كتاب أكاديميا

“نحن مختلفون عنكم … ولكننا منكم”

 

IMG 3142

حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 139/62، يوم 2 أبريل بوصفه اليوم العالمي للتوعية باضطراب طيف التوحد. التوحد كما ذكره المتخصصون في هذا المجال هو قصو ر في المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي يظهر بوضوح في السنوات الثلاث الأولى من الحياة. تقدر الدراسات الحديثة بأن نسبة شيوع التوحد تقريبا حالة توحد في كل 50 مولود وهو في تزايد مستمر!!! وينقسم المصابون باضطراب طيف التوحد الى فئات تتدرج كألوان الطيف تبدأ من الحالات المزمنة الصعبة الى حالات ذو وظائف وقدرات عالية تصل احيانا الى مستوى الطفل الطبيعي مع القصور البسيط في بعض الوظائف الاجتماعية. وبما أن هذا اليوم مخصص للتوعية باضطراب طيف التوحد فأنني اريد أن اسلط الضوء على هذه الفئة وعن كيفية دمجهم في المجتمع خصوصا فيما يتعلق بالدمج التعليمي الشامل. ففي دول عديدة حول العالم يتم دمج أطفال التوحد القادرين على التعلم و الموهوبين مع الأطفال الطبيعيين في المدارس وتشرف عليهم نفس الهيئة التعليمية ضمن البرنامج المدرسي المدروس مع وجود بعض الدعم للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. هذا الدمج التعليمي الشامل ان تم بالصورة الصحيحة وبطريقة مدروسة فسوف يساهم في إعطاء الفرص للأطفال ذوي اضطراب التوحد القادرين على التعلم للاندماج في مختلف أنشطة وفعاليات المجتمع وتسهل مهمتهم في أن يصبحوا أعضاء فاعلين ويضمن لهم حق العمل باستقلالية وحرية التنقل والتمتع بكل ما هو متاح من خدمات مجتمعية. لكن ومع الأسف الشديد في ظل وجود قوانين تحمي حقوق مثل هذه الفئة وغيرها في دولة الكويت والتي تتمثل في المادة 10 من الفصل الثالث لقانون حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة (8/2010) والذي ينص على أن “تتخذ الحكومة جميع الترتيبات الادارية والتنظيمية الفعالة والمطلوبة لدمج الاشخاص ذوي الاعاقة وصعوبات التعلم في مراحل التعليم المختلفة ضمن مناهج تعليمية وتأهيلية متخصصة بما يتناسب مع قدراتهم الحسية والبدنية والعقلية ما يؤهلهم للاندماج في المجتمع والعمل والإنتاج”، إلا اننا لا نجد اي اهتمام في هذه الفئة فيما يتعلق بموضوع الدمج التعليمي الشامل؟!! نعم هناك محاولات متواضعة جدا ولكن دائما ما تنتهي بالفشل لسوء التطبيق وقلة الامكانيات وقصور الرؤيا!!! إن التأخر في عملية تطبيق الدمج الشامل للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد القادرين على التعلم يعيق تقدمهم ويقتل طموحهم ومواهبهم و يعود عليهم وعلى ذويهم بالسلب ويؤدي الى ضياع مستقبل هذه الفئة المظلومة خصوصا وإنهم لا يحصلون على شهادة دراسية بعد انتهاء الدراسة تمكنهم من مواصلة دراستهم الاكاديمية بل يحصلون على تقارير ولا يحصلون على وظائف بعد التخرج بل يعيشون في مجتمع يشعرهم بأنهم متخلفون ومختلفون ومعاقون؟!! ولهذا فإن عدد من أهالي أطفال طيف التوحد في دولة الكويت وللأسف يهاجرون الى دول اخرى لكي يحصل أبنائهم على التعليم المناسب ولمستقبل أفضل وهذا مخالف تماما لما هو الحال عليه في الكثير من دول العالم ومن هذه التجارب نجد أن في امريكا وبريطانيا وكندا واستراليا وجنوب افريقيا و حتى في دول قريبة كالسعودية و الامارات ولبنان وغيرها يتم دمج هؤلاء الاطفال لتطوير قدراتهم ووظائفهم عن طريق عمل خطة متكاملة تشرف عليها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع جهات مختلفة ذات صلة باضطراب التوحد مثل مركز التوحد أو وحدة الطب التطوري أو غيرها من جهات الاختصاص. إن الهدف الرئيسي من الدمج التعليمي الشامل هو التفاعل وكسب كثير من الخبرات من خلال الاحتكاك اليومي مع اقرانهم الامر الذي يؤدي الى التكيف الاجتماعي وإتاحة الفرص لأكبر عدد من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد مع غيرهم من الأطفال للانخراط في الحياة الطبيعية، وإتاحة الفرصة للأطفال الطبيعيين التعرف على الأطفال ذوي اضطراب التوحد عن قرب وتقدير مشاكلهم ومساعدتهم على مواجهة متطلبات الحياة ان تطلب الأمر. وأفضل ميزة من مميزات الدمج في وجهة نظر الكثير من المتخصصين أنه يساهم في ازالة المسميات والتصنيفات لهذه الفئة في المستقبل مما يعطي حالة من الشعور بالمساواة والثقة بالنفس لهم و لذويهم.

في الختام …

أتمنى من المسؤولين في الدولة وأخص بالذكر وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل ممثلة بالهيئة العامة لشؤون الاعاقة ووزارة التربية و التعليم الاهتمام بموضوع الدمج التعليمي الشامل ووضع الخطط والاستراتيجيات المناسبة لتطبيق هذا الدمج بطريقة صحيحة وأن تحذوا حذو الدول الأخرى فنحن في دولة الكويت كنا دائما في الريادة في ما يخص الأفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية احتياجاتهم لأنهم بالنهاية هم أبناء الكويت وانظروا لهذه الفئة على ” أنهم مختلفون عنكم … ولكنهم منكم”!!!

للتذكير فقط…!!!

من أشهر العلماء و المشاهير المصابين في اضطراب طيف التوحد “أنشتاين” العالم الفيزيائي صاحب النظرية النسبية و “موزارت” ويعتبر من أشهر الموسيقيين على مستوى التاريخ و “جان بياجيه” وهو بروفسور في علم النفس في جامعة جينيفا وله العديد من النظريات في مجاله و”تمبل غراندن” وهي بروفسور في علم الحيوان في جامعة كولورادو ومؤلفة للكتاب الأكثر مبيعاً، وايضا “بل غيتس” مؤسس شركة مايكروسوفت ومتربع على قائمة اغنى رجل في العالم لسنوات عديدة والقائمة طويلة جدا!!

الكاتب:

د. حسين فولاذ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock