كتاب أكاديميا

الارادة الوطنية هى جسر العبور | بقلم: الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

 
 

كانت الكويت الدولة الخليجية الثانية بعد الإمارات العربية المتحدة فى تبنى الرؤية الإقتصادية للإقتصاد غير النفطى أو بمعنى أدق وأكثر وضوحا إقتصاد مرحلة ما بعد النفط وذلك وفق الخطة الإقتصادية المعروفة برؤية 2035 .

ولا شك أن الإمارات لها السبق والريادة حتى الآن فى تحويل إقتصادها لإقتصاد غير نفطى وتسير بخطى ثابتة فى هذا المسار وهى التجربة التى حاذت على إعجاب كافة دول العالم وأصبحت قدوة لغيرها ومركزا عالميا لجذب الإستثمار وخاصة السياحى والعقارى ولعل أهم مكاسب هذه التجربة العظيمة هى خلق كوادر وطنية فى كافة المجالات تشكل مع الوافدين نموذجاً رائعاً فى العمل والتفانى .

لذلك عندما نتحدث هنا فى الكويت عن رؤية مستقبلية لإقتصاد غير نفطى يجب أن نضع الخطط الحقيقية الواقعية المستلهمة من تجارب الآخرين والتى أهمها أن يكون الشعب الكويتى بكافة أطيافه هو نواة أى تنمية وتطوير ، ولن يتحقق أى شئ إلا بمشاركة فعالة من أبناء هذا الوطن وخاصة شبابه من خلال فتح المجال لأفكارهم وإبداعاتهم وإشراكهم فى هذه الخطة المصيرية للإقتصاد الوطنى .

والحقيقة أن ما تم إنجازه من هذه الرؤية حتى الآن بعد سبع سنوات من طرحها هو عمل عظيم فيما يخص البنية التحتية من شبكة طرق وجسور وتوسعة الطاقة الاستيعابية لمطار الكويت ومشاريع الطاقة والتى سيتم طرح أسهم إحداها للإكتتاب العام كشراكة بين القطاعين العام والخاص فى الربع الأول من 2018 بنسبة 50 % لكل قطاع وهو مشروع شركة الزور الشمالية للطاقة (توليد كهرباء / تحلية المياه ) وهى خطوة جيدة من الحكومة لإشراك الشعب الكويتى فى خطط التنمية والإستفادة من الناتج والربح من خلال شراء أسهم فى الشركة .

كل ما سبق جيد ومقبول ومفيد مستقبلاً ، ولكن هذا كله لن يجعلنا نتخطى مرحلة الإقتصاد النفطى لأن ما يتم الآن هو تمويل مشاريع وتحالف شركات فى القطاع الخاص ، وأننا إذا أردنا حقاً أن نجعل الكويت مركزاً مالياً وإقتصادياً يجب أن نهتم بتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة وتوعية الشعب الكويتى بأهميتها ليكونوا بحق مشاركين بجدية فى هذه الخطة بدلا من إنتظار الوظائف الحكومية الخدمية الغير إنتاجية .

يجب أن تتغير هذه الثقافة الخدمية إلى ثقافة إنتاجية ولنأخذ عبرة من الإقتصادات الناشئة لدول كالصين والهند والبرازيل ، مشاريع الجذب السياحى والتى ستجلب معاها الإستثمار العقارى ، كذلك البحث العلمى والإستثمار فى التعليم من خلال مدينة للبحث العلمى والإهتمام بعلوم البرمجة والتى غزت العالم تقريبا .

خلاصة الكلام أن أساس هذه الرؤية هى تحويل المواطن الكويتى إلى مواطن منتج مشارك واقعياً لا موظف حكومى مستهلك ، هذه الرؤية المستقبلية للإقتصاد غير النفطى هى الإختبار الحقيقى لمعنى الإنتماء و الإرادة الوطنية وهو أن يتشارك المواطن مع الوافد فى تحقيق قيمة إيجابية من إنتاج حقيقى يكون مردوده عظيم على شخصية وثقافة المواطن الكويتى أولاً قبل كل شئ ،وما دون ذلك هو أمر يسير تحقيقه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock