كتاب أكاديميا

مستقبل الكويت وطموح شبابها

 

abdel copy

أكاديما| كتب أ.د. عبداللطيف بن نخي

فاجأنا أحد النواب بسيل من الأسئلة الاستنكارية لبرامج البكالوريوس التطبيقية القائمة والمنظور استحداثها في كليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب فقط، من دون الاشارة إلى البرامج المناظرة في الجامعات والكليات الخاصة بالكويت. في سياق ردي على تلك المغالطات، أشرت في مقال الاسبوع الماضي إلى أن قانون إنشاء الهيئة لا يمنعها من تقديم برامج بكالوريوس تطبيقية. كما أوضحت أن العلاقة، بين برامج البكالوريوس الأكاديمية ونظيراتها التطبيقية، تكاملية وليست تعارضية كما يعتقد السائل. لذلك سأكتفي في هذا المقال بمعالجة تساؤلاته الأخرى من منظور برنامج بكالوريوس تكنولوجيا الميكانيكا الجاهز للإقرار ثم البدء باستقبال الطلبة.

قررت كلية الدراسات التكنولوجية في عام 2004 استحداث برامج بكالوريوس في تخصصات تكنولوجية عدة استجابة لتوصيات دراسة تفصيلية عن حاجة سوق العمل. وبعد إنهاء وثائق استحداث ثلاثة برامج بكالوريوس، تقرر رفع برنامج واحد إلى مجلس إدارة الهيئة، ووقع الاختيار على تكنولوجيا الهندسة الكيميائية. في عام 2010 أقر مجلس الإدارة البرنامج وبدأ باستقبال المستجدين. برنامج بكالوريوس تكنولوجيا الهندسة الميكانيكية كان أحد البرنامجين اللذين جمدا لحين الانتهاء من إجراءات برنامج الكيميائية. لذلك تجدد طلب استحداث برنامج الميكانيكا بعد تحديث دراسة حاجة سوق العمل لمخرجات البرنامج لضمان صلاحية مبررات الاستحداث.

استقصاء حاجة سوق العمل نفذ عبر مسارين: مباشر وغير مباشر. نتائج الآلية المباشرة مبنية على مراسلات مع جهات عدة في القطاعين العام والخاص بشأن حاجتها لمهندسي الميكانيكا «التكنولوجيين» على مدى 5 سنوات. وفق الردود التي وصلت فإن الحاجة السنوية تزيد على 50 خريجا. وتم تأكيد هذه النتيجة من خلال المنهجية غير المباشرة التي تضمنت: تحليل التركيبة الحالية للمهندسين بسوق العمل، ودراسة بيانات خريجي كلية الهندسة بالجامعة، وتمحيص بيانات الحاصلين على بكالوريوس الهندسة من خلال البعثات الدراسية الخارجية، ومعاينة بيانات المهندسين العاملين في القطاع الخاص.

الجدير بالذكر أن الحاجة يفترض أن تتضاعف إن تقرر تحقيق توازن (من حيث الجنسية) في تركيبة القوى العاملة من مهندسي الميكانيكا. لاشك بأن هذه الدراسة التفصيلية كفيلة بتبديد مخاوف النائب بشأن حاجة سوق العمل للمهندسين الميكانيكيين التكنولوجيين.

لقد حرصت لجنة، إعداد دراسة استحداث برنامج بكالوريوس تكنولوجيا الميكانيكا، على مقارنة البرنامج المقترح مع خمسة برامج تكنولوجية مناظرة في الولايات المتحدة الاميركية. نتائج البحث المقارن أكدت وجود اتساق واضح بين البرامج الستة. كما أن البرنامج التكنولوجي المقترح استحداثه مبني على برنامج دبلوم معتمد أكاديميا من قبل مجلس «أبت» (ABET) وهو المجلس ذاته الذي اعتمد برنامج الهندسة الميكانيكية بالجامعة. بالإضافة إلى أن مناهج البرنامج التكنولوجي المقترح أعدت وفق معايير مجلس «أبت»، ومن المقرر مراسلة «أبت» لاعتماد البرنامج بعد تخريج عدد من الطلبة تماشيا مع اشتراطاته. وبذلك نكون قد أزلنا عائقاً آخر في مسيرة إقرار البرنامج المقترح.

لابد من الاشارة إلى أن دراسة استحداث برنامج الميكانيكا حصلت في مارس 2014 على مباركة ضمنية من جامعة الكويت وسوق العمل عبر ممثليها في مجلس كلية الدراسات التكنولوجية وهم: نائب مدير جامعة الكويت للأبحاث أ. د. حسن السند والوكيل المساعد للتخطيط والتدريب بوزارة الكهرباء والماء د. مشعان العتيبي والرئيس التنفيذي للشركة الكويتية لنفط الخليج د. علي الشمري والمستشار العلمي بمعهد الكويت للأبحاث العلمية د. إبراهيم الشريدة. وجميعهم أكاديميون منخرطون في سوق عمل مهندسي الميكانيكا التكنولوجية.

دعوت مراراً ومازلت أدعو المعنيين بالتعليم العالي، ومن بينهم النواب، إلى تجنب الحلول الترقيعية وتبني منهجية مؤسسية شاملة لإصلاح التعليم العالي. قد يكون مقبولا منا نحن الموظفين اللجوء أحيانا للإصلاح الترقيعي، ولكنه معيب للقياديين أو لمن يملك التشريع والرقابة على الحكومة. لدينا مؤسسات وطنية معنية بتطوير التعليم العالي وتستحق الدعم، ومنها الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم ومجلس الجامعات الخاصة.

لذلك أناشد البرلمان بدعم هاتين المؤسستين على المستويين التشريعي والرقابي، وليس من خلال التدخل المباشر في اختصاصاتهما. هناك فرق شاسع بين الرقابة البرلمانية من خلال أدواتها ومؤشراتها وبين مزاحمة القياديين في مهامهم.

التجارب تؤكد أن خروقات بعض النواب لمبدأ الفصل بين السلطات غالبا ما تقترن بابتزاز سياسي يجب على الوزير المعني، بمعية الحكومة والمجتمع، التصدي له وإيقافه. فلنتقِ الله في مستقبل الكويت وطموح شبابها.

أ.د. عبداللطيف بن نخي

[email protected]


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock