كتاب أكاديميا

د. صالح الإبراهيم يكتب الفساد أصيل في جامعة الكويت

كتبت في شهر أغسطس حول “الفساد في جامعة الكويت”، وفرضية وجود شبهات للفساد في نظام التعيينات للوظائف القيادية والإشرافية وتجاوز القانون وما يوازيه من عبث بالمال العام وإرهاق النظام المالي للدولة. حتى جاء سبتمبر الحالي بالتقرير السنوي 2019-2020 لديوان المحاسبة وفيه ثلاثون صفحة من المخالفات الجسيمة تخص الجامعة، لتؤكد ما افترضته جدلاً من تعيينات في المناصب القيادية وبعض نواب المدير وعمداء الكليات ومساعديهم بالمخالفة للقانون رقم (76) لسنة 2019 في شأن الجامعات الحكومية، وتجديد تعيين بعض رؤساء الأقسام العلمية ومخالفة المادة (21) من القانون ذاته. وبمقابلته رسمياً مع مجموعة من الزملاء، وضحنا لمدير الجامعة شفوياً وكتابياً تلك المخالفة (شهر أغسطس)، وقد أقر بعدم علمه بالمادة (21) وبأنّه سيتراجع عن قراره إن كان معيباً، ولكن لم يتغير شيء إلى يومنا هذا ونحن في أواخر شهر سبتمبر.
إنَّ صدور تقرير ديوان المحاسبة وهي أعلى سلطة رقابة محاسبية يؤكد “فرضية الفساد الأصيل في جامعة الكويت”، وأنَّ الالتزام بالقوانين وتطبيقها يعتبر استثناء تدنت نماذجه. ومن هنا يجب محاسبة وعقاب جميع من كان لهم دور في ذلك التضليل أو إخفاء اللوائح عن صاحب القرار. إذ لا يعقل أن يغفل طاقم المكتب الفني ومستشاريه عن مواد القانون (76) وصياغة القرارات لمدير الجامعة لإمضائها دون أدنى فحص وتحقيق. إنَّ منح بدلات التمثيل وطبيعة العمل التي صرفت على من تمَّ تعيينهم وفقاً لقرارات معيبة وباطلة تمثل عبثاً بالمال العام. ولذا يجب تجريد كل من تمَّ تعيينه أو تجديد تعيينه بقرارات معيبة وإرجاع البدلات المالية التي استولوا عليها بقرارات باطلة. فبعد صدور تقرير الديوان أصبح من غير اللائق اللجوء للمحاكم وإرهاق النظام القضائي من أجل تعطيل هذه القرارات، فبطلانها أصبح مستحقاً وعلى المتجاوزين أن يتنحوا حفظاً لما تبقى من ماء الوجه قبل أن تتم تنحيتهم.
إنَّ نظام التعيينات والترقيات والبعثات في جامعة الكويت تشوبه الكثير من المخالفات القانونية التي تزكم الأنوف. وتتم أغلب مخالفاتها تحت رعاية بعض أصحاب المناصب القيادية والمنتفعين من أدوات الفساد الذين يعملون بتناغم على محاربة من يفشي سرها. وللتحقق من ذلك، يمكن الإيعاز لجهة رقابية نزيهة ومحايدة للاطلاع على محاضر اجتماعات لجان التعيينات والترقيات والبعثات على مستوى الأقسام العلمية والكليات وفحصها، والبدء بكلية التربية، فهي أولى من غيرها لعرض نزاهتها وتبرئة ساحتها.
إنَّ إدارة جامعة الكويت تتطلب قيادة واعية بأساليب العمل الإداري ومطلعة على الفقه القانوني حتى تدير العمل المؤسسي وفقاً لأعلى معايير النزاهة، وتطبيق القانون لحماية الموارد البشرية والمال العام، والعمل على تعديل التصنيف العالمي المتدني. فتسليم دفة القيادة لأساتذة مخضرمين في تخصصات الطب والهندسة والتربية والعلوم الاجتماعية والعلوم وغيرها لن يحقق الكثير. فكل منهم قامة علمية في تخصصه، فقط لا غير. على مجلس الوزراء أن يوكل منصب إدارة الجامعة الى شخصية تتمتع بالاستقلالية ولا تكون أداة لأي انتماء فئوي أو حزبي، كي تعيد الحق الى الجادة الصحيحة، وتعمل على اختيار النواب والعمداء ورؤساء الأقسام بما يحقق النفع العام للمؤسسة العلمية بعيداً عن تبادل المصالح والتنفيع والفئوية.

د. صالح الإبراهيم
كلية التربية – جامعة الكويت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock