رهبة وخوف معلمي المستقبل من تقديم دروس أمام الطلبة
أكاديميا| (خاص)
المهمة الرئيسية للمعلم هي شرح الدرس بوضوح للطلبة وتبسيط الأمور لهم وتقوية شخصياتهم وتنمية مهاراتهم. مهنة المعلم مهنة شاقة ولها قيمتها الجوهرية التي لايمكن لأحد نكرانها، وكذلك دوره وتأثيره على المجتمع وعلى الطالب على وجة الخصوص. علينا الإحساس بأهمية هذه المهنة وتقديرها لأن المعلم هو المسؤول عن تنشئة الأجيال وتنمية البلد وتطويره. كما يحظى المعلم في كثير من الدول المتقدمة أهمية ورعاية وتقدير خاص؛ عندما طالب القضاة في ألمانيا بمساواتهم مع المعلمين من حيث الرواتب وأضربوا عن العمل فكان رد أنجيلا ميركل: “كيف أساويكم بمن علموكم؟” هذا الرد يعكس لنا مدى حرصهم الشديد على دور المعلم وتقدير جهوده. وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي عن المعلم:
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.
ومن أهم صفات المعلم الناجح هي: الثقة، الصبر، الإلقاء المميز، الشرح الجيد، اتزان الشخصية وحسن استخدام لغة الجسد أثناء الشرح والكثير من الصفات التي يتميز بها المعلم الفعال للتأثير على الطلبة، وبالتالي يحظى المجتمع بنتائج مرضية من حيث الأجيال الواعية وإبداعهم وتأثرهم الإيجابي من المعلم العظيم وحبهم للعلم.
في المرحلة الجامعية لمعلم المستقبل وقبل أن يصبح معلم أمام الطلبة عليه أن يتقن فنون الشرح والوقوف أمام مجموعة من الطلبة والتدريب المكثف؛ وهذا مايطلبه أعضاء هيئة التدريس في كلية التربية من معلمي المستقبل، وذلك من أجل تنمية مهارات الإلقاء وتقوية شخصية الطالب وثقته بنفسه. لكن عجباً من بعض معلمي المستقبل، حيث يقف البعض في الفصل وعلامات التوتر ارتسمت على ملامحه وزاد القلق وما إن يرى توجه الأنظار إليه تنخفض ثقته بنفسه، هذا إن لم تنعدم؛ ويبدأ بقراءة الدرس كقراءة مجلة وقراءة سريعة في دقائق معدودة دون شرح واضح؛ والبعض يرفض تقديم أي درس بسبب الخجل ويطلب من الدكتور أن يعمل بحث أو تقرير أو مهما كان مقابل إعفاءه من هذه المهمة، وهكذا تتعدد أسباب الطلبة وكأن المطلوب منهم إلقاء محاضرة وخطاب جماهيري على مستوى العالم. تراودني العديد من التساؤلات: كيف لمعلم المستقبل أن يفعل ذلك؟ ماذا سيفعل بعد التخرج والوقوف أمام الطلبة على أرض الواقع؟ أليس لديه استعدادات للمستقبل؟ ألا يريد أن يكون معلم ناجح ويربي الأجيال؟ لما كل هذا الخوف والتوتر؟ ماذا سيفعل في المستقبل القريب؟ لماذا اختار هذا المجال من الأساس؟ وكيف نسمح أن نسلم هذا المعلم أبناءنا بهذه السهولة؟ إن كانت شخصية معلم المستقبل غير مكتملة وغير مناسبة للتدريس فكيف سينشئ لنا جيل واعي ذو شخصيات مرموقة؟
في النهاية، نحن نحتاج معلمين محترفين بالإلقاء والشرح والوقوف أمام الطلبة بكل ثقة لأن مهما كان الشخص يمتلك من معلومات ومعرفة فإنها لاتسمن ولا تغني من جوع إن كان المعلم يفتقر إلى أسس الوقوف أمام الطلبة ولا يملك الجرأة على الشرح؛ لذلك نتمنى من أعضاء هيئة التدريس التركيز على هذه النقطة والتشديد على الاحتراف بالشرح والإبداع بتنويع طرق التدريس وجعل الشرح شيء أساسي ومطلوب في كل المقررات الدراسية حتى يعتاد الطالب “معلم المستقبل” على هذا الأمر، ومع مرور الوقت يحترف ويصبح الشرح عملية سهلة بالنسبة له ولا يتوتر وتقوى شخصيته. المجتمع يجب أن يكون واعي بأهمية المعلم ودوره وتأثيره على التنمية. الكويت تحتاج معلمين محترفين يتميزون بمعايير المعلم الناجح حتى تنهض وتصل إلى القمة. ختاماً، نتمنى التغيير من سياسة القبول في كلية التربية وعدم تسهيل القبول؛ لأن أصبحت توجهات الكثير من الأشخاص للتربية من أجل الراتب الجيد والإجازة الصيفية. عفواً، نحن نحتاج أجيال واعية، مفكرة، مبدعة، تحب العلم، مواكبون للتطور وشخصيات قوية غير مهزوزة؛ كل هذه الأمور تأتي من انعكاس دور المعلم على المجتمع والأجيال. فالمعلم له تأثير قوي على الطلبة؛ ومن أبرز الشخصيات التي تأثرت بالمعلم: أوبرا وينفري والرئيس السابق بيل كلينتون، والعديد من الشخصيات المشهورة التي تثبت لنا مدى أهمية المعلم وتأثيره في حياتهم. لذا علينا حسن اختيار معلمي المستقبل وعدم السماح لهذه الشريحة أن تستلم أبناءنا حتى لايتدهور ويزداد الوضع سوءاً.