كتاب أكاديميا

أنس ما تعلمته

 

 

 

 

 

الخبرة أحياناً تشلّ القدرة على الابتكار، فأنت متحيّز لما تعرفه!

 

 

 

أن تتخلى عما تعلمته إذا تأكد لك أن مدة صلاحيته انتهت، من مهارات القرن 21. لماذا؟

لأن كل شيء يتغير بسرعة، ويلغي ما قبله. تخيّل: كنا عندما نتصل نلف قرص التلفون، ثم جاء الإيميل بضغطة زر، والآن كل شيء باللمس، وحتى هذه أصبحت لها موديلات متجددة. وكل واحدة من هذه التقنيات كان لها كتالوغ، وكنا نقرأ كل كتالوغ بعقلية أنه ليس بالإمكان ابدع مما كان، ثم نكتشف أن ما تعلمناه للتو انقرض، وان علينا ان نتعلم المهارة الأحدث، التي ستنقرض هي ايضا بعد مدة. ولهذا تجد ان «غوغل» تعيّن الخريجين الجدد، وليس اصحاب الخبرات، لأن الخبرة احيانا تشلّ القدرة على الابتكار، فأنت متحيّز لما تعرفه، وصعب مع السن والعادة ان تتغير. ولذلك ليس عند كل شخص الاستعداد في انه يتخلى عما تعلمه، لأن أساس ثقافتنا الوظيفية قائم على مفردات تبجّل الأقدمية، والخبرة، وعلى ان قيمة الفرد هي في عدد السنوات التي مارس فيها الشيء نفسه، وكلما زاد عدد السنوات زادت قيمته (المفترض العكس!)، وبالتالي، المجتمع نفسه لا يشجّعك على ان تجدد نفسك، لأن التجديد يعني ان تبدأ من الصفر، ولا أحد يحترم الصفر.

هل تصدّق ان اهم عشر وظائف في سنة 2013 لم تكن موجودة في 2004؟ وان بعض ما تعلمه الجامعي في السنة الأولى سيندثر عندما يتخرّج؟ ما معنى هذا الكلام؟ معناه اننا سنصل إلى مرحلة ان لم يكن لديك الاستعداد لأن تعمل delete لما تعلمته حتى تفسح في ذاكرتك مكانا لمعلومات احدث، فإنك ستنقرض انت ايضا. والجامعات المتقدمة انتبهت لهذا، فصارت تدرّب طلبتها على مهارات لتكنولوجيا لم تبتكر بعد، وعلى القدرة على حل مشكلات لا يعرف احد بعد انها مشكلات، يعني لم يعد التعليم يبني مهارات آنيّة فقط، ولكن متوقعّة كذلك، وان لم تكن الآن مطلوبة. ونسيان ما تعلمته يتطلب عقلية مرنة، ومنفتحة، ولديها طول نفس، واستعداد متجدد لأن تتعلم وتنسى، ثم تتعلم وتترك.. وهكذا، لأنها عقلية تعرف ان هذه هي سنّة العصر، وتدرك ان التحدي لم يعد ان تتعلم وبس (learn) ولكن ان تتخلى عن الذي تعلمته ايضا (unlearn) – وهذه هي الشطارة الحقيقية!

 

 

د. هشام العوضي

القبس

 

image1.JPG

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock