كتاب أكاديميا

الحكومة تبيع البلد كتبت : د.دلال الردعان 

  

شيء محير ويدعو للتعجب ما نشهده هذه الايام في هذا البلد من تطورات فيما يخص الترشيد والتقشف في الميزانية والتي طالت اهم قطاعات البد واكثرها حيوية بالنسبة للمواطن وهما قطاع التعليم وقطاع الصحة في الداخل والخارج وغير ذلك من سياسة “ربط الحزام” في بلد تضخ منه التبرعات والمنح المليارية للعالم من المحتاجين ودول الضد بشكل يومي ولعل آخر أنباء التقشف هي تلك الأنباء المتعلقة بنظام “الخصخصة ” والتي تثير التساؤل والحيرة وتعزز الشعوربالقلق والقهر معاً حيث لسان حال المواطن يقول كيف لحكومة لا تستطيع ضبط الاسعار في “بقالة” أن تسوق للخصخصة في هذا البلد ؟ فهل من الممكن ان نتفاجأ خلال الأيام التالية بقرار حكومي رشيد طرح جميع الخدمات الحكومية للقطاع الخاص؟ ان هذه الخصخصة اشبه ببيع البلد للقطاع الخاص وأولها بيع الجمعيات التعاونية والتي تم تأسيسها من أموال المساهمين بل ما يجعل الامر يزداد سوءاً ما تقدم به بعض النواب من مقترح لقانون يهدف خصخصة مصافي النفط والذي هو مصدر الدخل الرئيسي حيث ان خطط التنمية الوهمية لم تضع في الحسبان كيف بالإمكان تنويع مصادر الدخل لهذا البلد على المدى البعيد كما فعلت شقيقاتها وجاراتها اليوم وبجدارة من الدول فكيف يمكن لنائب أن يتجرد من المسئولية التي حمله إياها الشعب بانتخابه ويسمح لنفسه بمثل هذا التصريح….اننا في حرب داخلية يا سادة ضحيتها الوطن والمواطنون …‏حربا بيعت بها الذمم ‏حربا بيع بها الشرف والأمانة فمن بيع الحكومة لخدماتها للقطاع الخاص وقوانين تقييد الحريات وسحب الجناسي وسجن المعارضين ‏وإغلاق وسائل الاعلام المعارضة وسرقة المال العام الى بلد مستشاريه من الوافدين يصوغون القانون وفق مصالحهم “وعلى عينك يا تاجر” وتصريحات نوابه ومسؤوليه ماهي إلا وصمة عار على جبين أصحابها.. لقد ضاقت الكويت وابنائها المخلصين والمقهورين ذرعاً بتصريحات هؤلاء وقراراتهم غير المدروسة والتي لها وقع الصاعقة على مسامعنا نحن الكويتيين وبكل صراحة لقد هرمنا من أحاديث البعض عن الارهاب على استحياء ومن كل الأطياف والأحزاب وترجيح كفة الولاء الطائفي على الولاء الحقيقي لهذا الوطن المعطاء المحتضن لهم وضقنا بتصريحات الخونة من بلادي ضد الكويت والدول الشقيقة والمجاورة والتي كانت ومازالت نعم السند في الضيق والمحن وإننا نتسائل هنا وفي هذه الأوقات بالذات اين انت وإلى اين نحن ذاهبون يا صاحب القرار؟ الشاهد أن الحكومة هذه الأيام ما عادت تكتفي بكم الاحباطات اليومية التي تحرص على توجيهها للمواطن الكويتي البسيط من وقت إلى آخر بل وبصورة يومية أحياناَ من تصاريح غير مسئولة وقرارات تثير الجدل وتبث عدم الأمان في نفوس المواطنين تصدر من مسئولين من المفترض أن يكونوا على قدر من الحكمة في التعامل مع نفسية الجمهور العام في بث الأخبار…بل ها هي الآن تنشر غسيل فشلها في التخطيط على الملأ ولكن هذه المرة من غير وعي…تقول المقولة: ‏”إذا إختلف اللصوص .. ظهرت المسروقات”

وعلى سبيل الصراحة… والله ما عدنا ندرك هل يضحك المرء هنا أم يبكي؟ من الذهول لمثل هذه الأخبار الطيبة….فعلاوة على قوائم التقصير الحكومي على مدار السنوات السابقة والتراخي في تنفيذ المشاريع وخطط التنمية التي نسمع عنها ولا نراها بل أن كل المؤشرات تشير لعدم وجودها من الأساس وتؤكد أن هذه الخطط ماهي إلا غطاء لسرقة المال العام من أفواه الشعب.. بالإضافة إلى ضعف الأداء الحكومي في التنفيذ والمحاسبة ومحاربة الفساد والتهاون في التصدي للأخطار المحدقة بالوطن على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

 

أيها السادة..الكويت ليست قطعة كاكاو ضخمة لمدنني الشوكولاته… وهي ليست خزنة من المال لم يشبع منها التاجر والفاسد والوافد وإن تحدثنا بصراحة أكثر فدعونا نتسائل هل انتهينا من وضع الحلول الحاسمة لمشكلاتنا المصيرية في هذا البلد ؟ حتى نتجه لإشغال الشعب بكارئة جديدة من خصخصة البلد وبيعها للقطاع الخاص والتجار هل أصلحنا التعليم وكممنا أفواه وقرارت متخبطة غير مسئولة تتخذ من قبل مسئوولين في هذا القطاعالتعليمي؟ هل اقتلعنا الفساد الإداري في مؤسساتنا من جذوره؟ هل أوقفنا سحق أيتام الكويت في دور الايتام و أعدنا الحق لهم بعد طردهم من الدور؟ واحتويناهم وخففنا عنهم مصابهم؟ كيف نرضى ككويتيين ولأول مرة في تاريخ الكويت الأيتام ان يظهر الايتام عبر وسائل الإعلام للتحدث عن معاناتهمن بهذا الشكل ويطلعلوا الناس على كم الظلم الواقع عليهم؟ هل منحنا المواطنة الكويتية المتزوجة من غير الكويتي حقوقها في سكن ملائم يحفظ كرامتها وكرامة أبنائها؟ هل منحنا أبنائها حق التجنيس وحق التوظيف؟ هل مسحنا شعور القهر لدى البدون الذي يعاني منذ دهر وتحفظ قضيته على الرف في كل مرة بعد أن يثيرها المتكسبون بالانتخابات؟ هل تم وضع حلول لمشكلة السكن للمواطن الكويتي هل تدرك الحكومة أن هنالك “كويتيين بلا سكن” في بلد الذهب الاسود لحد الآن بل بعضهم أصبح لديهم أحفاد وهم مازالوا يقطنون بيوت الايجار؟ ومنهم من هم أكاديميون واستشاريون ناجحون في مجال الصحة والتعليم وغيره من المجالات .. أيعقل أن يحرم هؤلاء المتميزون في بلدهم من حق السكن؟ هل يتلقى المواطن تشخيص طبي صحيح وعلاج طبي عالي الجودة بلا أخطاء طبية تسبب في عاهات مستديمة إذا ما تسببت في الوفاة أصلاً ويترك مرتكبيها أحرار طلقاء بدون عقاب؟

 

أما كان من الأولى من هذه الخصخصة التي تجلب الاحساس بالفشل والعجز والقهر أن تشرع القوانين الصارمة كالإعدام لمروجي المخدرات ومرتكبي الجرائم الوحشية الشنيعة ضد أبنائنا ومواطنيننا من قبل العمالة الوافدة الخارجة عن القانون والمواطنين الفاسدين ومما يترتب عليه من استنزاف لثرواتنا الانسانية بلا رحمة ضد أمام صمت قانوني وتشريعي وأمني مستمر فإلى متى يا حكومة هذا الصمت عن الجرائم بحق شبابنا وأبنائنا؟… ومن الذي يقف وراء هذا التهاون مع المجرمين؟ حكومة لا تقوى على محاسبة الداعمين للإرهاب في أراضيها والذين يتعالى عوائهم ضد الدول المجاورة الشقيقة والصديقة والمحاربة للإرهاب ومع ذلك يسمح لهم بالتمادي وشق الصف الخليجي والعربي تتحدث عن “الخصخصة” وفي منتهى الصراحة هرمنا يا بلد الهبات المليارية… من الواضح من تصريحات الحكومة في هذه الأوقات المتأزمة أن الكويت ليست للكويتيين يبدو أن المواطن الكويتي لم يكن ولن يكن محور اهتمام للحكومة.. الكويت دولة صفقات ومناقصات للتجار وهم الرابحين في السلم والحرب وفي الخسارة والرخاء هذه التصريحات الغير مسئولة التي ينصب بها بعض المسؤولين أرواحهم وصاة على الشعب الكويتي ويتحدثون بإسمه والتي تملأ القلب بالحسرة وتأخذني بذاكرتي سريعاً لمقال قرأته منذ وقت ليس ببعيد عن اعداد مثل هذه النوعية من خطابات المسئولين فهذه الخطابات لابد من أن تخضع للدراسة والتمحيص من قبل خبراء سياسيين واستشاريين نفسيين لتصاغ بعناية فائقة قبل أن تلقى على الملأ فالعبث بإطلاق الكلمات والمصطلحات دون هدف غير مسموح البتة لأن تأثير الكلمات على نفسية الشعوب محسوب جداً ومأخوذ بعين الاعتبار لدى هذه الدول التي تقدر الجنس البشري ويبدو أن المطلوب منا هنا في هذا المقام الاستسلام امام الفشل الحكومي لأنهم يقولون أن ” الضرب بالميت حرام” رغم أننا قد نؤثم بالحديث عن هذا الميت الا ان الامر يبدو مرعباً لأننا قد نرى قريباً جميع الخدمات التي تسيطر عليها الدولة ستُطرح للقطاع الخاص بما فيها التعليم والصحة والكهرباء والمواصلات وقد تطول هذه الخصخصة أمور كثيرة ليست بالحسبان لأن الكويت وبكل صراحة ليست سلعة للبيع لتجار أو أصحاب نفوذ أوسياسيين …الكويت وطن الجميع 


د/دلال الردعان

عضو هيئة تدريس واستشارية نفسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock