كتاب أكاديميا

رائد المفكرة التعليمية .. جاسم ملك نسيج تعليمي أسطوري | بقلم أ.د. بدر محمد ملك

كتبت الشيخة حصة سالم الصباح عن د. جاسم ملك أنه “قائد التحفيز نحو تطوير التعليم”

في هذه المقالة نبذة قصيرة عن حياة معلم خدم الميدان التربوي، وميدان الرياضة والشباب والعمل التطوعي لعدة عقود. ويتضمن المقال شذرات من ثناء المربين والباحثين على تلك الشخصية الشامخة. 

حديثنا عن المربي القدوة والمدرب والمحاضر التربوي د. جاسم ملك رحمه الله صاحب مفكرة صنّاع النّجاح، ومفكرة الأسرة كما قدم إصدارات متميزة تتضمن مسابقات تثقيفية عن السيرة النبوية، والآل والأصحاب بالتنسيق مع إدارة الإعلام الديني بوزارة الأوقاف كما أصدر رزنامة أسماء الله الحسنى. ومن روائع الراحل سلسلة قافلة التجار وهي مقابلات مصورة مع كبار التجار في الكويت “مدرسة التجارة من جيل الكبار إلى جيل الشباب” هدفها تدريب الطلاب عمليا على قيم التجارة حيث سافر المشاركون للصين وتايلند وكانت رحلة تربوية وتجارية موفقة. كل ذلك كان تحت شعار “في رحلتنا يتعلم ابنك التجارة”.

 ​وتميز الراحل بتقديم دورات متخصصة للمعلمين من أشهرها دورة المعلم الأسطورة، وقوة التغيير، والتخطيط الاستراتيجي في التعليم، ومنهجية النظام المدرسي، والتميز الوظيفي المؤثر، ودورات الذكاءات المتعددة للطلبة. أصر د. جاسم رحمه الله على تسمية دورته التي حضرها خلال السنوات الماضية الآلاف من المعلمين والمعلمات في الكويت وبعض دول الخليج العربي دورة “المعلم الأسطورة”، وسعى لجعل التعليم ممتعا ومؤثرا وحدثا عظيما فمن اشتغل بالتعليم وتشرف به صار عظيما إن كان صاحب رسالة. طبع جاسم ملك من مفكرة صنّاع النّجاح للطلبة ١٠٠ ألف نسخة، وانتفع منها عمليا بفضل الله جم غفير من الطلبة والمعلمين وأساتذة الجامعات وكانت مفكرته الرصينة من طلائع الأعمال التي ألهمت الآخرين في هذا الصدد. وأفردت مجلة المعرفة السعودية (الصادرة من وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية) بضعصفحات (ست صفحات) في عدد من أعدادها للتعريف بمفكرة صناع النجاح وبيان خصائصها وتفوقها على المفكرات المنتشرة في المكتبات التجارية (مجلة المعرفة، العدد 126 رمضان 1426هـ، أكتوبر 2005م). كتبت مجلة المعرفة أن مفكرة صنّاع النّجاح لجاسم ملك تساعد “الطلاب والطالبات في المرحلتين المتوسطة والثانوية على اكتشاف قدراتهم ومواهبهم، وإعانتهم على تنظيم أفكارهم وتدوينها على نحو دقيق لتحقيق الأهداف والوصول إلى النجاح” (ص 92). 

وفي يوم الجمعة الموافق ١٩ سبتمبر ٢٠٢٥ كتب جمعية المعلمين الكويتية عن الراحل مشيدة بدوره في إثراء الميدان التربوي، ومما جاء في الرثاء ما يلي…”ببالغ الحزن والأسى، والتسليم بقضاء الله تعالى وقدره ينعى رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية المعلمين الكويتية الفقيد الراحل المغفور له بإذن الله تعالى د. جاسم محمد أحمد ملك المربي والباحث والمدرب والمحاضر التربوي الذي وافاه الأجل عن عمر ناهز 62 عاماً إثر صراع مع المرض العضال وللفقيد الراحل مشوار مهني تربوي بدأه معلماً للتربية البدنية. كان عضواً في العديد من اللجان والمجالس التعليمية والتربوية، وله العديد من الدراسات. ويقدم رئيس الجمعية وأعضاء مجلس الإدارة وباسم الأعضاء والمعلمين والمعلمات أخلص التعازي القلبية وصادق المواساة إلى عائلته وأسرته الكريمة.”

ولقد جاد قلم أ.د. علي اليعقوب وكيل وزارة التربية السابق بمقال عن الراحل، ونشره في جريدة أكاديميا الغراء بعنوان “رحيل الدكتور جاسم محمد ملك… فارس العلم والخلق”، وقد جاء فيه “كان د. جاسم مثالاً للثبات والإصرار، لا يعرف اليأس، ولا يرى للمستحيل مكانًا في قاموسه، بدأ رحلته التعليمية بتفوق، حيث تخرج في كلية التربية الأساسية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، ثم واصل مسيرته حتى حصل على الماجستير في التحفيز التربوي، ثم الدكتوراه في فلسفة التربية … وفي المجال المهني، لم يكن جاسم مجرد أكاديمي، بل كان قائدًا ومبادِرًا؛ تولى إدارة عدد من المؤسسات التربوية والاستشارية، وأسهم في تأسيس وتطوير مشاريع تعليمية رائدة، بدءًا من عالم المواهب للاستشارات التربوية، مرورًا بـ أجيال التعليمية، ووصولاً إلى إدارته لـ شركة كنوز ورموز” وشركات تعليمية أخرى.

وفي هذا السياق كتب الأستاذ القدير فيصل المحمد “وأسأل الله أن يكون كتب له [لجاسم] الشهادة بهذا المرض. سوف يظل د. جاسم المعلم الأسطورة في قلوب كل من يحبه. أما بالنسبة لي فهو القدوة والمثال الذي أقتدي فيه، وأتعلم منه، وأسمع وأنشر محاضراته، وأسأل الله أن يجمعني فيه في جنان ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر”.

وفي ميدان الوفاء للمربين أيضا كتب الأستاذ الفاضل مطلق المطيري “رحل المعلم الفاضل جاسم ملك والذي زاملناه في منطقة العاصمة التعليمية حيث ترك بصمة لا تنسى في قلوب طلبته وزملائه. غيّر مفهوم المدرسة من جدران صامتة إلى بيئة نابضة بالحياة، وجعل التعليم رحلة مشوّقة لا واجبًا ثقيلًا”. وبقلم يفيض بالوفاء دونت الأستاذة طيبة جاسم الشراح خواطرها بعنوان معين التربية وروح العطاء ومما جاء في مقالها…”مع بزوغ كل صباح من صباحات العام الدراسي، كنت أنتظر رسالة تملأ القلب نوراً، وتسكب على الروح سكينة وعزماً. رسالة من رجل لم يكن مجرد عابر في ساحة التعليم، بل كان نبضاً يفيض بالحكمة، ويتساقط على القلوب كرذاذ الأمل، ويذكرنا ــ كل مرة ــ بمقام المعلم وسمو رسالته وخلود أثره. كنت أقرأ كلماته فأشعر أني أرتشف من معين صاف لا ينضب، وأغتسل من نهر رقراق يروي العقل والوجدان. وما كنت وحدي في ذلك، فقد نهل من هذا الفيض كل من عرفه. ولا أبالغ إن قلت: إن بصمته قد لامست كل معلم، وأثرت في كل مربٍ، حتى غدا أثره ممتداً لا تحده حدود الزمان والمكان. ذلكم هو الدكتور جاسم ملك، الذي لم يكن بالنسبة لي مجرد معلم أو قدوة مهنية، بل كان أباً روحياً بحق، بل في مقام الوالد الذي يفيض على بنييه …ويزرع في نفوسهم عزيمة وأملاً”. 

وفي شريط صوتي وصف الداعية الشيخ أحمد الدبوس د جاسم بأنه صاحب السيرة الطيبة والعلم الغانم… مجتهد في نشر الدعوة والتربية وحقيقة التوجيه والتذكير وهذه سمة أهل الإيمان. ومسك الختام في مقتطفاتي عن الراحل كلام الأستاذة والمدربة القديرة آلاء العصفور التي تحدثت عن جاسم ملك ووصفته بأنه مكتشف الطاقات والمواهب وحريص على صقلها بالتدريب والتوجيه. 

رحل د. جاسم محمد ملك وإرثه التربوي يشهد بفضله، وله في قلب محبيه وطلابه مكانة طيبة إذ قدم للميدان التربوي مرئيات وممارسات نأمل أن تحقق غاياتها وأن تكون مساعيه في ميزان حسناته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock