كتاب أكاديميا

آن الأوان لإعادة هيكلة نظام التعليم في الكويت لتحقيق الإصلاح والتحسين المستمر لمخرجات التعليم كتب: د.زيد الشمري

  

  

ذكرت سابقا بأن التعليم هو نظام، له أهداف تحدد الغرض منه، وله معايير منظمة للعملية التعليمية. ذكر تشومسكي، أحد العاماء في عصرنا الحديث، بان التعليم عبارة عن نظام للتلقين حيث يساعد في تشكيل توجهات وفكر أفراد المجتمع. ومن هنا نستطيع أن نستنبط أهمية التعليم وتأثيرة على المجتمعات والدول حيث أنه أساس التقدم والإزدهار، ليس فقط على المستوى الإنساني بل كذلك على المستوى الإقتصادي. علمياً، أكدت الكثير من الدراسات العلمية أن هناك علاقة إيجابية بين قوة الإقتصاد وجودة نظام التعليم، وهذه أصبحت حقيقة في عالمنا الصغيلر، مما يؤكد أهمية وتأثير التعليم في تحسين مستوى حياة الإنسان وقوة إقتصاد الدول.

 

لذلك وجود نظام تعليم ذو جودة عالية ضروري، ولكن هذا يتطلب أولا “الإصلاح” من خلال تنفيذ تغييرات مناسبة ومهمة في نظام التعليم وثانيا “التحسين المستمر للعملية التعليمية ومخرجاتها”. عمليتي الإصلاح والتحسين المستمر لنظام التعليم ومخرجاته في دولتنا الحبيبة الكويت ليست بالصعبة ولكنها ليست بالسهلة أيضا، والسبب ليس لعدم وجود أفكار جيدة وإنما لعدم القدرة على تنفيذ الأفكار الجيدة.

 

من منظور شخصي كمتخصص في مجال التعليم، أرى أن أحد العوامل المهمة في عملية الإصلاح لأي نظام تعليم هو المشاركة الفعالة لأفراد المجتمع. طبعا هذه الشراكة المجتمعية هي من أهم أسباب نجاح أنظمة التعليم في كثير من دول العالم المتقدمة. ومن هذا الجانب، كمتخصص في التعليم أوصي بوضع إستراتيجية ذات منهجية تضمن الإستدامة في عمليتي الإصلاح لنظام التعليم والتحسين المستمر للعملية التعليمية ومخرجاتها. كما لا نستطيع أن نتجاهل عامل آخر أساسي وهو البحث العلمي لتحديد الطرق اللازمة والمناسبة التي توفر الإجراءات الصحيحة للتعرف على أماكن القوة للتركيز عليها وكذلك أماكن الضعف لمعالجتها في نظام التعليم بدولتنا الحبيبة الكويت.

 

لذلك، هذه الإستراتيجية تحديدا يجب أن تكون معنية بإعادة هيكلة نظام التعليم في دولة الكويت، كما يجب أن تكون مبنية على أسس مثبتة علميا من خلال الدراسات والتجارب العلمية التي نفذت في أنظمة التعليم العالمية خصوصا المتقدمة. ومن ثم تستخدم هذه الممارسات المثبتة علميا للمساعدة في تصميم وتنفيذ عملية إعادة هيكلة نظام التعليم في دولة الكويت لتتضمن بعض الجوانب المهمة التي يشوبها الخلل والقصور، تزامنا مع الأصول القوية التي تمتلكها الدولة.

 

إن دولة الكويت تمتلك أصولا قوية يجب إستغلالها بالطرق المثلى لتنفيذ عملية الإصلاح وتحقيق التحسين المستمر للتعليم ومخرجاته. ومن ناحية علمية وتأكيدا على ذلك، حددت الدراسات التربوية العلمية أفضل الممارسات والنماذج التعليمية الواجب إستخدامها في عمليتي إصلاح نظام التعليم والتحسين المستمر لمخرجاته، وذلك من خلال إتباع الخطوات التالية التي تتطلب وجود: الرؤية بعيدة المدى لنظام التعليم، القيادة المستمرة المتخصصة في التعليم ذات الكفاءة، المعايير ومخرجات التعلم، الإلتزام بالمساواة، قيادات ومعلمين متخصصين وذو جودة في المدارس، الموائمة والترابط المنطقي، المساءلة وفقا لتقارير مخرجات التعلم لكل معلم ومدرسة ومرحلة تعليمية، الإستخدام الفعال للمصادر المتاحة، التحفيز للمعلمين المتميزين ومشاركة الفعالة للطلبة في جميع المجالات التعليمية داخل وخارج المدرسة، وأخيرا التوجية للمستقبل والعالمية من خلال خطط التحسين المستمر للتعليم ومخرجاته.

 

 

ومن هنا، أنصح قيادات وزارة التربية أن تضع في ذهنها أن إستراتيجية إعادة هيكلة نظام التعليم يجب أن تتناول الربط بين المراحل الخمسة الأساسية المعنية في هيكلة نظام التعليم لإحداث التغييرات الضرورية التي ينتج عنها الإصلاح وإصلاح الإصلاح لضمان التحسين المستمر لمخرجات التعليم في الكويت. لذلك هذه الإستراتيجية يجب أن تتضمن (1) الرؤيا، (2) الرسالة، (3) القيم، (4) الأهداف الإستراتيجية، (5) المبادرات، (6) مؤشرات الأداء الرئيسية، (7) الجدول الزمني، (8) المخرجات، (9) الهيكل التنظيمي.

 

كما أتمنى أن تتكون هذه الإستراتيجية من عدة مراحل رئيسية. لذلك أضع لكم يا وزارة التربية، مع كل الإحترام والتقدير لكم جميعا، المراحل الأساسية التي أرى من الضروري إتباعها في إستراتيجية إعادة هيكلة نظام التعليم في دولة الكويت.

المرحلة الأولى: هيكلة الأهداف للمراحل التعليمية ضمن إطار تسلسل هرمي منطقي علمي وتربوي

المرحلة الثانية: هيكلة المناهج بالتوافق مع المعايير العالمية والأهداف للمراحل التعليمية

المرحلة الثالثة: فاعلية نظام التعليم في الكويت-القياس والتحليل لمخرجات التعلم

المرحلة الرابعة: هيكلة نظام تصنيف المدارس وفق التقييم السنوي لمخرجات التعلم

المرحلة الخامسة: هيكلة مكافآت الأعمال الممتازة لأداء المعلمين وفق مخرجات التعلم

المرحلة السادسة: هيكلة إدارات المناطق التعليمية وإستحداث مكاتب ومراكز للقييم والتطوير والبحوث

المرحلة السابعة: هيكلة لوائح الحضور والغياب لحل مشكلة غياب المعلمين والطلبة في المدارس وربطها بخطط التحفيز والمكافآت

 

والله من وراء القصد.

 

 

د. زيد الشمري

كلية التربية – جامعة الكويت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock