أيها الراقدون تحت التراب .. أفيقوا!! بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
العباقرة و المبدعون هم الثروة الحقيقية لأى مجتمع وتبرز قيمتهم بمقدار ما يتركوه من بصمة على مجتمعاتهم ، وعندما نتحدث عن العبقرية والإبداع لا شك أن أول ما يقفز إلى أذهاننا هم رواد البحث العلمى الطبيعى فى مختلف تخصصاتهم لما يقدموه من خدمات عظيمة للبشرية أجمع .
ونحن إذ نشعر بالفخر عندما نجد عقول عربية تشارك فى هذا المحفل الحضارى العلمى العالمى إلا أن شعورنا بالفخر يزداد عندما نجد بينهم شابة سعودية هى الدكتورة غادة المطيرى والتى تعمل كبروفيسور فى النانو تكنولوجى بجامعة كاليفورنيا فى سان دييجو وهى من أسرة نشأت على حب العلم والمعرفة حيث أتمت غادة دراستها الثانوية فى جده ثم هاجرت مع أسرتها إلى الولايات المتحدة لتبدأ فى تحقيق أحلامها فى مجال الكيمياء الحيوية وهندسة النانو ، حتى وصلت إلى فوزها بجائزة الإبداع العلمى من أكبر منظمة تهتم بالبحث العلمى فى أمريكا وهى منظمة إتش اى ان حيث فازت الدكتورة غادة بالجائزة الأولى من عشرة آلاف بحث مقدم بالإضافة إلى إختيار بحثها العلمى من الكونجرس الامريكى كواحد من أهم أربعة أبحاث علمية فى عام 2012 ، هذا الإكتشاف العظيم بإختصار هو نقلة كبيرة فى عالم الطب حيث سيكون العلاج وإجراء العمليات بدون جراحة وسيتم إستبدال مبضع الجراح بتسليط الضوء عن طريق شرائح رقيقة من شعاع الفوتون إلى المنطقة المصابة لعلاجها وهى تتميز عن الليزر بأن هذه التقنية الحديثة لن تسبب أى ضرر للخلايا المحيطة بالمنطقة المصابة كما يفعل الليزر .
وعلى الرغم من سعادتنا وفخرنا بهذا الإنجاز إلا أن ذلك يضعنا نحن الأمة العربية والإسلامية أمام حقائق ووقائع محزنة نعيشها فى هذه المنطقة بجغرافيتها وتاريخها وعاداتها وتقاليدها التى تأبى إلا ان تضع تصنيفا وتمييزا وفرزا غير منصف وغير عادل لأبناء الوطن الواحد على أساس العرق والمذهب والجنس وغيرها من التصنيفات التى لا تتوقف عند حد والتى تحرمنا من تهيئة المناخ العلمى والمعرفى والثقافى الذى يجب أن ينشأ عليه أبنائنا حتى لا نحرم من إسهاماتهم ويستفيد بها الآخرون .
فى الوقت الذى يكرم فيه العالم المتقدم الدكتورة غادة بترجمة أبحاثها ومنحها الجوائز وعقد المؤتمرات العلمية ننشغل نحن كالعادة بالصراعات السياسية والحزبية والطائفية والعنصرية بكل ألوانها ونكتفى بتوجيه اللوم للعالم بأنه يتآمر علينا ونحن فى غنى عن ذلك لأننا نفعل فى انفسنا ما لم يفعله فينا غيرنا ، إنجاز العالمة السعودية الشابة غادة المطيرى كشف لنا بوضوح مدى تأثير الخرافة والتعصب على العقل العربى حتى أصبحنا لا نحرك أى ساكن فى القضايا المهمة التى يوجه إلينا النقد فيها مثل حقوق الإنسان والمرأة والحريات فى العالم العربى بل ونتبجح بنظرية المؤامرة !! أى مؤامرة أيها الراقدون تحت التراب ؟.