الميريتوقراطية والمناصب القيادية بقلم:د.فلاح الهاجري
الميريتوقراطية، أو ما تسمى بالعربي «نظام الجدارة»، هي فكرة تتيح وصفاً لمن يجب أن يكون في قمّة المجتمع، لكن ليس إلى أي مدى يجب أن يكون المجتمع متفاوتاً، وهو بذاته يُعْرَفُ بأنّه نظام اجتماعي تعكس المكانةُ فيه الموهبةَ والجهدَ، وليس عبر مقولات موروثة أو هويّاتية من قبيل الطبقة أو الجنس أو العرق.
هذا النظام أخذ حيزاً كبيراً من أقلام الباحثين والمفكرين، لأن هذا النظام رأسيُّ التطبيق، حيث إنّه يمثل خريطة الوصول إلى القمة، فالتفاوت يكون بشكلٍ رأسيٍ، وبهذا فإنّه تتبادر إلى الذهن مسألة مدى وجود أنظمة للجدارة تُطبّق بشكلٍ أفقي، فيكون التقاطع هنا للبحث عن الجدارة الرأسية بمن يصلح للإدارة والجدارة الأفقية للعمل الجماعي المكون من كفاءات تؤدي الرؤية المطلوبة على أكمل وجه.
لا أحب أن أطيل في تفسير الميريتوقراطية، ومن أراد التوسّع، فلديه في الشبكة العنكبوتية مندوحة في ذلك. وأما الحديث عن المناصب القيادية في دولة الكويت، فيجب أن يكون لها نظامٌ يُبنى على اختيار الكفاءات في المجتمع، لا على العرق أو الطبقة، ولا عبر الانتماءات السياسية أو الحزبية أو الطائفية، بل يجب أن يكون معيار التفاضل المطلوب هو معيار الكفاءة والموهبة والجهد المبذول، إلى جانب الانتمائية الكويتية، حتى لو كان هذا الباذل من خارجها بحسب انعدام الكفاءة في شأنٍ معيِّنٍ.
الداعي إلى هذه المقالة هو الخوف من الإحباط، الذي من الممكن أن يصيب الكفاءات الكويتية أصحاب المواهب والجهود المشهود لها، بسبب رؤية جماعات الضغط المصلحية، التي تمارس نفوذها على الحكومة والتأثير في قراراتها، والتي تهدف إلى تسمية المرشحين ومساعدتهم لأن يكونوا أعضاء في الحكومة أو في المناصب القيادية في الدولة.
إنّ هذه الجماعات تتخذ أشكالاً متنوعة، منها: نقابات العمال، أو جمعيات رجال الأعمال، أو حتى التكتلات السياسية من مؤسسات المجتمع المدني، أو حتى بسقفها الأعلى المتمثل في مجلس الأمة، وجماعات الضغط هذه، التي تكونت من جموع كبيرة، يمكن أن تمارس النفوذ، لكونها قادرة على حشد كتل ضخمة من الأصوات مع أو ضد مرشحين معينين لمنصبٍ ما.
إنّني هنا أنظر إلى رئيس الحكومة، وإلى أفراد المجتمع الكويتي الكريم، للنظر في ترتيبات المناصب القيادية في دولة الكويت، وإلى أيّ مدى يمكن التأثير فيها من قبل تلك الجماعات الضاغطة على قلب الحكومة لتقليد مريديهم ومؤيديهم، ولنا في لجنة اختيار المدير عبرة مأساوية، بأنّ الذين يشكّلون لجنة اختيار مدير الجامعة يترشحون للمنصب ذاته من دون مراعاة لقانون تعارض المصالح، وغير ذلك من الشبهات التي ذكرناها مراراً وتكراراً.
رسالتي إلى رئيس الحكومة، هي النظر إلى الكفاءات وإشعال فتيل نظام الجدارة القائم على الكفاءة والوطنية.
وأما رسالتي إلى أفراد المجتمع الكويتي، فهي النظر في سلوك نواب مجلس الأمة: هل سيحذون هذا الحذو ويبرون بقسمهم باحترام الدستور، وبالأخص المادة 29، أم سيبحثون عن المفاضلات السياسية القائمة على الربح والخسارة في الجولات الانتخابية؟!