كتاب أكاديميا

‏أ.د. لطيفة الكندري: الشيخ مساعد العازمي من رواد تعليم المرأة

  
من حق رواد التربية والتعليم ذكر مآثرهم، ونشر محاسنهم، والإفادة من إبداعاتهم.

تنعم المرأة الكويتية اليوم بحق التعليم، وكفل لها الدستور الكويتي حياة كريمة وحققت إنجازات مذهلة في شتى ميادين الحياة. هذه النعمة الكبيرة لم تكن لتحصل لولا فضل الله تعالى ثم الجهود المخلصة للمصلحين الأوائل، ومن أولئك النبلاء: الشيخ مساعد العازمي الذي ولد وتوفي على الأرجح «1846 – 1943»، كان معلماً يدرس فقه مالك واللغة، ومن أشهر طلابه الشيخ يوسف بن حمود الذي درَّس بالمدرسة المباركية.

كتب صالح العجيري ضمن سلسلته «من تاريخ ما أهمله التاريخ» ذهب الشيخ مساعد العازمي «إلى الأزهر وبقي فيه 7 سنوات، وحصل على شهادة الأزهر العالمية، فهو أول خريج كويتي سنة 1881، وأول مُطَعّ.م ضد الجدري في الكويت. حصلت له سلبية ليست في الحسبان، فقد قال كلاماً لا يلزم أن يقال في ذلك الزمان، وهو «علّموا بناتكم القراءة والكتابة»، فغضب الناس من قوله ورفضوه واعتبروا ذلك منافياً للعرف والدين، ويتنافى مع الأخلاق الفاضلة! (جريدة الأنباء، 19 يناير، 2016، باختصار).

وكان الشيخ العازمي «يرى أن عصور التخلّف قد ألحقت بالمرأة المسلمة قدراً كبيراً من الضرر، إذ حرمتها من كثير من حقوقها، خصوصاً حقها في التعليم.. فأخذ بالتوعية في هذا المجال، رغم ما لاقاه من العنت من بعض معاصريه» (عبدالمحسن الخرافي، مربون من بلدي، ص 112). وكتب الزميل الكريم د. عيد الهيم إن الشيخ مساعد دعا إلى تعليم المرأة «إلا أنه قوبل بهجمة شرسة من الأهالي بسبب قلة علمهم وانتشار الأمية، وبدأ الشيخ مساعد بتعليم أرحامه خلال عامين، وعليه انتقل تعليم المرأة من بيته إلى الأحياء (الفرجان الأخرى)».

ومن الكلمات الساطعة والدرر اللامعة الممتلئة بالإخلاص التي قالها الشيخ مساعد العازمي «لقد أنهيت دراستي، وسوف أعود إلى بلدي الكويت، وليس لي عمل إلا التدريس والإمامة والخطابة، وهذا ما لا أريد عنه أجراً، سأمنح أبناء بلدي علمي ابتغاء مرضاة الله…». وهكذا وضع الأوائل موازين الوطنية، وأسس العمل التطوعي. إنهم أصحاب سبق وفضائل، سطروا معاني الوطنية قولاً، وعملاً، وشعوراً. الخالدون في تاريخ الكويت قدوة حسنة، لهم كل تقدير واحترام، لاسيما مبادرتهم في دعم مسيرة تعليم المرأة، حيث عانت عبر تاريخ المجتمعات أشد المعاناة من جمود العادات والتقاليد.

إن المصاعب التي واجهت المصلحين هي التي جعلت رواد التربية مشاعل هداية، ونماذج حضارية. نساء اليوم ينعمن بثمار بذرها السابقون ممن كانوا أصحاب همم عالية، ومواقف جريئة، ونظرات ثاقبة مهدت الطريق لتعليم المرأة.

أ.د. لطيفة الكندري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock