جامعة الكويت

جامعة الكويت …. إلى أين ستصل ؟!

  

أكاديميا| خاص – كتب عليا العازمي- مريم الفهد
أكتوبر ١٩٦٦، تاريخ محفور في ذهن الكويت، ففيه أنشئت أول جامعة حكومية، جامعة ساهمت في توطين ونشر المعرفة الإنسانية ومتابعتها، جامعة وجدت لايصال رسالتها والتي تنص كما يلي “إعداد ثروة بشرية متميزة بمعرفتها، تفي باحتياجات الدولة التنموية وتواكب متطلبات العصر الحديث من خلال الجودة في التعليم العالي، والتميز في البحث العلمي، والارتقاء في خدمة المجتمع .” ألا وهي جامعة الكويت.
منذ نشأتها سعت جامعة الكويت جاهدة لتحقيق ماوجدت من أجله، خرجت الكثير من الأجيال، واحتضنت مختلف المواهب، منهم من هم اليوم رجالات دولة لهم صيتهم وثقلهم فيها. ولا تزال جامعة الكويت تحاول الاستمرار بايصال رسالتها والوفاء بعهدها ولكن مانراه مؤخرا يطرح سؤال كبيرا… ماذا حصل لأول منارة علم في الكويت؟ كيف تباطئت خطواتها نحو التقدم؟ وما الثقل الذي ألقي على كاهلها وأودى بها إلى ماهي عليه اليوم؟
جامعة الكويت الشابة تمر بمراحل شيخوخة مبكرة! 

لطالما كرر وندد علماء النفس بأن أولى خطوات حل مشكلة هي الاعتراف بوجودها. جامعة الكويت تواجه ليس مشكلة واحدة فحسب بل سلسلة من المعيقات وحجرات عثرة تقف بينها وبين إكمال طريقها إلى القمة. على الرغم من وجود أعراض المشكلة التي تمر بها الجامعة في الوقت الحالي وبل وظهورها للسطح إلا أن الجامعة مصرة على إنكار مايحوم حولها من شائعات ودحض كل مايقال عن تدني مستواها.

التدخلات السياسة
هذا التدني والتأخر إنما هو حصيلة التدخلات اللاتعليمية والعوامل الخارجية التي دست بالخفاء واستحوذت على ما استحوذته وأشبعت رغباتها الأنانية، وتركت الجامعة بعد حين مع مخلفاتهم التي أصابتها بالشيخوخة المبكرة.
تعتبر جامعة الكويت واحدة من المؤسسات الكويتية الحكومية التابعة لوزارة التعليم العالي التي تعمل تحت إشراف مجلس الجامعة الذي يرأسه معالي وزير التربية وزير التعليم العالي. وكونها تابعة للحكومة فجامعة الكويت قابلة للتدخلات السياسية التي لاتصب في مصلحتها العامة أبدا. وهذا ماحدث فعلا في الآونة الأخيرة. فبدلا من أن يكون الصراع في الجامعة تعليمي بحت نرى الصراع السياسي قد تفشى بين أروقة الجامعة ملاقيا رفضا قاطعا من معظم الأساتذة والأكاديمين في جامعة الكويت. لأن هذا النوع من التدخلات يعرقل الآلية التي تعمل وفقها الجامعة فيمايختص بالتعيينات في المناصب الشاغرة والوظائف الإدارية أو حتى بعملية قبول الطلبة.

هذا النوع من التدخلات يفتح باب شاسعا للواسطات والمحسوبيات، والمصالح الشخصية، ومعه تنصهر حقوق البعض وهذا النوع من التدخلات المستمرة قد يخلق في المستقبل نوعا من التمرد الإداري تجاه النظام. فأي تجاوز بسيط آخر بسبب تدخل سياسي قد يكون الشرارة التي ستضرم نار التمرد الإداري. ناهيك عن ذكر تصريح د. محمد الخضر في “أكاديميا” وحديثه عن مسلسل التخبط الإداري الذي تعاني منه الجامعة. إضافة إلى قيام بعض النواب بطرح الأسئلة البرلمانية حول التعيينات والترقيات التي حدثت في الجامعة، كلها مؤشرات على ماسبق وذكرته آنفا. فهل من بصير ؟!
التدخلات السياسية وإن كان لها يد في إعاقة تقدم الجامعة، فللأسف هناك أيد أخرى تمسك وتتشبت بجامعة الكويت مانعة إياها من الحركة. خير مثال عليهم، الأعداد الكبيرة للمقبولين كل سنة!

رفع النسب .. والطاقة الإستيعابية
في عام ٢٠٠٨، صرح مدير جامعة الكويت د. عبدالله الفهيد آنذاك في لقاء معه في احدى الصحف المحلية بأن “أكبر عقبة هي في الواقع الصفة الذاتية عند كثير من الناس بعدم رغبتهم في التغيير وتخوفهم منه واطمئنانهم للوضع القائم خوفا من الشيء المجهول” وأعطى د.الفهيد مثالا وهو رفع نسب القبول لرفع مستويات مخرجات جامعة الكويت وقراره هذا استقبل بالرفض الشديد القاطع. أما الآن لننظر إلى نسب القبول المرتفعة في جامعة الكويت. الشاهد هنا أن وسيلة د.الفهيد اتفقت مع وسيلة الجامعة حاليا ولكن الغاية اختلفت. في حين أراد د.الفهيد رفع النسب لرفع مستوى المخرجات، رفعت جامعة الكويت النسب لمواجهة الكم الهائل من الخريجين كل سنة. وهل نفعت الوسيلة؟
نحن لا نتحدث عن عدد بل نتحدث عن معيار وإمكانية. لايمنع أن تستقبل جامعة الكويت مليون طالب سنويا إن كانت تستطيع ذلك. ولكن عندما تقبل الجامعة عددا يتجاوز طاقتها الاستيعابية بفعل الضغوط السياسية، هنا تحدث الكارثة!

عدد الطلبة مقابل الأساتذة
كما هو متعارف عليه، بأن المعدل العالمي للطلبة مقابل كل أستاذ هو ١/١٦، أما وفق الجامعة فهو ١/٢٧. أضف إلى ذلك، المباني المتهالكة التي لم تبنى لتستوعب عددا كبيرا من الطلبة. ومشاكل تسجيل المواد المتعاقبة بفعل الزيادة الكبيرة للمستجدين، ومشاكل التعليم نفسه. فنتيجة للعدد الكبير من الطلبة في الشعبة الواحدة اتجه عدد من الأساتذة إلى التلعيم التلقيني كأفضل حل لتدريس مجموعة كبيرة. وتراكم عدد الطلبة يؤثر على نوعية التعليم بحيث لا يركز الأستاذ بشكل كامل على متابعة كل طالب وتطوير نواقصهم التعليمية

ماهو الحل؟ 

صرحت مساعدة مدير الجامعة لخدمة المجتمع والاعلام الدكتورة رشا الصباح -آنذاك- لجريدة آفاق الجامعية بتاريخ 16 ديسمبر 1986 قائلة: إن «المباني الجديدة ستكون جاهزة في بداية التسعينات وعلى مراحل بحيث تنتقل كل كلية إلى مبناها الجديد حال الانتهاء من اعداده وتجهيزه بما تحتاج، وأن الحرم الجامعي الجديد سيستوعب أربعين ألف طالب وطالبة».

منذ أواخر الثمانينات العمل سار على قدم وساق في مشروع الشدادية وهانحن ننقترب من العام ٢٠١٦ ولم ترى مدينة الشدادية نور سوى نور حوادث النيران والحرائق التي نسمع عنها بين تارة وأخرى هناك. ماهو الحل ؟ الحل موجود ولكن السؤال متى سنراه؟
الأستاذ والطالب كلاهما عضوا فعال في سير العملية التعليمية والارتقاء بمستوى الجامعة. نسمع بين الحين والآخر عن اكتشافات وبحوث مميزة قام بها طلبة جامعيون. ويتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي: لماذا لانسمع عن طلبة جامعة الكويت وهم يقومون بأبحاث علمية ذات مستوى عالي؟ أو بالأحرى، أين هي بحوث الأساتذة المستمرين؟

يبلغ أعضاء هيئة التدريس الأكاديمية ١٥٦٥ في حين يصل إجمالي عدد طلبة وطالبات جامعة الكويت إلى ٣٨٦٤٨ . بسبب الأعداد الكبيرة لا يجد الأستاذ وقتا كافيا ليتفرغ للبحوث العملية والدراسات العميقة. ضيق الوقت وضغط العمل ينعكس سلبا على مستوى الهيئة التدريسية وهذا بالتالي ينعكس على مستوى الطلبة. إضافة إلى ماسبق ذكره، فالأستاذ الجامعي لايشترط له الانتاج العلمي لضمان استمراريته بالعمل وهذا القانون يطفئ شعلة التنافس والحماس، هذا فضلا عن “الساعات الإضافية” التي تزيد من شأنها من نصاب الأستاذ فيجد نفسه في نهاية اليوم يدرس ساعات فوق طاقته.

فيما يخص هذه المشكلة صرح وزير التربية والتعليم العالي د.بدر العيسى: ”مشكلتنا أن نسبة أعداد هيئة التدريس قليلة، وهذا يعود إلى عدة أسباب، منها ضمان العضو التدريسى للعمل الإضافي والصيفي، ومحاربة من يأتي من الخارج، فمثلاً عندما كنت مدرساً كان معظم الموجوين بالأقسام المختلفة يحاربون أي دكتور يأتي من الخارج.”.
نأتي أخيرا إلي اليد الصغرى، الطلبة.

لاحظنا في الفترة الأخيرة النسب العالية التي يحصل عليها خريجي الثانوية وسرعان مايختفي الجد والاجتهاد عند دخول الطالب الجامعة. ما السبب؟

في تصريحه لإحدى الصحف قال وزيد التربية د. بدر العيسى: “عندما كنت مدرسا بالجامعة وجدت معدلات عالية للطلبة، لكن تعليمهم ضعيف وثقافتهم أضعف، فهناك بعض الطلبة لا يعرفون من رئيس الحكومة!” 

مستوى طلبة جامعة الكويت محزن ولايبشر بالخير، كماذكرت سابقا فالطالب الكويتي لايسمح له بعمل بحوث مستقلة، بل ليس هناك تدريب مبني على أسس بحثية يدرب عليه الطالب.أغلب الجامعات المتقدمة تهتم كثيرا بتعليم طلبتها أسس البحث العملي ونحن في جامعة الكويت أقل مايمكن أن ينظر له على أنه بحث هو عبارة عن عشر صفحات نسخت من منتدى وزخرفرت وختمت باسم وسلمت للأستاذ. لكي لانضع اللوم فقط على الجامعة فإن الطالب يتحمل جزءا من المسوولية. نظرة الطالب في جامعة الكويت للعلم والبحث يجب أن يتغير. لابد من الجامعة أن تزرع حب العلم من جديد في نفوس طلابها. 
في خلاصة القول، من سيكون مدير الجامعة الجديد الذي سيحمل هذا العبء؟ وهل سيكون قادرا على إرجاع شباب جامعة الكويت ؟ وحده الزمن سيجيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock