فلسطين المضطهدة.. وازدواجية القرارات الأممية و«الأولمبية الدولية و«الفيفا».. بقلم :أ.د. عبدالله الغصاب
فلسطين المضطهدة.. وازدواجية القرارات الأممية و«الأولمبية الدولية و«الفيفا»
بقلم أ.د. عبدالله الغصاب
مساعد العميد للشؤون الأكاديمية بكلية التربية الأساسية
منذ بضعة أيام نشر العميد الأسبق لجامعة اليرموك أ. د. فايز ابوعريضة مقالا في جريدة استادكم الأردنية تحت عنوان «أين أنت يا إنفانتينو مما يجري في غزة؟!»، تناول فيه الصمت الكروي الرهيب للمجتمع الدولي ممثلاً بأكبر مؤسسة رياضية عالمية لكرة القدم «الفيفا» تجاه الأحداث الدموية ومجازر القتل والدمار الشامل في غزة.
ولقد آثار حفيظتي هذا المقال واخرجني عن صمتي لما يحدث لأشقائنا الفلسطينيين بغزة الذين يقتلون يوماً بعد يوم أمام شاشات التلفاز، وسط صمت رهيب من المجتمع الدولي وازدواجية المواقف والقرارات من المنظمات والمؤسسات الدولية الأممية والرياضية ممثلة في «اللجنة الأولمبية الدولية» والاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، ونحن نتحدث اليوم عن بعض تلك المواقف وازدواجية القرارات لدى تلك المؤسسات الدولية التي من المفترض أنها تطبق العدالة والمساواة في جميع مواقفها وقراراتها إلا أن هذا لم يحدث تجاه قضايانا العربية العادلة – هذه القرارات التي نشرت في العديد من المواقع والصحف العالمية – ولربما تتحرك القلوب المتحجرة للقادة الرياضيين، وللتعرف كيف يتعامل المجتمع الدولي مع قضايانا العربية؟!
ففي عام 1936 ربطت العديد من الحركات والجماعات السياسية الليبرالية واليسارية، التي أدانت الديكتاتورية الفاشية التي أقامها هتلر، معارضتهم لإقامة دورة الألعاب الأولمبية في برلين، وذلك بالتزامن مع المقاطعة الاقتصادية الشاملة لألمانيا، التي نادت بها الدول العظمى للتنديد بجرائم هتلر ضد اليهود، وقد تزعم حينها رئيس اتحاد الرياضيين الهواة القاضي جيريمايا ماهوني، الدعوة إلى مقاطعة أولمبياد 1936. ويعد ماهوني واحدًا من عدد من الزعماء الكاثوليك المؤيدين للمقاطعة.
كما عارض كل من حاكم نيويورك أل سميث، وحاكم ماساتشوستس وجيمس كيرلي، إرسال فريق إلى برلين. فيما أوصت الجريدة الكاثوليكية كومنويل، قبل انطلاق أولمبياد برلين بمقاطعة دورة الألعاب التي يمكن أن «تعطي صفة الشرعية على جرائم هلتر النازية، إلى أنه ومع الضغوط الدولية المستمرة تم طرد المساعد السابق لوزير البحرية إيرنست لي جانك، المتحدر من أصول ألمانية بروتستانتية، من اللجنة الأولمبية الدولية في يوليو من عام 1936، بعد اتخاذه لموقف علني شديد المعارضة لدورة برلين للألعاب الأولمبية، وقد اختارت اللجنة أفري بروندج ليشغل مقعد جانك في إشارة بالغة الدلالة، ويعتبر جانك العضو الوحيد في اللجنة الذي تم طرده على امتداد تاريخها الذي امتد لمدة 100 عام.
ومع نشوب الحرب الروسية – الأوكروانية في فبراير عام 2022 تحالفت دول أوروبية عدة من أجل استبعاد روسيا من تصفيات بطولة كأس العالم لكرة القدم، حيث طالب الاتحاد الفرنسي لكرة القدم بطرد روسيا من تصفيات نهائيات كأس العالم التي نظمتها في قطر 2023، معتبرا أنه «لا يمكن لعالم الرياضة أن يبقى محايدا» عما يجري في أوكرانيا. وأعلن الاتحاد الفرنسي دعمه لرفض بولندا والسويد وتشيكيا مواجهة المنتخب الروسي في الملحق الأوروبي المؤدي لهذه التظاهرة الكروية العالمية، إلى ان اتخاذ الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» قراراً ضد روسيا بصفة رسمية من منعها المشاركة في كأس العالم 2022 ومن جميع المسابقات الكروية الدولية والذي جاء على خلفية العمليات العسكرية التي نفذتها روسيا بأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الأراضي الأوكرانية، فيما قررت اللجنة الأولمبية الدولية تعليق عضوية اللجنة الأولمبية الروسية في أكتوبر 2023.
إلا أننا لو اتجهنا ونظرنا إلى ما يحدث فلسطين من أحداث ومجازر دموية وجرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني بقتل الآلاف وإصابة مئات الآلاف في غزة المحتلة المحاصرة بجميع أنواع الأسلحة والمعدات والطائرات والصواريخ الحربية جوا وبحرا وبرا على ومرأى ومسمع العالم كله وأمام شاشات التلفزيون، ومحاولات تهجير وتجويع، فسنجد ازدواجية القرارات الدولية والأممية والاولمبية الدولية، ضد الشعب الفلسطيني المناضل أمام الكيان الصهيوني الإرهابي.
بل إننا سنجد الأغرب من ذلك هو انسحاب الفرق الرياضية العربية من أمام الفرق الرياضية الإسرائيلية في البطولات الدولية احتجاجاً على ممارسات الكيان الصهيوني المحتل من دون أي تدخل دولي للتعبير عن رفضهم لهذه الجرائم والمجازر.
وهنا لا بد أن نقف لنتأمل المواقف الدولية والقرارات الأممية وتحيزها لآلية الحرب الإسرائيلية الصهيونية بشكل تام دون أي مراعاة لمشاعر العرب والمسلمين في أي مكان، ويجعلنا أن نطالب المجتمع الدولي باتخاذ المواقف والقرارات نفسها التي اتخذوها ضد النازية الألمانية وضد روسيا في حربها على أوكرانيا، وتصحيح مسار المجتمع الرياضي الدولي بإيقاف الرياضية الإسرائيلية في جميع البطولات والألعاب الرياضية، كما لا بد من اتخاذ موقف عربي إسلامي موحد تجاه هذه الازدواجية الحمقاء بتوحيد صفوف اللجان الأولمبية العربية لاتخاذ موقف صارم وحازم والإسراع بالمطالبة بإيقاف الرياضة الإسرائيلية، وذلك بمشاركة مع الدول الصديقة والحرة.
والنهاية لا يوجد أمامنا غير الإشادة بأبطالنا الرياضيين الكويتيين والعرب الذين أعربوا عن مواقفهم ورفضهم لهذا العدو الصهيوني في المحافل الدولية بالانسحاب من أمامهم بقرار منفرد منهم وصائب ومن دون النظر لأي امتيازات أو اغراءات أو مكاسب وطعم الفوز للعب أمام هذا العدو الصهيوني.
وأخيراً نحن نفتخر دائماً وابداً بمواقف الكويت الحاضرة والداعمة للقضية الفلسطينية في جميع المحافل الدولية، بشتى أوجه الدعم المادي والمعنوي اللامحدود، واليوم نذكر القياديين والمسؤولين بالمؤسسات الرياضية الدولية بأنهم سيحاسبون عن هذا الصمت يوم الحساب.
اللهم احفظ الكويت وأميرها وأهلها وناسها من كل مكروه