“بصري” أم “سمعي”؟ هل تعرف أسلوب التعلّم المناسب لك؟
قد تلاحظ أنك “متعلّم بصري” تتذكر أغلب المعلومات من خلال الصورة، أو تصنّف نفسك على أنك “متعلّم سمعي” تكاد تسمع صوتا من داخلك يذكرك بالمعلومة كما ذُكرت أمامك أول مرة.
هل سبق أن حددت أسلوب التعلّم الأنسب لك؟ هل تطبق ذات الطريقة في مختلف المواد؟ وهل ينصح الخبراء باعتماد أسلوب واحد مدى الحياة؟
متعلّم بصري أم سمعي؟
في سبعينيات القرن الماضي، توصل العلماء إلى أن لكل فرد أسلوبه الخاص في التعلم واستثمار أنماط نشاط الدماغ والاستفادة منها في إحراز النتائج.
وهو مفهوم شائع في علم النفس والتعليم يُعرف بنموذج “فارك” (VARK)، ويشير كل حرف من حروفه إلى 4 أنواع رئيسية من المتعلمين؛ المتعلمون البصريون، والسمعيون، ومستخدمو القراءة/الكتابة، والحركيون.
ويؤكد العلماء على عدم وجود أسلوب تعليمي أفضل من الآخر؛ إذ يستوعب المتعلم البصري المعلومات بشكل أفضل من خلال المخططات والصور، أو تمييزها بأقلام ملونة واستخدام البطاقات التعليمية التي تجذب انتباهه، بينما يعالج المتعلم السمعي المعلومات من خلال الاستماع أو القراءة بصوت عالٍ أو تكرار العبارات.
أما المتعلم الحركي، فتكون أفضل الطرق لديه هي تلك التي تكون الحركة فيها جزءا من التجربة، مثل التمثيل أو التجارب والأنشطة العملية، ويفضل مستخدمو القراءة والكتابة إعداد القوائم، وتدوين الملاحظات والملخصات.
ويؤكد المؤمنون بنموذج “فارك” على اختلاف القدرات في التعلم، مشيرين إلى أن مواجهة صعوبة في تعلم مادة ما لا يعود لمستوى الذكاء أو القدرات، بل إلى أسلوب التعلّم المعتمد. وبالتالي في حال واجهنا صعوبة ما، وجب علينا البحث عن أسلوب أمثل للتعلم وملاحظة كيف ستبدو الدراسة أسهل وكيف يمكنك تحقيق استفادة أكبر بدلا من الاستسلام إلى الفشل.
وغالبا ما يتمكن الإنسان من دمج أكثر من أسلوب واحد؛ فالتصنيف ليس فاصلا وصارما، بل يمكن الاستفادة من أساليب مختلفة.
لا تهمل الأساليب الأخرى!
في المقابل، يرى بعض الباحثين أن الدراسات التي أجريت على فعالية أساليب التعليم المختلفة لم تستخدم مقاييس يمكن من خلالها التأكيد على تأثير استخدام الأسلوب المناسب لكل فرد، وبالتالي فليس لدينا أدلة تدعم تحقيق التعلم وفق الأساليب لنتائج أفضل.
على سبيل المثال، قد يلجأ طالب ما إلى أسلوب تعلم معين في إحدى المواد، بينما يفضل أسلوبا آخر في مادة أخرى ويحرز من خلاله نتائج أفضل. من هنا يحذر المتخصصون من المبالغة في تبسيط الطبيعة المعقدة لعملية التعلم وحصرها في أسلوب واحد لدى كل فرد.
كما تشدد دراسات أخرى على ضرورة أخذ طريقة عمل الحواس بعين الاعتبار؛ فهي لا تعمل بشكل منفصل، بل لا بد من الاستفادة من تكاملها، فاكتساب مهارة ما يحتاج لكل الحواس في الغالب.
العزف على الغيتار مثلا، يمزج في الحقيقة عمل عدد من الحواس، فحين تلتقط الغيتار وتبدأ العزف تحتاج للأسلوب الحركي، والأسلوب السمعي في إعادة ما اختزنته ذاكرتك للعزف، والأسلوب البصري لتصور موضع الأصابع على الأوتار وهكذا.
وعند مواجهة صعوبات في التعلم باتباع أحد الأساليب الأربعة، ينصح المختصون بعدم التخلي عن الأسلوب نهائيا والبحث عن بديل أسهل. بل يرون ضرورة العمل على حل المشكلة من خلال التقييم والمتابعة للوقوف على نقاط القوة وتدريب الحواس بدون الخضوع لتصنيفات وقوالب نمطية.
أخيراً يؤكد الخبراء أن تفضيلات الإنسان لأسلوب تعلم معيّن قد يتغير بمرور الوقت، تبعا لتعدد الخبرات المهنية والحياتية.