كتاب أكاديميا

هيئة «التطبيقي» للراغبين في معرفة بواطن الأمور.. بقلم :أ. د. فيصل الشريفي

كوني أحد المنتسبين إلى الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، ولي تجربة طويلة مع معظم الإدارات التي تعاقبت على إدارتها، كما أنني شاركت في كتابة رؤيتها وفي العديد من لوائحها التنظيمية، إلا أن هذا لم يمنعني من إبداء رأيي تجاه العديد من المواضيع في المقالات واللقاءات التلفزيونية التي تناولت فيها أهم القضايا والمعوقات التي تواجهها وسبل تطوير كفاءتها الأكاديمية. هناك بعض الحقائق التي يجب ألا تغيب عن ذهن من يريد تقييم أداء الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بموضوعية كونها أكبر مؤسسة تعليمية في دولة الكويت، وحاضنة لنحو 60 ألف طالب، كما أنها الملاذ لمعظم مخرجات التعليم العام والخاص، حيث وصلت أعداد المقبولين لهذا أكثر من 20 ألف طالب وطالبة، فضلا عن كونها المؤسسة الوحيدة على مستوى المنطقة التي ما زالت تقدم برامج تعليمية وتدريبية تبدأ من الشهادة المتوسطة إلى درجة البكالوريوس مما يشكل عبئًا مضاعفًا على أي إدارة تتولى شؤونها. لنقف عند هذا الحد حتى نرى لماذا توجه أصابع الاتهام إلى الهيئة؟ وهل تلك الاتهامات مستحقة؟ وعلى من نضع اللوم؟ أولًا، الهيئة ليست بمنأى عن بقية مؤسسات الدولة، لذلك رصد أوجه القصور أو التجاوزات أمر حتمي، وعليه ليسمح لي القارئ ببيان بعض الأسباب التي حالت دون تطوير أدائها بالشكل المطلوب، وكيف تعاملت الحكومات المتعاقبة مع قضية التعليم بشكل عام ومع الهيئة بشكل خاص. للعارف ببواطن الأمور يدرك أن قانون إنشاء الهيئة بشكله الحالي قد قيد استقلالية قراراتها وقدرتها على مواكبة متطلبات الجودة الأكاديمية ومنها:
1 – اختلاف في طبيعية المنظومة التعليمية في قطاع التعليم التطبيقي عن قطاع التدريب والى التفاوت كبير في نوعية الشهادات التعليمية مما تسبب في صعوبة إدراج قطاع الكليات ضمن قوائم التصنيف العالمي للجامعات، بالرغم من حصول العديد من معاهدها وكلياتها على الاعتمادات المؤسسية المعتمدة عالميًا. 2
– تداخل القرارات الإدارية والفنية بين القطاعين وهيمنة مجلس الإدارة على قرارات الهيئة خاصةً عندما يتعلق الأمر بإقرار البرامج العلمية في قطاع الكليات.
3- تأخر الهيئة عن تطوير بعض لوائحها التنظيمية الخاصة في التعيينات والابتعاث وشغل المناصب القيادية الأكاديمية في القطاعين. هذه بعض النقاط الأساسية التي عانتها الهيئة وما زالت تعاني بعضها الآخر، لكن ماذا عن بقية المعوقات التي لم ينظر لها بجدية وأحياناً أخرى بفوقية غير مبررة، ومنها تعطيل بعض المشاريع الحيوية التي حالت دون مواكبة استحقاقات رؤية الكويت وتطوير منظومة جودة التعليم وتوجيهها نحو متطلبات التنمية ومنها:
– المزاجية والمصالح وأحيانًا الفوقية التي تعامل معها بعض القياديين خاصًة فيما يتعلق بملف فصل التعليم التطبيقي عن التدريب من خلال وضع العراقيل والشروط التعجيزية التي يصعب تحقيقها على أرض الواقع، فضلا عن عدم توجيه الهيئة بالآليات المطلوبة للارتقاء بها.
– عدم إقرار مقترح إنشاء مجلات علمية متخصصة ومركز الأبحاث العلمية بالرغم من الأعداد الكبيرة من حملة درجة أستاذ دكتور (بروفيسور)، حيث حال هذا الأمر دون الاستفادة منهم ومن بقية الأكاديميين والمهنيين في مجال البحث العلمي والاستشارات. ملاحظة: جميع ما قدم من تحديث للبرامج التعليمية القائمة وإنشاء تخصصات جديدة تواكب احتياجات سوق العمل، وتحديث لمنصات التواصل الإلكتروني، وتطوير للوائح الترقيات والتعيينات والانتداب، والمناصب الإشرافية الأكاديمية، وشهادات الجودة الأكاديمية والإدارية، ومبان وقاعات دراسية ومختبرات مجهزة بكل الملتزمات التعليمة قد جاء باجتهادات عمل عليها أبناء الهيئة. باختصار أنا من أشد المؤيدين للأصوات التي تطالب بإصلاح مسار التعليم والهيئة على وجه الخصوص، لكن في الوقت نفسه لا بُد من تمكينها وإقرار المشاريع ذات الصلة التي من شأنها تطوير أدائها، والسعي إلى الهيئة تحت مظلة الجامعات الحكومية، وبعد ذلك يمكنكم انتقادها ومحاسبتها كيفما شئتم. ودمتم سالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock