قَسَمُ الفرسان” بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح”
تحكى أسطورة « فرسان المائدة المستديرة » وهى من أدب الخيال البريطانى المنسوب للعصور الوسطى عن الملك آرثر وفرسانه المئة وهم زعماء المملكة والذى كان يجتمع بهم الملك حول مائدة مستديرة وسبب أنها مستديرة حتى لا يتقاتلوا على الأماكن لإختلاف رتبهم العسكرية ،حيث كانوا يتشاورون فى أمور المملكة والتحديات التى تقابلهم ، وكان الإلتحاق بهذه المائدة ومشاركة الملك هذه الجلسات من علامات الشرف والمجد .
ولا شك أن قصص الفروسية من القصص التى تستهوى دائما الخيال الشعبى فى مختلف الحضارات منذ فجر الإنسانية نظرا لما يمثله الفارس من قيم ومبادئ عظيمة ليست عسكريا فقط ولكن إجتماعيا وإقتصاديا فكان هو الملهم لمجتمعه ورافع رايات نصره ، لذا دائما نقول عن أصحاب الأخلاق النظيفة أنهم يتحلون بأخلاق الفرسان وهم الذين تقع على عاتقهم مسئولية الدفاع عن الأرض والعرض والمجتمع من أى عنصر دخيل على العقيدة والمكتسبات الموروثة والثقافة المتأصلة كهوية تعبر عن الموطن و الوطن.
وإذا نظرنا إلى عالمنا العربى وتراثه الشعبى نجده يزخر بهذه النماذج التى لا تزال تمثل مصدر إلهام لكل باحث عن هذه القيم النبيلة التى تكاد أن تتوارى خلف مستجدات العصر الحديث وغلبة الحياة المادية على وجداننا فنجد أن الشخصية العربية فى العموم إلا قليلا تأثرت بثقافة التغريب التى لحقت بشبابنا الذى يقلدون سلبيات هذه الثقافات الدخيلة كنوع من الإنبهار فى غياب الصحوة القيمية وإحياء الهوية من جديد كمظهر من مظاهر التماسك المجتمعى .
نحن لا نريد عزلة عن العصر والتطور الذى إستجد فيه ولكن نريد مشاركة الحضارات الأخرى فى هذا التطور مع الحفاظ على القيم الوجدانية والثقافية التى هى عنوان لنا وبرهان لوجودنا.
نحن يا شباب الكويت نعيش فى وطن غالى على قلوبنا ، نريد أن نحيى فيه قيم الفروسية بداخلنا من إعتزاز بلغتنا ولهجتنا وطعامنا وملبسنا وعاداتنا الموروثة .. نريد أن نستعيد قيم الأصالة والكفاح لنبعث من جديد زمن الفرسان ، زمن كفاح الأجداد الذين روت دمائهم الطاهره أرض الوطن لكى ننعم نحن بما فيه حاليا من أمن وأمان ورخاء وسمعه طيبه علي مستوي المحافل الدولية في ظل قياده حكيمه فكان هذا نتاج طبيعي لما بذلوه من دماء طاهره زكيه ويجب علينا المحافظة علي هذا الوطن الغالي ولا نضيع ما سطروه لنا من تاريخ مشرف . لقد خطت فروسيتهم سطور جديدة فى تاريخ هذه الأمة وأستيقنوا ببصائرهم النافذة معانى الكرامة والشرف التي توارثناها منهم جيل بعد جيل كل فارس يسلم الراية لخليفته ، قبضة الفارس على رايته هى قبضة لا ترى فيها إلا عروق تنبض بعشق الوطن ، فروسية الأجداد كانت حبات عرق صنعوا منها تاج يزين جبين الوطن.
الفروسية لم تكن يوما سيوفا وجياد ونزال فقط ولكن الفروسية معانى تسرى فى عروق كل مجال من مجالات الحياة لتحقيق الكمال الإنسانى .
الفروسية الإنسانية الأخلاقية هى التى تجعلنا فرسان فى الصدق وأعمال الخير والإيثار على النفس ، الفارس الحقيقى هو المتجرد لنصرة الحق ودمغ الباطل لأن ميزان الحق والعدل عند الفرسان لا يخضع للهوى والمزاج ولكن للتشوق بقلب حار إلى النزاهة والترفع عن الصغائر والنقائص لأن الفارس الحقيقى لا يعتذر لنفسه بسوء أفعال الآخرين .
هناك جانب آخر من الفروسية وهو الجانب الثقافى المعرفى ، إعلموا جيدا إخوانى أن قيم الفروسية تستفز أصحابها للتثقف وتجعلهم فى حالة جوع دائم للمعرفة والبحث فى معارف الآخرين أيضا ، الفارس الحقيقى هو من يملك عقل معرفى رشيد يجعل منه المدافع عن قيم وهوية وطنه ضد أى أفكار شاذة تتخلل مجتمعه وتخلخل تركيبته ومكوناته الثقافية الأصيلة ، أيضا ينبغى على الفارس الحقيقى أن يتيقظ لأعداء الداخل ويظهر فروسيته بشجاعة وهمة أمام أى فرد يروج للقيم العنصرية والطائفية الخسيسة التى تهدد كيان المجتمع وترابط أبناءه ، فالفارس الحقيقى هو الذى يظل ممتطيا صهوة جواده مخترقا صفوف الأعداء فى الداخل والخارج ليقف على ربوة عالية رافعا شعار العزة للوطن فقط .
الكويت تحتاج مزيد من الفروسية فى أبنائها لتحتل مكان ثابت فى أسواق الصادرات الإقتصادية العالمية كإحدى تحديات المستقبل ، نحن نملك على أرضنا كل المقومات التى تجعلنا نحقق نجاحات إقتصادية عالمية بنكهة كويتية فى عالم الصناعة والزراعة ، نريد مزيد من الفرسان فى المحافل الرياضية لدعم روابط الإخوة والإنسانية والتنافس الشريف فالرياضة لغة التعارف بين الشعوب ، الفارس الحقيقى هو من يسعى لتمثيل بلده بشكل مشرف وتسطير تاريخ تحكيه الأجيال ونفخر به .
يا شباب الكويت نحن فى مرحلة مهمة تحتاج لإحياء قيم الفروسية بداخلنا ، الفارس لا يتخلى عن قيمه ولا وطنه والمحارب لا يستريح إلا بأداء كامل رسالته ، وطننا الغالى يحتاج منا قيم الفروسية لنكون عنوان مجده وأدوات التحدى لمستقبله ، ونحن الرهان الحقيقى لهذا التحدى .
فهلا فقهنا المعنى الحقيقى المتكامل للفروسية ؟
