافسة الشريفة، وتعدد الآراء والأدوار، ومن ثم التعاون بين الجامعات المختلفة لخدمة البلد، ولكن الزحف بعقلية واحدة وباتجاه واحد هو ما يجرنا إلى الأسفل، وكلنا نرى تقييم جامعة الكويت سواء دوليا أو عربيا، ومهما كان نوع التقييم فإننا وللأسف في الحضيض.
أقول هذا وفي قلبي غصّة، فأنا أرى، ولم يتنام إلى علمي، أن الكثير، ولن أقول البعض، من الهيئة التدريسية في الجامعة، ولا أخص أي كلية ولا أستثني للأسف حتى كلية الطب، لا ترى الجامعة إلا مرتين أو ثلاث في الأسبوع، وهي عدد المحاضرات التي يلقونها، فهم من “البيت” إلى قاعة المحاضرات ومن ثم إلى “البيت”. لا يا سادة ليس هذا هو التعليم وليست هذه هي التربية، والتنافس المحتدم على “الكورسات” الصيفية فقط لأنها مدفوعة القيمة، ولو كانت غير ذلك لما رأيت إلا من ندر يقبل عليها.
كانت الجامعة توفر الوفير من الميزانيات للبحوث، فكم من البحوث المدرجة في مواقع رفيعة المستوى نرى؟ قليل فقط، وأغلب الكليات لا نرى منها إلا اليسير (مع الاحتجاج على القرارات الجديدة بتقليل تلك الميزانية بعد تدهور أسعار النفط ولكن هذا ليس هو صلب الموضوع).
هل تستطيع الجامعة أن تغلق بعض الكليات (لا كلية واحدة) والتي اتفق الكل على أنها لا تخدم سوق العمل؟ وأن خريجيها يعملون في تخصصات هي مختلفة ١٨٠ درجة عما درسوه، قليل من كليات الجامعة يكون خريجوها هم المطلوبون في سوق العمل في الكويت، وكثير منها ليست كذلك، وهذا يؤثر سلبا في الأيدي العاملة في الدولة، ولكم استنتاج ما قد يكون.
ومنه نرى أن يكون الاتجاه للحث على إنشاء جامعة جديدة، ولكن (و”لكن” هنا كبيرة وقوية) أن يكون الاختيار للمدرسين الأكفاء والقادرين لا لفلان وعلان، وكذلك أن يكون هناك دقة في اختيار الطلبة، وليس كل من تخرج من الثانوية ولم يستطع أن يحصل على مكان يدخل تلك الجامعة، بهذه الخطوة المبدئية وما يليها على المبدأ نفسه تستطيع جامعة جيدة أن ترى النور، وبغيرها فنحن “على طماطم المرحوم”.