كتاب أكاديميا

ظاهرة الدروس الخصوصية | يوسف الرفاعي

  ظاهرة الدروس الخصوصية ليست جديدة، فهي معروفة منذ سبعينات القرن الماضي، ولكنها انتشرت في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الدروس الخصوصية جزءاً مهماً في حياة طلبة المدارس والجامعات، وانتقلت العدوى من المدارس الحكومية إلى المدارس الخاصة، وغيرها من المؤسسات التعليمية.ففي أثناء مشاهداتي المتكررة لمجاميع مختلفة من الطلبة، يشكّل كل منهم حلقة حول أحد الأساتذة الذين يقومون بتدريسهم في ستاربكس أو غيره من المقاهي، أخذت أُسائل نفسي حول أسباب هذه الظاهرة.. هل هي بسب تقاعس الطلبة، أم لعدم اهتمام المدرس بالتدريس بالمستوى المطلوب في الفصل، أم لأن المدرس بالفصل لم يتم إعداده بشكل مناسب قبل التحاقه بالتدريس؟! فاستنتجت، بحسب معلوماتي المتواضعة وبسؤال زملائي، أن العامل الأساسي هو ضعف المناهج وأساليب التدريس لدى المدارس والجامعات، مما جعل من الدروس الخصوصية مصدر رزق إضافياً، بل أحياناً أساسياً للمدرس، في ظل المناهج التي تعتمد على التلقين. وفي المقابل، هي تشكل عبئاً على الأسر، خصوصاً التي لديها أولاد وبنات كثر.وفي الوقت الذي يواجه فيه الطالب حواجز تمنعه من تطوير ذاته علمياً وثقافياً، نرى أن وزارة التربية تعاني من ضغوط السياسيين وتدخلهم في الشؤون التربوية، مما أثر سلباً على التقدم العلمي.فعدم اختيار المدرسين ذوي المهارات والمعارف والقدرات المناسبة يؤثر سلباً في تعليم طلبة المدارس. وبالتالي، مستوى مخرجات التعليم العام. فكما تظهر الأبحاث العلمية الحديثة في التربية أن المعلم هو المؤثر الأهم في توجيه أداء الطالب، فكم طالباً تعلّق بمادة في اللغات أو الرياضيات أو العلوم أحبها وتخصص بها لاحقاً، وكم طالباً آخر نفر من مادة أخرى جعلته يكرهها أو يتسرب من التعليم بسب أسلوب أو طريقة مدرسه التعليمية أو التربوية. ولذلك، على وزارة التربية اختيار النخبة من المعلمين ذوي الخبرة العملية الطويلة وذوي الإخلاص العلمي. المراقب الخبير للعملية التعليمية يستطيع التمييز بين معلم وآخر، كما يفترض تطوير وسائل مناسبة لقياس أداء وجودة المعلم، وكذلك تحديد أيام، لا سيما في العام الدراسي، للتطوير الذاتي للمدرسين، عبر التنسيق مع أبرز المنظمات التعليمية العالمية، والاطلاع خلال هذه الأيام على المستجدات في مناهج المدارس بالدول المتقدمة، وكذلك بعض المدارس الأجنبية المتميزة في الكويت.ولننتقل بالكاميرا إلى زاوية أخرى، حيث نرى التأثير السلبي للمناهج المدرسية الركيكة التي تعتمد على التلقين على تراجع مستوى الطالب الفكري، بسبب المناهج الرتيبة التي تمنع الطالب من الإبداع والتحليل والتفكير، على عكس مناهج المدارس الأميركية والكندية والسنغافورية مثلاً، والتي تتيح للطلاب فرصة الاعتماد على النفس بدلاً من الاعتماد على المدرس الخصوصي. ولذلك، أدعو معالي الوزير بدر العيسى إلى استبدال مناهج المدارس الحالية بمناهج تعتمد على التفكير الإبداعي.في آخر السطر، أرجو ألا يصل الترشيد في الإنفاق على التعليم إلى الدرجة التي تدفعنا إلى استقدام مدرسين برواتب أرخص، مما سيفاقم المشكلة أكثر، حيث سيكون هم المدرس حينها التعويض من خلال الدروس الخصوصية بدلاً من الاهتمام بالتدريس داخل الفصل.ولنأخذ مثلاً بما سارت عليه الدّول المتقدمة التي تركز اهتمامها على تطوير التعليم بأركانه الثلاثة: المدرس، والطالب، والمنهج العلمي، قبل بناء وترميم المباني والتجهيزات والملاعب، كما نعتقد نحن في الكويت.ولكم مني تحية…يوسف السيد يعقوب الرفاعيyousefyr@[email protected]


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock