أخبار منوعة

نظام “steam” لتعليم الأطفال.. اجعل من ابنك عبقرياً

 

   

كان عالم الرياضيات سيمورود بابيرت، وهو أحد مبدعي لغة البرمجة “Logo”، يتحدث في ستينيات القرن الماضي عن مستقبل يستخدم فيه الأطفال أجهزة الكمبيوتر كأدوات للتعلم، وبدا الأمر شيئا من الخيال العلمي أن يُستبدل الكمبيوتر بالورق والقلم الرصاص، لكن ما ضحك منه الناس حينها أصبح واقعا بعد أكثر من نصف قرن. واليوم، وفقا للتقارير التي نشرها المنتدى الاقتصادي العالمي، يُتوقع أن 65٪ من الأطفال الذين يلتحقون بالمدارس الابتدائية سيعملون في وظائف ليست موجودة بعد، وسيحتاجون بالتالي إلى مهارات جديدة لكي يكون لهم مكان في النظام الجديد، فكيف سيكون مستقبل أطفال اليوم؟ وكيف يرى العلماء إعدادهم له؟

 (1)عقول لامعة تضع نظام “STEAM”

كان بابيرت يرى أن هناك دورا رئيسيا للألعاب التي تستخدم التروس في تطوير التفكير لدى الأطفال. وقد وضع النظرية البنائية التي تؤكد أن البناء أو الإبداعات الافتراضية تساعد الأطفال في التعلم العميق وتزوّدهم بالأدوات اللازمة لحل المشكلات، وكان بين عقول لامعة أخرى وضعوا الأساس لاتجاه تعليمي قائم على الدمج بين مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتي تُعرف باسم “STEM”، اختصار للحروف الأولى في هذه المجالات (Science, Technology, Engineering, Maths)، وأُضيف إليها الفن (ART) لتصبح “STEAM”، وهو اتجاه يرى المتخصصون أهميته وفعاليته في تعليم صغار اليوم وإعدادهم للمستقبل.

 

يعرّف نظام “STEAM” بأنه البرامج التي يتم من خلالها تعزيز العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات في المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، وقد تأسس على النظرية البنائية التي ترتكز على أن التعلّم عملية بنّاءة ومنفتحة، وأن التفاعل الاجتماعي أمر أساسي للتنمية المعرفية.

(2) وعليه فإن المناهج والنشاطات التدريسية المبنية على نظام “STEAM” تُصمّم بطريقة علمية مبتكرة لتساعد الطفل في فهم وإدراك مفاتيح العلوم المختلفة بطريقة مبسطة وبأسلوب تفاعلي منفتح على البيئة يدعم الطفل بمهارات يمتد أثرها في حياته اليومية. إن الهدف الأساسي من هذا النظام هو الجمع بين عقل العالِم وإبداع الفنان، و تعزيز الابتكار الحقيقي وتطوير مهارات التفكير النقدي، والاستفادة من هذه المقاربة الشاملة بين العلوم لكي ينشط فصا المخ لدى الأطفال خلال عملية التعلم.

(3)تشجيع تعلّم الرياضيات والعلوم

يعتبر “STEAM” نهجا تكامليا متعدد التخصصات يهدف في النهاية إلى تحسين مخرجات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، ويتدارك الخطر المتمثل في تقديم العلوم على أنها خبرات صعبة تفتقد للتشويق والمتعة والرغبة في البحث فتنفّر الطلاب، إنه يواجه انخفاض نسبة الدارسين للعلوم و”السمعة السيئة” للرياضيات بين العديد من الطلاب، ويعتمد على التحليل والانغماس في البحث والاكتشاف والتساؤل وليس التحصيل فقط.

  

كان نظام التعليم الأميركي قد تعرّض لانتقادات واسعة حين أطلقت روسيا أول قمر صناعي عام 1957، إذ ظهرت عدة تقارير تنذر بعزوف الطلاب عن دراسة العلوم والتكنولوجيا، وتعاقبت بعدها المشروعات التعليمية التي تدمج العلوم المختلفة وتسعى لتطوير مهارات المعلم فيما يتعلق بالترابط المعرفي بين العلوم، واتباع منهج متكامل للتعليم يقدم المحتوى في وحدة دراسية ديناميكية متكاملة.(4) يمكن للدمج بين دراسة هذه المجالات أن يحقق فهما أكثر ثراء وأبعد مدى من التعلم بالطريقة التقليدية، إذ يُمكّن الأطفال من بناء روابط بين مفاهيم من التخصصات المختلفة وتطوير المهارات اللازمة للجمع بين الأفكار في تخصصين أو أكثر واستخدامها في حل المشكلات وبناء المعرفة من وجهات نظر مختلفة، والقدرة على الابتكار.

 

(5)إن أكثر ما يميز العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بشكل عام أنها تعتمد على الممارسة والاستكشاف والخبرة التي تتكوّن من خلال التجربة والخطأ، وهو ما يسمح بإنشاء الطلاب لروابط بين الموضوعات المختلفة، ويثير لديهم التساؤلات والسعي لاستكشاف إجاباتها، الأمر الذي لا يحدث حين يكون التعلم سلبيا، وهكذا فإن إحدى الطرق الأكثر فعالية هي استخدام أمثلة من الحياة الواقعية ليكتسب الأطفال قدرة على فهم تطبيقاتها. مع بدء تطبيق تعليم “STEAM” وملاحظة فعاليته، اكتسب قوة كبيرة باعتباره نموذجا تعليميا انتقل إلى التعليم المدرسي الرسمي وغير الرسمي، وتم إثراؤه عبر السنوات.

  

الإبداع لا يقتصر على مساحات بعينها

يعتبر عنصر التصميم أساسيا في اتجاه “STEAM”، ويجري التفكير في كيفية دمج هذا العنصر الإبداعي مع العلوم والتكنولوجيا، إن مفتاح تعليم “STEAM” هو إتاحة مساحات إبداعية للطفل، ليست بالضرورة تكنولوجيا رقمية، إذ يمكن استخدام أدوات بسيطة مثل المطارق أو المسامير، فالفكرة تكمن في تعلّم القيام بالتجربة ووضع الأطفال في مكان الفاعلين. يقول ميلينا فرمان إن “STEAM”هو أفق للتقدم، يقوم على مشروعات متكاملة بين مجالات العلم والتكنولوجيا والرياضيات تُبنى فكرتها على وجود قواسم أساسية مشتركة للتفكير هي التفكير المنطقي وحل المشكلات والعمل مع الآخرين.

   

   

يمكن أن يكون “STEAM” حلا لمشكلات تعليم العلوم إذن، ووسيلة لتطوير الكفاءات وتشجيع دراسة المهن العلمية والتكنولوجية. لكنّ تطبيقه في المؤسسات التعليمية يتطلّب دعما من المؤسسات الدولية، وأدوات تكنولوجية، وتدريبا للمعلمين، وبالتالي فإن تطبيقه في النظم التعليمية سيستغرق بعض الوقت. 

  

لا يزال تعليم “STEAM” في بداياته في الدول العربية، ويقتصر في مصر على عدد محدود من مدارس المتفوقين، وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، هناك عجز في أعداد المتخصصين في هذا المجال، وبشكل عام هناك دعوات لمشاركة الأُسر في التعليم لما تلعبه من دور حاسم في النجاح الأكاديمي للطفل، بصرف النظر عن دخل الأسرة أو خلفيتها الاجتماعية والاقتصادية. إذ تتأثر كثير من قرارات الطفل التعليمية والمهنية لاحقا بالوالدين، وبالتالي يكون لمشاركة الأسرة دور مهم في تعزيز تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة، ومساعدة الطفل في اكتشاف إمكاناته.

 

أفكار لأنشطة في المنزل

إن بعض المساعدة والتشجيع قد تساعد طفلك في اكتساب مهارات ضرورية وقد تكون طريقه إلى بعض الوظائف الأكثر طلبا في المستقبل، ولا يتطلّب الأمر أن تكون عالما أو معلما ليمكنك تشجيع الاهتمام بهذه المجالات لدى طفلك، ويؤكد المتخصصون ضرورة أن تشجع السؤال وتحتضن الفضول داخله، فتشجّعه وتتناقش معه في موضوعات مثل حماية البيئة وعلاج الأمراض والطاقة النظيفة، الأكثر أهمية من الإجابة هو إثارة السؤال، وحين لا يكون لديك إجابة يمكنك البحث معه عنها وإكسابه مهارة إضافية هي البحث، في هذا النظام يتعلم الأطفال طرح الاسئلة والعمل في جماعة والتفكير الإبداعي وحل المشكلات، ويمكن تشجيعهم في سن مبكرة ببعض الأنشطة البسيطة في المنزل، ومنها:

   

في المطبخ دع طفلك يشم ويتذوق المكونات المختلفة (الآمنة منها) ويخبرك عن الفرق بينها ويجرب لمسها ويراقب كيف تتغير بتسخينها، وعلّمه الفروق بين الخفيف والثقيل والحار والبارد.

في الحمام يمكن تجربة متابعة فقاعات الهواء وتجربة أجسام مختلفة كيف يطفو بعضها ويغوص الآخر.

في المطر دع طفلك يراقب كيف تتصرف الحيوانات المختلفة، وكيف يبدو شكل السماء وتتشكّل السحب، وادعه لاستنشاق الرائحة واسأله عنها، ودعه يراقب كيف يُحدث المطر أصواتا مختلفة حين يسقط على أسطح البنايات أو السيارات مثلا.

    

 هناك عدة أنشطة قد نستخدمها مع الأطفال من عمر مبكر تستخدم اتجاه “STEAM”، مثل أعمال التركيب ومزج الألوان للحصول على درجات مختلفة.

في الحديقة مثلا يمكن استخدام أدوات المطبخ القديمة مع الطفل ليحفر في الطين والرمل ويرى كيف يجف الماء حين يرشه على الأرض، ثم جرب معه استخدام البذور في الزراعة ومراقبة نموها في الأسبوع الأول وكيف تنمو البراعم، ويمكن تجربة زراعة أكثر من بذرة في ظروف مختلفة (الظل والشمس) ليرى الفرق بينهما.

الطبيعة مصدر ثري للتعليم، فهي مليئة بكل ما يثير فضول الطفل ويمنحنا الفرصة لتعليمه، مراقبة الحشرات والطيور والحيوانات، وتأمل كيف يحرك الهواء الأوراق والفروع، وكيف يغير ضوء الشمس شكلها، ووصف وعدّ السحب التي يرونها، وعدّ البذور في الزهور.

   

في عمر أكبر قليلا يمكن تنفيذ أنشطة أخرى مثل متاهة الكرات: وهي عبارة عن متاهة يتم تصميمها بطريقة بسيطة، من خلال صندوق وبعض المصاصات، وهو يحفز مهارات البناء والتصميم وحل المشكلات.

الأضواء: وهو نشاط يقوم على العمل الفني المشترك بين الآباء والأطفال، باستخدام مصباح “LED 3V” وبطارية لإنارة علب الزبادي أو زجاجات الصودا أو حتى أشكال الأوريغامي المصنوعة من الورق لعمل مصباح.

هناك لغات برمجة تستهدف الأطفال مثل سكراتش، ويمكن تعليم الطفل من خلال المواقع المختلفة لغات البرمجة تدريجيا وفقا لعمره. 

    

هناك عدة أنشطة قد نستخدمها مع الأطفال من عمر مبكر تستخدم اتجاه “STEAM”، مثل أعمال التركيب ومزج الألوان للحصول على درجات مختلفة، واستخدام كل المواد التي من شأنها أن تدعم الاستكشاف وحل المشكلات، منذ عامه الأول حين يختبر الطفل سقوط ألعابه على الأرض يبدأ تعرضه لمفهوم الجاذبية، وتتولّد شرارة الاهتمام الأولى، ويكون دورنا مواصلة عرض المواد وتعريضهم للتجربة بأشكال مختلفة، والسماح لهم بمتابعة ما يُثير فضولهم، وتحقيق التوازن بين ترك الحرية للطفل ليبحث ويستكشف ويحل المشكلات بنفسه، وبين التدخل لمساعدته ودعم تجربته والإضافة إليها. 

المصدر:

مواقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock