جامعة الكويت

«الحقوق» تطارد الغشاشين من طلبتها… و«الاستئناف» تؤكد عدم تجريم السماعات الهاتفية!

  

الجريدك – رأت محكمة الاستئناف أن ضبط السماعات الهاتفية مع الطلبة داخل قاعات الاختبارات ليس دليلاً على ارتكابهم وقائع الغش، وقررت اعادة أحد الطلاب إلى الدراسة مجدداً.
في الوقت الذي تطارد فيه كلية الحقوق بجامعة الكويت طلبتها المتهمين بوقائع الغش خلال فترة الاختبارات الدراسية واصدارها قرارات بفصل عدد منهم، قضت محكمة الاستئناف، في حكم بارز لها، بأن ضبط أدوات مع الطالب في اللجان الخاصة بالاختبارات لا يعد من قبيل الغش، بل هو شروع فيه، وهو ما لا يسمح للجان الاختبارات باتخاذ قرار بحرمان الطالب من الدراسة كعقاب عليه.

وانتهت المحكمة الى إلغاء حكم محكمة اول درجة برفض الدعوى وبإلغاء قرار الجامعة حرمان الطالب من الدراسة في كلية الحقوق وإعادته الى مقاعد الدراسة وتمكينه من أداء الاختبارات مجددا.

وتعود وقائع القضية الى ضبط لجنة الاختبار في احدى المواد الدراسية أحد الطلاب، ومعه سماعة توضع داخل الأذن وهوائي يعمل كمغناطيس لسحبها، فاعتبرته الجهة الادارية شروعا في الغش، وأحالت الطالب الى التحقيق الذي انتهى الى اعتباره راسبا في جميع المقررات الدراسية وحرمانه من التسجيل والدراسة خلال هذه السنة.
نظام تأديبي

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن مفاد ما تقدم أن المشرع اللائحي في القرارين المشار إليهما وضع نظاماً تأديبياً خاصاً للطلاب الذين يتم ضبطهم بالغش في الامتحانات او الشروع فيه، مبيناً فيه الاجراءات اللازم اتباعها في هذا الشأن والجزاءات الواجب إيقاعها على من يثبت ارتكابه لهذه المخالفة، وبما ان هذه المخالفة لها من الخطورة البالغة والاعتداء الصارخ على قواعد الضبط والنظام والإخلال الجسيم بقواعد الامتحانات وإهدار مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، فقد أقر المشرع لهذه المخالفة حال ضبط مرتكبها متلبساً اتخاذ الاجراءات المنصوص عليها بضبطها بحيث يقوم المشرف على الامتحان بإثبات الواقعة، سواء كانت غشاً او شروعاً فيه- في محضر يذكر فيه اسم الطالب كاملاً ورقمه ومادة الامتحان وساعتها وتاريخها على أن يبين فيه وصف الواقعة ثم يقوم بإحالة المحضر الى عميد الكلية المختص الذي يندب من يتولى التحقيق في الواقعة لسماع اقوال الطالب المنسوبة إليه المخالفة، فإذا خلص التحقيق إلى ثبوت الغش او الشروع فيه أصدر العميد قراراً باعتبار الطالب راسباً في جميع المقررات التي سجل فيها خلال السنة الدراسية التي ضبط فيها، مع حرمانه من التسجيل والدراسة في هذه السنة.

وأوضحت المحكمة أن «المقرر في مجال وزن القرار الإداري المطعون فيه بميزان المشروعية في ضوء الأسباب التي كشفت عنها الأوراق واتخذتها الجهة الإدارية سبباً لإصدار القرار الطعين، يتطلب، وخاصة في مجال التأديب، الوقوف على الوصف القانوني السليم للواقعة التي نسبتها تلك الجهة إلى الصادر في شأنه القرار لبيان ما إذا كانت الواقعة المنسوبة إليه تعد غشاً أو شروعاً فيه من عدمه، وذلك لا يتأتى إلا استهداءً بالمقرر في النظام الجزائي، رغم اختلاف الأمر بين النظامين الجزائي والاداري واستقلال الجريمة الجنائية عن المخالفة التأديبية».

وأضافت أنه «لما كان الشروع في الجريمة وفقاً لنص المادة 45 من قانون الجزاء هو ارتكاب فعل بقصد تنفيذه إذا لم يستطع الفاعل ذلك لأسباب لا دخل لإرادته فيها، ويتحقق الشروع إذا وقع ما يسبق مباشرة تنفيذ الركن المادي للجريمة ويكون مؤدياً إليه حتماً بحيث يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة، وأن يكون هذا الفعل بذاته مؤدياً حالاً عن طريق مباشر الى ارتكابها مادام قصد الجاني بمباشرة هذا الفعل معلوماً وثابتاً، ويعد الجاني شارعاً في ارتكاب الجريمة، سواء استنفد نشاطه او لم يستطع إتمام الجريمة او أوقف إرادته دون القيام بكل الأفعال التي كان بوسعه ارتكابها، ولا يحول دون اعتبار الفعل شروعاً أن تثبت استحالة الجريمة لظروف يجهلها الفاعل».
توافر الأدلة

وبيّنت المحكمة أن «المستقر عليه قضاءً وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم من المتهم، وأن يقوم هذا الثبوت على أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة يقيناً في ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه لأنه من المبادئ الأساسية بشأن المسؤولية العقابية، سواء أكانت جنائية أم تأديبية، وجوب إثبات اليقيني والقطعي لوقوع الفعل المؤثم من المتهم، وأن يقوم هذا الثبوت على أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة، ويقينها في ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه».

وأضافت أنه «لا يسوغ قانوناً ان تقوم الإدانة تأسيسا على أدلة مشكوك في صحتها أو في دلالاتها وإلا كانت تلك الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون، مفرغة من ثبات اليقين، مادام الأصل في الإنسان هو البراءة طبقا للدستور، لذا فإنه يتعين على سلطة الاتهام بيان الدليل على الإدانة وثبوت إدانة المتهم في محاكمة قانونية عادلة يكفل له خلالها الدفاع عن نفسه عن أفعال محددة، وبالتالي فإنه إذا شاب الشك وقوع الفعل أو نسبته إلى متهم معين تعين تفسير هذا الشك لصالحه، وجعل أمره على الأصل الطبيعي في الإنسان وهو البراءة».

وأوضحت أن «الثابت في الأوراق والتحقيق الذي أجرى في شأن الواقعة المنسوبة إلى المستأنف أنه أثناء أدائه للامتحان شكت المشرفة على الامتحان فيه، فأخرجته من لجنة الامتحان، وبحضور دكتور آخر، ضبط مع المستأنف سماعة توضع داخل الأذن وهوائي يعمل كمغناطيس لسحب السماعة من داخل الأذن، فأحيل الى التحقيق الذي أثبت وبعد سماع أقوال المستأنف والشهود، أن هذه الواقعة تعد شروعاً في الغش، فأصدر عميد الكلية القرار المطعون فيه متضمناً اعتبار الطالب (المستأنف) راسباً في جميع المقررات التي سجل فيها في السنة الدراسية، مع حرمانه من التسجيل والدراسة طوال السنة الدراسية».
أدلة غير كافية

وتابعت: «وإذ كان الحال كذلك فإن الأوراق تكون قد خلت من دليل يقطع بحق وبيقين على ثبوت قيام المستأنف بالشروع في الغش، وفقا للتعريف السالف بيانه لتعريف جريمة أو مخالفة الشروع محل المخالفة المنسوبة إليه»، مشيرة الى انه بفحص وتدقيق وتمحيص الأدلة التي اثبتت في التحقيق وصدر استناداً إليها القرار المطعون فيه، تبين للمحكمة أن هذه الأدلة غير كافية بذاتها لوقوع وإثبات المخالفة (الشروع في الغش) المنسوبة الى المستأنف، اذ إنها «أدلة كلها ظنية واحتمالية بداية من ضبط السماعة والهوائي ومروراً بأقوال المشرفة على الامتحانات المبلغة عن الواقعة التي حررت محضر ضبطها، وانتهاء بشهود الواقعة، بحيث إنها لا تنهض دليلاً كافياً لثبوت تلك المخالفة التي يجب ان تقوم على القطع واليقين، لا على الشك والتخمين، وخاصة ان الجزاء الموقع على اقترافها له أثر البالغ على مستقبل الطالب (المستأنف) التعليمي، وما يلحق بسمعته بين أساتذته وزملائه والمحيطين به».

وقالت المحكمة: «تأسيساً على ما تقدم وإزاء خلو التحقيق في الواقعة موضوع القرار المطعون فيه والأوراق المرفقة به من دليل يقطع بجزم ويقين بارتكاب المستأنف للواقعة المنسوبة إليه (الشروع في الغش) كما أن الادلة التي ركنت إليها الجهة الإدارية (الجامعة) للتدليل على إدانة المستأنف عن هذه الواقعة أدلة ظنية وافتراضية مجالها الاحتمال لا الثبوت، الأمر الذي لا يطمئن معه وجدان هذه المحكمة وضميرها إلى صحة الواقعة المنسوبة الى المستأنف، مما تخلص معه إلى القضاء ببراءته مما نسب إليه، ويضحى القرار المطعون فيه بمجازاته عنها بالجزاء المشار إليه فاقداً لسببه القانوني الصحيح المبرر لإصداره موصوماً بعدم المشروعية، ما يتعين معه القضاء بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تمكين المستأنف من أداء الامتحان في المقررات المسجل فيها خلال العام الدراسي واستمراره في الدراسة طوال هذا العام».
إلغاء قرار الجامعة

وأضافت: «وحيث إن الحكم المستأنف قضى بخلاف ما تقدم، فإنه يكون قد حاد عن التطبيق الصحيح لحكم القانون، ما يجعله جديراً بالإلغاء، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه على الوجه السالف بيانه».

وحيث إن الحكم المستأنف لم ينته الى ما تقدم وقضى برفض الدعوى، فإنه يكون قد صدر مخالفاً لاحكام القانون.
حكم آخر: وضع كلمات مختصرة على اليدين لا يعد غشاً

في قضية أخرى، قضت محكمة الاستئناف الادارية بإلغاء قرار الجامعة حرمان طالبة من الدراسة، بسبب الغش، لأن الثابت من التحقيقات وأقوال كل من المستأنفة وأستاذة مادة القانون الإداري ان المستأنفة كتبت على ساعدها بعض الكلمات غير المقروءة وأن ذلك حسب ما انتهت اليه اللجنة الأولى بقصد الدراسة، وليس بقصد الغش في الامتحان، ولم يثبت شروعها في الغش ولم تحاول ذلك، ولم يقل احد حتى المراقبة التي ضبطت الطالبة إنها حاولت الغش، ومن ثم فإن واقعة الشروع في الغش المنسوبة للمستأنفة تحوم حولها كثير من الشكوك، وغير ثابتة على نحو الجزم واليقين، الأمر الذي لا يجوز مؤاخذتها تأديبياً عليه، ويكون القرار المطعون فيه رقم 64 لسنة 2014 صدر مخالفاً لأحكام القانون وقائماً على سبب غير صحيح في الواقع والقانون، ويتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية، أخصها إعادة رصد درجات المستأنفة في المواد التي أدت فيها الامتحان بما فيها مادة القانون الإداري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock