اقرأ كتاباً كاملاً في يوم واحد
اكاديميا| باتريك آلان • اختر المكان الملائميشكّل كل ما قد يشتت تركيزك عدوك، لأن كل ما يبعد انتباهك عن الكتاب يزيد الوقت الذي تحتاج إليه لتنهيه. ولا شك في أن الإنترنت، الأصوات، الشاشات، الألعاب، الحيوانات الأليفة، اللعب، الأصدقاء، وأناساً لا تعرفهم سيحاولون إبعادك عن هذه الكلمات. حتى خلال كتابتي هذا المقال وأنا جالس في المطار، ألاحظ أنني أروح أراقب الناس من حين إلى آخر وأفقد تركيزي.اعزل نفسك عن كل ما يحيط بك. احتجز نفسك في غرفة وضع سدادتين في أذنيك، توجه إلى أكثر بقعة معزولة في مكتبتك، أو تمدد على بساط في قسم هادئ من المنتزه. وإذا لم تكن تملك مكاناً مماثلاً تقصده، تستطيع في مطلق الأحوال الاختباء في سيارتك (شرط ألا يكون الطقس حاراً). فكر في مقدار الوحدة والعزلة الذي تحتاج إليه وضاعفه. أما إذا لم تستطع الهرب من الأصوات التي قد تلهيك، فاستعمل سماعات تخفي الضجيج أو قم بما يقترحه إيمرسون سبارتز، مالك ومشغل موقع معجبي هاري بوتر Mugglenet، واستمع إلى ضجيج أبيض (مثل صوت أمواج البحر، مجفف الشعر، المكنسة الكهربائية…). فيؤكد سبارتز أن الاستماع إلى الضجيج الأبيض يساعده في الحفاظ على تركيزه والقراءة بسرعة أكبر.صحيح أن من الضروري أن تختار مكاناً مريحاً خالياً من مصادر التشويه، ولكن احرص على ألا يكون مريحاً جداً، ما يجعلك تغط في النوم. نتيجة لذلك، اقرأ وأنت جالس إلى طاولة بدل التمدد في سريرك. وفضّل الكرسي على الكنبة الطرية. لا شك في أن الأثاث المريح ملائم للمطالعة، إلا أنك لا تقرأ للمتعة راهناً، بل تحاول إنجاز هذه المهمة خلال أقصر وقت ممكن. أما إذا قررت القراءة ليلاً، فمن المهم أن تتفادى ما وصفه توماس فرانك من موقع College Info Geek {نداء الوسادة}. فإن كنت قريباً من السرير أو ممداً عليه، أو على كرسي وثير أو كنبة، فلن تقاوم إغراء أخذ قيلولة. وإن أمكنك، اقصد مكانا لا يُعتبر فيها هذا خياراً ولا تعد إلى غرفتك إلا عندما تنهي الكتاب.• اقرأ على مراحلربما تفتقر إلى الوقت، إلا أنك تخصص طاقتك كلها لمهمة واحدة فقط. ولكن عندما تركّز على مهمة واحدة فترة طويلة، تعاني الاستنفاد الذاتي، ما يعني أن طاقتك العقلية، ضبط نفسك، وإرادتك تتدنى. لذلك إن لم تأخذ استراحات قصيرة، تفقد الحافز على مواصلة القراءة، ما يعني الهزيمة بالنسبة إليك. لذلك، إن لم يكن الكتاب مثيراً جداً للاهتمام، تشعر في النهاية أنك سئمت القراءة. إذاً، عليك أن تجمع بين القراءة الحثيثة والراحة.اقرأ طوال 20 دقيقة، ثم قم بنشاط حماسي كي تحافظ على طاقتك طوال 5 إلى 10 دقائق. طبق طريقة بومودورو خلال المطالعة. أقوم عادة بنزهة قصيرة، أمارس التمارين الرياضية، أتسلى بألعاب الفيديو، أو أستمع إلى القليل من الموسيقى الصاخبة وأرقص قليلاً. ولكن مهما كان النشاط الذي تختاره، فاحرص على أن يكون حماسياً، ممتعاً، وبعيداً كل البعد عن الموضوع الذي تقرأ عنه. تهدف هذه الخطوة إلى أخذ استراحة كي تعود إلى المطالعة وأنت منتعش.تستطيع أيضاً تقسيم الكتاب إلى أجزاء بدل أن تحدد فترات زمنية. ضع إشارة عند نهاية كل جزء أو حدد نسبة مئوية معينة. على سبيل المثال، يمكنك أن تضع ثلاث علامات في الكتاب لتقسّمه إلى أربعة أجزاء. وكلما بلغت علامة، كافئ نفسك بوجبة أو بفترة قصيرة من ألعاب الفيديو أو بمشاهدة حلقة من مسلسل تحبه كثيراً.• دوّن الملاحظاتيساعك البقاء نشطاً في التركيز على القراءة أيضاً. دوّن الملاحظات خلال المطالعة، أو ضع خطاً تحت المقاطع التي تود تذكرها لاحقاً. فيساهم هذا الأمر في كسر الروتين وحفظ المعلومات. دوّن كل ما يخطر في بالك: الكلمات التي لا تعرفها، ما تستشفه من المعنى، دوافع الشخصيات وأفكارها، ومشاعر حيال نقاط الحبكة الرئيسة.يقترح مورتيمر ج. أدلر وتشارلز فان دورن، مؤلفا كتاب How to Read a Book (كيف تقرأ كتاباً) أن تعد مراجعة تحليلية للكتاب باتباع هذه القواعد الأربع عندما تنتهي من المطالعة:• صنّف الكتاب وفق موضوعه.• حدّد عمّا يدور الكتاب عموماً وكن مقتضباً قدر الإمكان.• عدّد الأجزاء الكبرى والعلاقة بينها. وحدد النقاط الرئيسة في كل جزء.• حدّد المشكلة أو المشاكل التي يحاول الكاتب حلها.عندما تدوّن هذه المعلومات كافة، وهي لا تزال حية في ذهنك، لا تُضطر لاحقاً إلى محاولة تذكرها حين تصبح مبهمة في ذاكرتك. وعندما يحين وقت مناقشة الكتاب أو كتابة مقال عنه، تملك بضع أوراق تحتوي على الأفكار الرئيسة التي كونتها عنه.إذا كنت تملك مقداراً أكبر من الوقت، تعمّق أكثر في ملاحظاتك. ويمكنك القيام بهذه الخطوة بعد الانتهاء من المطالعة أو خلال فواصل الاستراحة التي تأخذها بين جزء وآخر. ابحث عن معاني الكلمات التي لا تعرفها، تأمل نقاط الحبكة التي لفتت نظرك، والجأ إلى الإنترنت أو نصوص أخرى بحثاً عن بعض الشروح لما لا تفهمه. كذلك تستطيع مقارنة ملاحظاتك مع ما يقدمه موقعي SparkNotes وCliffsNotes لتحدد ما أغفلت عنه. صحيح أن الاعتماد على مواقع مماثلة ليس خطوة صائبة، إلا أنها تساعدك في سد الفجوات حين تطالع كتاباً بسرعة.• عزّز ماراثون القراءةقد تبدو لك المطالعة نشاطاً سهلاً، إلا أن هذا الماراثون سيستنفدك. فقد تبلغ مرحلة ما لا تعود فيها نشاطات الاستراحة كافية لتدفعك إلى المواصلة بالسرعة عينها. الجأ في هذه الحالة إلى دواء الجميع المفضل: الكافيين. قد لا تبدو لك نصيحة تناول مشروب يحتوي على الكافيين مبتكرة، ولكن ثمة طريقة مناسبة وطريقة خاطئة لتطبيقها. إليك بعض المسائل التي يجب تفاديها عند تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين:• لا تبدأ ماراثون القراءة بمشروب يحتوي على الكافيين، إلا إذا كنت تشعر أن هذا أمر ضروري. أرجئ ذلك إلى أن تشعر أنك استنفدت وأنك تحتاج إلى ما ينشطك. يشبه هذا سباقاً في الفيلم الشهيرThe Fast and the Furious: إن ضغطت على النيتروجين باكراً، تخسر أو تتحطم.• لا تختر مشروباً يحتوي على الكافيين يمكنك شربه بسرعة (مثل 5-Hour Energy أو كوب ستاربكس المزدوج). صحيح أن هذه المشروبات تعزّز طاقتك، إلا أنها ستحقق ذلك دفعة واحدة. لذلك من الأفضل أن تختار مشروباً ترتشفه بهدوء، ما يدخل الكافيين تدريجياً إلى جسمك بمرور الوقت. فلا تريد في النهاية أن تقفز وتطير، بل ترغب في أن تحافظ على تركيزك وتعزز طاقتك.• لا تتناول مشروباً يحتوي على كمية كبيرة من السكر. لا بأس بإضافة القليل من السكر إلى القهوة لتحسين مذاقها. لكن بعض أشهر المشروبات يحتوي على أطنان من السكر. لنعد إلى فيلم The Fast and the Furious، أبقِ السكر خارج خزان الوقود. صحيح أن السكر يمنح القليل من الطاقة لفترة قصيرة، إلا أن تراجع طاقتك سيكون أكثر حدة مع زوال تأثير السكر والكافيين.إن كان الوقت ما زال مبكراً وتملك متسعاً من الوقت، تستطيع الاستمتاع بقيلولة وجيزة مدتها 30 دقيقة. فهذه الخطوة قد تكون أكثر إنعاشاً من كوب القهوة. والأفضل بعد أن تجمع بين الكافيين والقيلولة لفائدة مضاعفة، وإلا اكتفِ بتناول الكافيين عندما يتسلل إليك الشعور بالتعب.يؤدي الطعام دوراً مهماً أيضاً في ماراثون القراءة. صحيح أن إضافة القليل من السكر إلى القهوة ينعشك، إلا أنك تحتاج إلى المزيد من الوقود، بما أن دماغك يعمل بكامل طاقته. وهنا أيضاً، ثمة طريقة مناسبة لتناول الوجبات الخفيفة. يقدّم الخبراء بعض القواعد المفيدة بشأن الوجبة الخفيفة. إليك عدداً منها:• احرص على أن تكون الوجبة الخفيفة جافة ولا تحتوي على الكثير من الدهون كي لا تفسد صفحات الكتاب.• تستطيع تناولها من دون النظر.• تستطيع تناولها بيد واحدة.• تحتاج إلى فترة طويلة للمضغ كي تدوّن فترة طويلة.لا شك في أنك لا تود إتلاف صفحات الكتاب، خصوصاً إن كنت تنوي بيعه بعد انتهاء الصف. جفف بضع جزرات صغيرة بمحرمة ورقية، تلذذ بقليل من الفاكهة المجففة، أو التهم مزيجاً من الجوزيات اللذيذة. أما إذا اخترت وجبة خفيفة قد تخلّف بعض البقع، فاستعن بعصوين خشبيين لتسهل مهمة تناول الطعام بيد واحدة.إذا أخذت استراحة لتلتهم البيتزا أو أي وجبة أخرى مليئة بالسوائل أو الدهون،فلا بأس في ذلك. ولكن لا تحاول الخوض في هذه التجربة أثناء القراءة. بالإضافة إلى ذلك، يشير الخبراء إلى أن كتباً كثيرة تحتوي على أجزاء مملة تتباطأ فيها الأحداث. لذلك تشكل هذه الأجزاء أفضل مرحلة لتناول وجبة خفيفة. بدل أن تفقد اهتمامك وتتساءل متى ستستعيد التطورات زخمها، تبقيك الوجبة الخفيفة نشطاً وترضيك إلى أن تتخطى هذه الأجزاء المملة.أطفئ هاتفك لأجل كتابكإذا كنت تظن أنك لا تستطيع تخصيص خمس ساعات للقراءة في يوم، فإليك خبراً مفرحاً: تمضي فترة مماثلة في القراءة كل يوم. فقد كشفت دراسة حديثة أعدتها جامعة لانكستر في المملكة المتحدة ونُشرت في مجلة PLOS One أن الإنسان العادي يمضي أكثر من خمس ساعات يومياً في استعمال هاتفه الذكي. ويعتمد معظم هذا التفاعل بين الإنسان والهاتف الذكي على القراءة، مثل قراءة الأخبار، استخدام Reddit، فيسبوك، تويتر، وTumblr، الاطلاع على معلومات المواعدة على شبكة الإنترنت، وLifehacker. لذلك استبدل كتاباً بهاتفك.ضع هاتفك جانباً طوال يوم إن كنت تستطيع ذلك، أو على الأقل خبئه بعد أن تضعه صامتاً. وينطبق الأمر عينه على كل ما تستعمله لاستهلاك المعلومات، مثل: الجهاز اللوحي، الكمبيوتر المحمول، التلفزيون، والآليون. صب كل اهتمامك عل القراءة. نتيجة لذلك، عليك أن تخصص الدقائق كافة التي تود «قتلها» للكتاب. وينطبق هذا الأمر على كل الأمكنة التي تقصدها. بدل اللجوء إلى هاتفك الذكي وأنت تنتظر في الصف في المتجر أو تنتظر لطلب وجبة أو أي نشاط آخر تلجأ خلاله إلى هاتفك الذكي لتضييع الوقت، أخرج كتابك واقرأ قليلاً. ولا شك في أنك ستلاحظ أن هذا مقدار كبير من الوقت يمكنك استغلاله بسهولة. ولا غنى بالتأكيد عن الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي، إن كان الكتاب محفوظاً عليه. ولكن أبقه صامتاً وتفادَ أي مصادر تشويش أخرى، مهما كان الثمن.استعن بكتب مسجلةيمكنك كبديل الاستعانة بأذنيك عوضاً عن عينيك. ربما عليك شراء بعض الحاجيات الضرورية. أو لعلك ترغب في التمرن، إلا أنك لا تستطيع تضييع الكثير من الوقت. هنا يأتي دور الكتب المسجلة. تقرأ على الأرجح بسرعة أكبر مما تسمعه في الكتب المسجلة. إلا أن الأخيرة تُعتبر مثالية لسد الفجوات إن كنت تعاني نقصاً في الوقت.على سبيل المثال، تستطيع أن تقرأ لبضع ساعات، لتنزل بعد ذلك كتاباً مسجلاً وتستمع إليه وأنت تقود السيارة، تتسوق، تقوم بالأعمال المنزلية، أو تتمرن. وبعد الانتهاء من أعمالك، يمكنك العودة إلى مطالعة الكتاب. يبقى الوجه السلبي الوحيد أنك قد تُضطر إلى دفع ثمن الكتاب عينه مرتين، إن لم تخطط مسبقاً لاستعمال الكتاب المسجل. بالإضافة إلى ذلك، قد لا تعثر على نسخة مسجلة من الكتاب الذي قررت مطالعته. نتيجة لذلك، قد تُضطر إلى قراءة المنشورات الأقل شهرة والكتب الأكاديمية بالطريقة التقليدية. ولكن إن كنت تستعين بجهاز Kindle (أو InstapaperوPocket للنصوص القصيرة)، فيمكنك أن تلجأ إلى تطبيق تحويل النص المكتوب إلى نص سمعي. صحيح أن الصوت لن يبدو مميزاً كما في الكتب المسجلة، إلا أنه يبقى خياراً جيداً، فضلاً عن أنك تستطيع أن تعدل سرعة القراءة. في الختام، بغض النظر عن الطريقة التي تستخدمها للاستماع إلى كتابك، توفر لك هذه الخطوة بعض الوقت.لا تحول ماراثون القراءة إلى عادةقبل أن تنطلق، تذكر أن الكتب لا تُعد لتُقرأ في غضون يوم. على غرار المسلسلات المقسمة إلى حلقات، تُقسَّم الكتب إلى أجزاء تستهلكها تدريجياً بمرور الوقت. لذلك نظم عملية القراءة وخصص الوقت الكافي لتفكر في ما قرأته. ولا شك في أن هذا الأمر سيعزز فهمك وقدرتك على الاستيعاب عموماً. نتيجة لذلك، يجب أن تعتبر قراءة كتاب في يوم مجرد وسيلة إنقاذ للحالات الطارئة. وقد يكون من الأسهل أن تقوم ببعض التعديلات البسيطة لتخصص الوقت الكافي للقراءة.علاوة على ذلك، يساعدك تدوين الملاحظات، البحث عن المعاني، وحتى التأمل في اللحظات المثيرة للاهتمام من الكتاب في تذكر ما طالعته. من المؤكد أن لقراءة كتاب في يوم واحد سلبياته، إلا أنه من الممكن عبور خط النهاية وقد كدست الكثير من المعلومات عن الكتاب.