الأستاذ الذي لا يدرس بالمجان .. جشع !! | كتب: عبدالله العازمي
يبدو أن تبعات تخبطات الحكومة على مدار السنوات الماضية أخذت منعطفاً جديداً. بدأت هذه القصة مع استمرار الحكومة وعدم قدرتها لسنوات عديدة مضت على تقدير الأمور وحسن تنفيذها للخطط الإستراتيجية لتدارك المخاطر المحتملة. بحيث أنها لم تهتم أبدا في إنشاء وتطوير المرافق الأكاديمية وبناء جامعات جديدة وتطوير الجانب المعرفي والعلمي في الكويت، بل رضيت أن يكون لديها جامعة واحده والتطبيقي، وكلما ضاقت بها السبل أجبرت الجامعة والتطبيقي بتحمل أعداد فوق طاقتهم الإستيعابية، وألزمتهم بأن يوفروا كل الوسائل الممكنة لإستيعاب تلك الأعداد. وهنا ظهرت الحكومة عند بقية الشعب بالحسنى ولعبت دور البطل الذي وجد الحل، ضاربة القيّم الأكاديمية بعرض الحائط والمخاطر التعليمية التي ستنتج بسبب هذا التكدس والحشو المستمر. وفي المقابل وجدت حل مؤقت لإسكات الأساتذة، وهو بتطبيق نظام الساعات الإضافية.
خطورة هذا الموقف تجلت في الأيام القليلة الماضية، فمع هبوط أسعار النفط، قامت الحكومة مباشرة بتقطيع مداخيل الجهات والمؤسسات الأكاديمية والتربوية، بما في ذلك الساعات الإضافية. فبعد تكدس للطلبة دام لسنوات، ها هي الحكومة بجرة قلم تسحب هذا البساط وتترك الأساتذة يواجهون الطلبة لوحدهم. بل والأسوأ من ذلك، بعد أن رفض الأساتذة التدريس بالمجان، ظهروا عند بقية الشعب بأنهم “محبي للمال” وأنهم لا يعبهون بالطلبة ومستقبلهم. ولا أشك أنه في حال وجه الضغط على الحكومة فسترمي الكرة في ملعب الأساتذة وتقول هم السبب، هم الذين لا يريدون التطوع من أجل مستقبل أبنائنا.
أجر مقابل عمل
ما يقوم به أساتذة الجامعة والتطبيقي هو “أجر مقابل عمل” فحين يُزال هذا الأجر، فمن الطبيعي أن يتوقف العمل. ولا يصح أن تعطيني فرصة وبعد سحبها مني تقول إما أن تعمل وإما أن توصف بأنك “أناني” و”محب للمال”. ما هكذا تورد الأبل ياسادة، اللوم يجب أن يوجه لمن تسبب بهذه الفوضى. ولمن عاث بمستقبل الطلبة منذ البداية. فمنذ متى والشعب وعلى رأسهم الأساتذة يطالبون بالتوسع في إنشاء الجامعات والكليات، ولكن لا حياة لمن تنادي.
الحكومة كانت بعيدة جدا عن التخطيط السليم في القطاع التربوي والأكاديمي، بل كانت سيئة في دراسة تداعيات المستقبل. ألم يكن في الحكومات المتعاقبة من كان يشاهد أعداد الطلبة تزيد في كل سنة؟ ألم يدق ناقوس الخطر منذ سنوات عديدة مضت؟!
تخفيض البعثات
صرح وزير التربية ووزير التعليم العالي د. بدر العيسى أن البعثات ستخفض من ٦٠٠٠ إلى ٢٠٠٠، وهنا نتسائل: ما مصير هؤلاء الـ٤٠٠٠ طالب. بطبيعة الحال سيتم توزيعهم على الجامعة والتطبيقي، مما سيفاقم المشكلة أكثر. ويبقى سؤال المليون: بعد الزيادة في التكدس هل سيطلب من أساتذة الجامعة والتطبيقي أن يبادروا أيضاً بالتدريس المجاني؟!
عجز الحكومة لا يتحمله الأساتذة
على المتابعين والمعنيين في القطاع التعليمي في الكويت أن يعوا لنقطة مهمة، الأساتذة هم مجرد موظفين، وليسوا أصحاب القرار. فلا أستطيع لوم موظف وزارة بتخبطات وزارته، فالقرار ليس بيده، وكل دوره هو أن يقوم بمهام معينة في وظيفته، وينتهي دوره. وأما ما يجري الآن من توجيه أصابع الإتهام للأساتذة فهو أمر جانب الصواب وينافي الواقع.
فليس الأساتذة من رفضوا الإهتمام بالتعليم، ولم يرفضوا بناء الجامعات وتشييدها، بل عملوا بإخلاص لتحسين القطاع التعليمي بشتى مؤسساته. فأي قصور في التخطيط والتنفيذ فهو بيد أصحاب القرار من الحكومة والنواب.
عبدالله العازمي