كتاب أكاديميا

منظومة دول مجلس التعاون الخليجي والإستراتيجية النفطية

Screenshot ٢٠١٥-٠٢-٠٧-٢٠-٢٩-١٣-1

 

د. محمد الدويهيس

عندما أنشئ مجلس التعاون الخليجي قبل أكثر من 30 عاما كان الهدف الرئيسى من إنشائه هو التعاون والتنسيق والتكامل بين دول المجلس في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية ولإيجاد قوة خليجية مؤثرة ترعي مصالح الدول الأعضاء وكذلك مصالح مواطني هذه الدول وكذلك التعاون والتنسيق للمواقف في القضايا الإقليمية و الدولية ومزيدا من التكامل بين الدول الاعضاء في المجلس.
وقد حقق مجلس التعاون الخليجي بعض النجاحات على مدى الثلاثين سنة الماضية، ولكن هذه النجاحات المتواضعة لا ترقى الى مستوى الطموح والآمال المعقودة على المجلس.
وقد كان للمجلس دورا كبير في حل العديد من المشاكل الاقتصادية والخلافات السياسية الآنية التي حدثت بين أعضائه، بفضل بعد النظر والحكمة التي يتمتع بها أصحاب السمو والجلالة والفخامة ملوك ورؤساء وحكام دول المجلس وبفضل الروابط الأخوية الصادقة بينهم، ولإيمانهم التام بأن الخلافات التي تقع بسبب سوء الفهم في بعض المواقف أقل بكثير من قوة وروابط الأخوة والجوار والمصير المشترك الذي يربط دول المجلس وأبنائه.
وفي اعتقادنا ان الاختلاف في وجهات النظر بسبب المصالح الاقتصادية والاستثمارية أ مر طبيعي ومتوقع أن يحصل بين الدول وليس بالغريب أن يحدث خاصة في ظل تغيرات اقتصادية واجتماعية وتكنولوجية وسياسية متسارعة ، أضف إلى ذلك حلول موعد بعض الاتفاقات الدولية والثنائية لبعض أعضاء المجلس حيز وموعد التنفيذ.
وفي ظل الظروف العالمية والصراعات السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والتحركات النشطة في المنطقة بالإضافة الي الانحدار والهبوط المتسارع في أسعار النفط والتغيرات التي طرأت على أسواق النفط العالمية سواء بسبب زيادة العرض عن الطلب أو لأسباب جغرافية و سياسية أو بسبب توفر مصادر الطاقة البديلة والمتجددة أو زيادة انتاج الغاز والزيت الصخري أو بسبب زيادة الاستثمارات الهائلة في الصناعة النفطية والاكتشافات الجديدة في انتاج واستخراج النفط والمنتجات الغازية والبترولية وتسويقها إقليميا وعالميا، في ظل هذه التغيرات السريعة لابد لدول مجلس التعاون الخليجي من تنسيق المواقف بينها في مجال استخراج وإنتاج وتسويق الصناعة النفطية.
ومن خلال خبرتي وتتبعي للخطط والمشاريع النفطية المختلفة في دول مجلس التعاون الخليجي ،أرى أن هناك ضعف في الخطط الاستراتيجية في مجال النفط والغاز في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي و نقص بالتنسيق بين المشاريع النفطية الحيوية الكبرى و المقامة حاليا وكذلك التي تنوي بعض دول الأعضاء القيام بها في السنوات القادمة، بل انه في بعض المشاريع النفطية الحالية والمستقبلية قد نصل ليس فقط لمرحلة التنافس بل الصراع على بعض الاسواق والمشاريع النفطية الحيوية سواء في منطقة الخليج العربي أو في الاسواق العالمية.
ومن هنا أجد أنه لا بد من الاتفاق على إيجاد استراتيجية نفطية تؤدي الي تفعيل دور مجلس التعاون الخليجي في هذا المجال للمزيد من التعاون والتكامل والحد من التنافس والصراع على بعض الاسواق النفطية والمشاريع النفطية الكبرى سواء داخل دول المجلس أو في الاسواق النفطية العالمية وأهمية زيادة التنسيق والتكامل بين هذه المشاريع وذلك من خلال استحداث وإنشاء إدارة متخصصة في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تعنى بالشؤون الاستراتيجية والمشاريع النفطية الكبرى ليس فقط في القطاع الحكومي بل في القطاع الخاص بدول المجلس وتكون هذه الادارة الاستراتيجية التنظيمية نشطة وفعالة في متابعة كل ما يتعلق بالصناعة النفطية ليس فقط في دول المجلس بل بمتابعة ودراسة ما يدور في العالم حول النفط والغاز والصناعة النفطية بشكل عام وعلاقتها وأثرها على البيئة والتنمية المستدامة.
اعتقد أن الوقت لا يسير في صالح المزيد من التأخير في إيجاد هذه الادارة التنظيمية الاستراتيجية للمشاريع النفطية الخليجية في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، بل إن التأخير في استحداثها سيؤدي إلي المزيد من التداخل والتعارض في المصالح وزيادة التنافس والصراع بدلا من التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي ويضر بالمصالح المشتركة التي تربط بين دول مجلس التعاون الخليجي على المدى البعيد.
كلي أمل و ثقة بأن يجد اقتراحي باستحداث «ادارة للتخطيط الاستراتيجي متخصصة في مجال صناعة النفط والغاز وتسويقهما إقليميا ودوليا» القبول من المهتمين بالصناعة النفطية ومن المسؤولين في الأمانة العامة والمجلس الاستشاري ووزراء النفط في دول مجلس التعاون الخليجي وكل من يهمه أمر النفط والصناعة النفطية بدول المجلس، فالنفط الذي يمثل الدخل الرئيسي لأغلب دول المجلس والمنتج والسلعة التي يتوقف عليها ليس فقط التقدم والتنمية المستدامة لمواطني ولدول مجلس التعاون الخليجي وازدهارها، بل لشعوب ولدول العالم في مشارق الأرض ومغاربها، فهل نحن واعون لأهمية ما نملك من منتج وخدمة وذهب أسود يمكن أن ينير الطريق لنا ويزيد من التنسيق والتعاون والتكامل بين دول المجلس بدلا من أن يكون سببا في خلافاتنا ومعيقا للتنمية البشرية والمشاريع الاقتصادية الكبرى في دول المجلس؟!
أمنية أتمنى أن تتحقق لأن التخطيط الاستراتيجي في صناعة النفط والغاز لم بعد خيارا بل أمرا لابد منه.
ودمتم سالمين،،،

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock