الاختبار الوطني والثور الأبيض!.. بقلم :د.فلاح الهاجري
قد وعدتكم في مقالٍ سابق بأن أحكي لكم عن مقولة: «أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض»، وهي أنّه كانت هناك ثلاثة ثيران: أبيض وأسود وأحمر في أجَمَةٍ – أي أرض غير مزروعة تتكاثف فيها الأشجار – ومعها في الأجَمَة أسدٌ، وكان يحاول الفتك بها، ولم يجد إلى ذلك سبيلاً، لاجتماعها عليه، فقال الأسد للثورين الأسود والأحمر: إنَّنا في أجَمَةٍ جميلة فسيحةٍ، وإنّ لوني على لونكما، وأمّا لون الثور الأبيض فمشهورٌ يدل علينا في أجمتنا، فلو تركتماني آكله لتصفو لنا الأجَمة، فقالا: دونك فَكُلْهُ، فأكله، ثم ما لبث أن قال الأسد للثور الأحمر، لوني على لونك يا أحمر، فدعني آكل الأسود لتصفو لنا الأجمة، فقال له: دونك فَكُلْهُ، فأكله الأسد، وما أن صفت الأجمة لهما حتى قال الثور الأحمر للأسد ما خططك وبرنامجك بعد أن صفت لنا هذه الأرض، فقال له الأسد: إنّي آكلك لا محالة، فأنت مخططي وبرنامجي، فقال الثور الأحمر: دعني أنادي ثلاثاً قبل أن تأكلني، فقال له الأسد: افعل ذلك، فقال: «ألا إنّي أكلت يوم أُكل الثور الأبيض».
الحقيقة هنا أنّي، وإن كنت قد شرحت لكم مثل الثور الأبيض هذا، إلا أنّ قلمي عصِيٌّ في هذا الإسقاط، وإنّي أجبره جبراً لخبرتي بمعطيات الأمور ومآلاتها، ما ذاك إلا لاعتجاني في غمرات الأيام، فها نحن في فترةٍ وجيزةٍ رأينا من التخبطات والتعسفات والشبهات الصارخة من جوف الفساد عبر كهف لهاة الباطل، مما يجعلنا نتنبأ بالمآل الناتج عن سوء الحال، وسنتصدى لهذا وذاك بالقلم السيال.
إنّ صمت أغلبية أعضاء مجلس الأمة عن لجنة اختيار مدير جامعة الكويت، وهي لجنة اختيار رأس الهرم التعليمي في دولة الكويت، لا بل أعلى صروحها التعليمية، جعل لعاب الأسد بعد أن أكل الثور الأبيض، عفواً لجنة الاختيار، يسيل على القضايا الأخرى، حتى وصلنا إلى قضية الاختبار الوطني، الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، فما أنتم فاعلون تجاه هذا الاختبار، الذي يعتبر بمنزلة الثور الأسود، فهل سيمر مرور الكرام؟!
إني كما قلت أراهن على عقول أهل الكويت في كشف هذا الاختبار، الذي لا يساوي بين أصحاب المراكز القانونية المتساوية، فكيف بغيرهم؟ فها نحن نجد اختبار اللغة الإنكليزية يختبره من يتخرج في الثانوية الحكومية، وفي المدارس ثنائية اللغة، فأين العدالة؟!
وها نحن نجد اختبار اللغة الإنكليزية يعادل الآيلتز والتوفل بلا شيء! فعلى الأقل الآيلتز والتوفل يحسبان للطالب في بلد الابتعاث، وهذا أحد أنواع التخبطات الكبرى!
وأما ما يتعلق باختبار الرياضيات، فهل تم عمل قياس المراحل التعليمية المختلفة لجميع أنواع العلوم، اللغة العربية، والإنكليزية، والفرنسية، والتخصصات العلمية كالرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والإحياء، وغيرها من المواد التي تدرّس في المراحل التعليمية المختلفة؟!
وهل تم عجن المواد التدريسية ومناهجها لمناسبة العصر الحديث؟ وهل تمت معرفة مدى فاعليتها؟ وهل ترُكت الطباشير التي أنتجت العلماء للمضي في التكنولوجيا، التي أزاحت آثارهم وقللت من مستوى الطلبة التعليمي؟!
وهل تمّت التسوية في السنوات التدريسية والعمر التدريسي بين المدارس الحكومية والخاصة؟ فها نحن نجد في بعض المدارس الخاصة أنهم يتخرجون قبل سنتين من تخرج المدارس الحكومية!
وها نحن نجد بعد ذلك كله مفاخرة وزير التعليم القانوني، وصاحب الإنجاز الوهمي، ومن معه من فريقه، بالثور الأسود، عفواً الاختبار الوطني المبني على الوهم!
إن الصواب وفق هذه التساؤلات والمعطيات: هو إلغاء الاختبار، وتقييم التعليم العام، ثم تقويمه، وبعد ذلك افعلوا ما بدا لكم، وإلا سُيؤكل الثور الأسود، ومن بعدها يستفرد الأسد بالثور الأحمر، حتى نصرخ قائلين: «أُكلنا يوم أكل الثور الأبيض»، عفواً: «أُكل التعليم يوم أُكلت لجنة اختيار مدير جامعة الكويت».
مسج: لا عزاء لأصحاب الرياضة البهلوانية والجمبازية السياسية.
د. فلاح محمد فهد الهاجري