كتاب أكاديميا

فصل الشدادية عن الجامعة .. المسير في الإتجاه المعاكس | كتب: عبدالله العازمي

يبدو أن مشهد جامعة الكويت يعيد للذاكرة أحداث جامعة جابر، فبعد تخطيط وتحركات واجتماعات أعضاء هيئة التدريس في التطبيقي وجهودهم لترى جامعة جابر النور تم تخصيصها لجامعة ثانية بحجة بناء جامعة جديدة لتستوعب أعداد الطلبة، وتم تحديد ٣ سنوات لإنجاز الموضوع، وما زلنا إلى هذا اليوم ننتظره. وها هو السيناريو يعاد مع جامعة الشدادية، فبعد عناء وبذل وجهد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة لتحقيق طموحهم في المدينة الجامعية في الشدادية، صدر قرار مجلس الوزراء بفصل الشدادية وجعلها جامعة جديدة، وأيضاً بحجة تشكيل جامعة جديدة لتستوعب أعداد الطلبة.

فمن باب أولى أن نسأل، هل مصير جامعة الشدادية سيكون مشابه لمصير جامعة جابر؟ وهل فعلاً كل ما يجري هو من نصيب ومصلحة الجامعات الخاصة؟ إذاً كان الجواب لا، فنسأل مرة أخرى: لماذا بعد تداول الحديث عن عدم إمكانية جامعة الكويت إدارة الشدادية سمعنا مباشرة أن هناك توجه لتخصيص إدارة الجامعة الجديدة؟ وأيضاً نثير قضية مهمة، إذا كانت جامعة الكويت لا تستحق هذا المشروع الرائد إذاً لماذا منذ سنوات تقوم الجامعة بإرسال الوفود إلى الحرم الجديد؟ ولماذا أُخذت ترتيبات ومتطلبات الأقسام ليكون مشروع الشدادية مبني لتنفيذ تلك المتطلبات؟ ولماذا أشرف البرنامج الإنشائي التابعة للجامعة على المشروع؟ كل هذه الأسئلة وغيرها كثير تجعلنا نتساءل عن أهدف هذا القرار، ومن أبسط الحقوق أن يقام مؤتمر صحفي ليبين المسؤولين لمنتسبي الجامعة والشعب الكويتي كافة أهداف هذه الخطوات.

نعم، شخصياً أتعاطف مع هذا المشروع من وجهين، الأول لأنني أفتخر كوني خريج هذا الصرح الأكاديمي وكانت جامعة الكويت أول محطة لي في التعليم العالي، والثاني أن هذا المشروع لا يتعلق فقط بالجامعة ومنتسبيها، فهذا مشروع وطني من شأنه تطوير الجانب الأكاديمي والتعليمي في الكويت. لن أقف هنا بدور المدافع وإنما سأقف بدور المستفسر، والمواطن الذي يريد أن يعرف سبب تلك الضربات المستمرة على التعليم في الكويت.

جامعة الكويت والتطبيقي إلى يومنا هذا يعانون من شح الكادر التدريسي، ما ترتب عليه مشاكل في القبول والتسجيل وتكرار قضية الشعب المغلقة. فإذا كانت الحكومة عاجزة عن ملء بضعة مئات من الشواغر، فكيف ومن أين ستأتي بقرابة ألفي عضو هيئة تدريس، وطاقم إداري وفني وأيدي عاملة لتشغيل هذا المشروع الضخم. ثم من الطبيعي أن أي جامعة تبدأ صغيرة أو متوسطة ثم تتوسع، كما هو الحاصل مع جامعة الكويت حيث توسعت مع الزمن.

والكثير من المتابعين أثاروا سؤلاً هاماً: لماذا لا تنتقل الجامعة إلى الشدادية وأن تشغل الجامعة الجديدة المباني الحالية لجامعة الكويت؟ أليس هذا حلاً لوجستياً وعملياً ومنطقياً أسهل! هل كل ما تجري من خطوات ما هي إلا نذير لسماع خبر تخصيص الشدادية مستقبلاً للقطاع الخاص بحجة أن الحكومة لم تستطع تشغيله؟

من يقرأ مقالي هذا يلاحظ أن الأسئلة المطروحة أكثر من الجمل ذاتها، لأن فعلاً الوضع مبهم ومعالمه غير واضحة أبداً. وما زاد الطين بلة هو إلحاق هذا القرار بتصريحات تنتقص من أساتذة الجامعة من قبل بعض النواب. وأن كانت الجامعة تعاني من بعض القصور فهذا لا يعني أبداً أن تكون سيئة وأن تحتقر مكانتها العلمية.

مشكلتنا في الكويت أننا لا نضع خطط مطولة وواضحة المعالم، بل في كل يوم نجد أن الحكومة تتخذ حلولاً “ترقيعية” لسد مشكلة وتنسى أن هناك ثقوب أخرى. فمن كان بيته متهالك فعليه هدمه وتشييده بقواعد متينة ولا أن يلجأ إلى التلطيخ والترقيع المؤقت.

علينا أن نوضح أمر، إن كانت الجامعة ستحتل مرتبة غير جيدة في تصنيف الجامعات، أو أن هناك تراخي وعدم جدية من قبل الأكاديميين بشكل عام في الكويت سواء في الجامعة أو التطبيقي أو معهد الأبحاث، فذلك لأن الحكومة غير متحمسة ولا داعمة لتطوير الجانب البحثي والأكاديمي. بل أول ما اتخذت الحكومة سياسة التقشف بدأت بالتعليم، وخفضت جميع ميزانيات المؤسسات التعليمية. ومن المعلوم أن الدول المتقدمة لا تستهين بأمران، التعليم والصحة، وأن من علامات الدولة المتقدمة أن يلجأ معظم مواطنوها للتعليم والصحة العامة، وأن غالب الدول النامية تجد أن قطاعيها التعليمي والصحي تم تخصيصه. صحيح هناك قلة من الأساتذة أو الطلبة المتقاعسين والمسيئين للتعليم إلا أن التعليم منظومة تكاملية تشارك فيه عدة جهات ويشد بعضه بعضاً، وأي خلال فينسب لجميع الأطراف المعنية.

————-

بوح أخير … سئمنا تردي أوضاعنا الأكاديمية وتلقي المسيرة التعليمية الضربات المتكررة وبشكل مستمر، فالتعليم أساس التطور الحضاري والفكري وبدونه لن تقام لأي دولة شأن. فأمريكا تخطت جميع بنود التجنيس ووضعت فئات تجنيس مخصصة للمبدعين والعلماء والمفكرين، لأنها تعلم أن العلم هو سلاح الدولة المدنية.

عبدالله العازمي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock